الأربعاء 2017/08/02

آخر تحديث: 12:33 (بيروت)

ريف حمص الشمالي: مسودة اتفاق روسي..وتصعيد من "الهيئة"

الأربعاء 2017/08/02
ريف حمص الشمالي: مسودة اتفاق روسي..وتصعيد من "الهيئة"
وجود حالة تأهب لمقاتلي الفصائل في مدن وبلدات الريف (انترنت)
increase حجم الخط decrease
يواجه ريف حمص الشمالي أياماً عصيبة، وتصعيداً عسكرياً من قبل النظام، وسط مخاطر اندلاع اقتتال داخلي، تزامناً مع جملة من التغيرات على صعيد التحالفات والاندماجات العسكرية، استعداداً لمرحلة مفصلية، كما يعتبرها قادة المعارضة العسكرية.

ويشهد ريف حمص الشمالي المُحاصر، اجتماعات يومية مكثفة بين قادة الفصائل العسكرية ذات "الفكر الثوري" مع قادة "حركة أحرار الشام" لبحث تهديد "هيئة تحرير الشام" وكيفية مواجهة أي سيناريو إقتتال قد يطرأ بين الطرفين على غرار ما جرى في "مناطق خفض التصعيد" الأخرى المنبثقة عن اجتماع أستانة في أيار/مايو 2017.

وذكرت مصادر أهلية من ريف حمص الشمالي، لـ"المدن"، وجود حالة تأهب لمقاتلي الفصائل في مدن وبلدات الريف، مع تحرك الآليات العسكرية الثقيلة والمدرعات ليلاً. وهو ما أكده قيادي من "جيش التوحيد"، في حديثه لـ"المدن"، بأن شرارة المعركة متوقفة على من يطلق الرصاصة الأولى.

حالة التوتر بين "تحرير الشام/جبهة النصرة" مع بقية فصائل المعارضة في ريف حمص، مستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام، هاجمت خلالها "الهيئة" بعض فصائل المعارضة بتهمة الانتماء لتنظيم "الدولة الإسلامية" أو التعامل مع النظام، استناداً الى قرارات من "المحكمة الشرعية" التي كانت تهيمن عليها حينها "حركة أحرار الشام". الأمر الذي دفع عدداً من أهالي ريف حمص الشمالي وناشطين إعلاميين، إلى تحميل "حركة أحرار الشام" مسؤولية ما وصلت إليها الأمور في المنطقة.

وقد عزز حالة التوتر بين "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة، تسليم الجانب الروسي لقادة الفصائل في ريف حمص، مسودة اتفاق، حملت في جعبتها جوانب عسكرية واقتصادية وإدارية. وكان من أبرز محتويات "مسودة الاتفاق": مواجهة "القاعدة" فكرياً وعسكرياً، مقابل السماح بدخول البضائع ومواد البناء لإعادة الاعمار في ريف حمص من دون حصر الكميات، بالإضافة إلى تفعيل دور المؤسسات والمجالس المحلية المتواجدة في الريف، من دون التطرق إلى مسألة السلاح لدى تلك الفصائل.

وعلى الرغم من الموافقة المبدئية على المسودة من قبل فصائل المعارضة، إلا أن الخلاف تمحور حول هوية ضامن الاتفاق. ورفضت المعارضة أن يكون الجانب الروسي هو الضامن وطالبت بتولي تركيا دور الضامن للاتفاق. رئيس "تيار الغد" أحمد الجربا، رئيس "الائتلاف الوطني" الأسبق، لعب دور منسق تواصل في التوصل لمسودة الإتفاق في القاهرة، في حين غاب ممثلو فصائل الريف عن الاجتماعات.

وعلى خلفية تسلم المعارضة لمسودة الاتفاق الروسي، نظمت "هيئة تحرير الشام"، الثلاثاء، عرضاً عسكرية في منطقة ديرفول الواقعة في الجيب الشمالي الشرقي من الريف الشمالي، وسبق ذلك تجهيزات عسكرية لـ"الهيئة" على مدار الأسبوعين الماضين من حفر للخنادق وتدشيم للمقرات التابعة لها.

وقال مصدر مقرب من "هيئة تحرير الشام" في ريف حمص الشمالي لـ"المدن"، إن "الهيئة" نظّمت دورات "شرعية" أخرها قبل أيام تمحورت حول إمكانية الإقتتال مع فصائل أخرى أسوة بما حدث في إدلب والشمال السوري.

وعلى خلفية ذلك، توالت بيانات الانضمام إلى "جيش التوحيد"، ذي الطابع "الثوري"، لتشكيل جسم قوي متماسك في مواجهة "هيئة تحرير الشام" من جهة، وتوحيد القرار ضمن المحادثات ومناقشة بنود الاتفاق الروسي من جهة أخرى.

وتأسس "جيش التوحيد" في تلبيسة من ريف حمص الشمالي، في أيار/مايو 2015، وضم غالبية كتائب وآلوية المدينة، ومن بينها أكبر لواء في المنطقة؛ "لواء الإيمان بالله"، وبعد شهور قليلة أعلنت فصائل من "جيش التوحيد" فك الارتباط به. في العام 2016 انضم "جيش التوحيد" إلى "جبهة الأصالة والتنمية". وفي بداية نيسان/إبريل 2017 انضم "جيش التوحيد" إلى "غرفة عمليات ريف حمص الشمالي" والتي تضم أيضاً "فيلق حمص" و"فيلق الشام" و"حركة أحرار الشام" و"جيش العزة"، وغيرهم.

وأصدرت كبرى القوى في الريف الشمالي، نهاية تموز/يوليو، بياناً حددت فيه المؤسسات التي تمثل المعارضة في حمص، واشترطت أن يُتخذَ القرار بالمشورة في ما بينها، وفي طليعتها "المحكمة الشرعية العليا" و"هيئة علماء الدين في حمص" و"جيش التوحيد" و"حركة أحرار الشام".

ومن جانبه، قال قائد عسكري في "الأحرار"، لـ"المدن"، إنه إذا ما استمرت "هيئة تحرير الشام" في محاولة "عقد تحالفات وإغراء المجموعات القتالية الصغيرة بالمال وغيره، سنكون مضطرين إلى قتالهم وإخراجهم من المنطقة".

وعلى صعيد أخر، عززت الجوانب الاقتصادية والإدارية التي تطرقت لها مسودة الاتفاق الروسية، حالة التوتر بين المؤسسات "الثورية"، التي تعاني من عقلية التفريق المناطقي، وهي حالة ليست بجديدة في الريف الشمالي رغم محاولة "جيش التوحيد" وفصائل أخرى متحالفة معه احتواء الموقف. واعتبر قيادي في "جيش التوحيد"، في حديثه لـ"المدن"، إن "التنازع المناطقي هو خطر لا يقل عن خطورة الاقتتال المسلح والذي تعزز نتيجة سنوات الحصار والضيق في الجوانب المعيشية والخدمية التي شكلت بيئة لظهور العنصرية المناطقية". وأشار القيادي إلى أن تلك "العنصرية المناطقية هي جزء من هدف النظام للمنطقة، والذي طالما كان يعمل على إيجاد نعرات مشابهة لما حدث بداية العام 2013 من تمييز ما بين ثائر من المدينة وثائر من الأرياف".

وبدأ ظهور النزعة المناطقية في ريف حمص المحاصر، منذ أن حدد النظام قرى وبلدات لعقد هدن وفتح ممرات إنسانية لها دون غيرها، ما دفع أهالي البلدات الأخرى إلى اتهام العسكريين في تلك البلدات بتخليهم عن وحدة مصيرهم في الحصار، وعقد اتفاقيات جزئية. الجدل كان قد ظهر مع فتح معبري الدار الكبيرة وتيرمعلة نحو الريف الشمالي، وتحيّدهما عن القصف. ونتيجة لظروف الحصار وندرة الموارد الغذائية والكهرباء، اتهم ناشطون من الرستن "المجلس المحلي في تلبيسة" بإقامة اتفاق سري مع النظام، لتخفيف القصف على تلبيسة مقابل سماح العسكريين في تلبيسة بدخول ورشات صيانة خطوط التوتر العالي، وسط تكثيف الغارات الجوية والقصف المدفعي على الرستن وقرى مجاورة.

وعلى ما يبدو، فقد يشهد ريف حمص الشمالي مرحلة مختلفة عما يجري في مناطق "خفض التصعيد" الأخرى، كالغوطة وإدلب، لما تحمله المنطقة الوسطى من أهمية كبيرة للنظام الذي سعى للحفاظ على تواجده فيها طيلة سنوات الحرب في سوريا.

مسودة الاتفاق الروسي







increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها