الأربعاء 2017/07/05

آخر تحديث: 12:19 (بيروت)

رغم "المصالحة" في الهامة: التهجير القسري مستمر

الأربعاء 2017/07/05
رغم "المصالحة" في الهامة: التهجير القسري مستمر
بعض "المطلوبين" للتهجير من الشباب الـ14 كانوا من أنصار "المصالحة والعودة إلى حضن الوطن" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تشهد بلدة الهامة في ريف دمشق الغربي، تجهيزات لتهجير ما يقارب 70 شخصاً مع عوائلهم، من المقرر خروجهم الإثنين المقبل نحو مدينة إدلب شمالي سوريا. ومعظم من سيتم تهجيرهم كانوا منتمين إلى فصائل المعارضة المسلحة، ممن سلموا سلاحهم سابقاً وابرموا "مصالحة شاملة" وأتموا "تسوية أوضاعهم" لدى أجهزة النظام الأمنية. ومع ذلك، فقد نسبت إلى أولئك تهم جنائية حالت دون اكتسابهم صفة رسمية أو القبول بانخراطهم في صفوف قوات النظام.

وكانت المعارضة في بلدتي الهامة وقدسيا قد أجرت عملية "مصالحة" مع النظام، في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، تم على أساسها تهجير رافضي "التسوية" إلى إدلب، وعودة أجهزة "الدولة" إلى البلدتين. ويشرف "الحرس الجمهوري" و"الأمن السياسي" على ملف "المصالحة" في بلدة الهامة، وهما على علاقة وطيدة مع "لجنة المصالحة". وتُعد "لجنة المصالحة" في بلدة الهامة صاحبة السلطة الأكبر. وجرت في الآونة الأخيرة اجتماعات متكررة لـ"لجنة المصالحة" في ساحة الهامة الرئيسية وفي المسجد وفي مكتب اللجنة، وكان آخرها، الإثنين، والذي تم خلاله إبلاغ 14 شاباً بضرورة تجهيز انفسهم مع من يود مرافقتهم لمغادرة البلدة.

ويسعى النظام إلى إفراغ مناطق "المصالحات" ممن قد يُشكلُ تهديداً مستقبلياً له، حتى ولو كانوا ممن قدموا خدمات واسعة له. لذلك يُصر النظام على تهجير دفعة ثالثة من الهامة، ممن كانوا قد رفضوا المغادرة بسلاحهم في الدفعات السابقة، وهم في أغلبهم ممن لا فرق لديهم بين وجودهم ضمن صفوف الثورة أو النظام، بل يتركز همهم في البقاء ضمن مناطقهم تحت أي مسمى.

إصرار النظام على تهجير بعض "مُصالحيه" تعود إلى حادثة جرت قبل أسابيع في ساحة بلدة الهامة الرئيسية، التي افتتح فيها مؤخراً مكتب لمليشيا "الدفاع الوطني". وبدأت القصة عندما أقدم شاب من منطقة جمرايا المحاذية للهامة، على قيادة سيارته بسرعة و"التفحيط" خلال دورانه حول الساحة. الأمر الذي استفز عناصر "الدفاع الوطني" ما تسبب في نشوب شجار تطور إلى عراك واعتقال الشاب واقتياده إلى مكتب "الدفاع الوطني"، واستدعاء عضو "مكتب المصالحة" الشيخ بيسار صادق، المكروه من أهالي البلدة. ونتيجة استمرار الشجار في مكتب مليشيا "الدفاع الوطني"، وصل خبر الاعتقال إلى عدد من اصدقاء الشاب الذين تجمعوا وتوجهوا نحو ساحة البلدة، لتتطور الأحداث إلى عراك بالأيدي مع عناصر "الدفاع الوطني" وبيسار صادق. وانتهت الحادثة بإخراج الشاب، بعد تكسير بعض محتويات مكتب المليشيا.

العديد من وجهاء الهامة كانوا قد حاولوا سابقاً إقصاء بيسار عن مكتب "لجنة المصالحة"، لإبقاء "اللجنة" مقبولة لدى الأهالي، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك لأن عائلة صادق من أكبر عوائل البلدة، ولأن بيسار يُعتبر شيخاً مقرباً من النظام. وخشية فقدان حاضنة "لجنة المصالحة" انبثق عنها مجلس آخر يضم عدداً من وجهاء وكبار البلدة.

وبعد أيام قليلة من الحادثة، قام "الشيخ" بيسار صادق، برفع عريضة "تقرير" إلى "الأمن السياسي" تضمنت شكوى بخصوص تهجّم 14 شاباً عليه، أثناء "قيامه بمهامه" في حل نزاع ضمن مكتب تابع لـ"سلطة الدولة وقوات النظام". بيسار أكد في شكواه على التشكيك بسلوك الشباب بعد شهور من "المصالحة" وادعى أنهم يشكون تهديداً للمنطقة وانهم بمثابة "خلايا نائمة".

وبدورهم، قام عناصر مليشيا "الدفاع الوطني" برفع شكوى خطية "تقرير" إلى مفرزة "الأمن السياسي"، تضمنت تفاصيل الهجوم عليهم، وأضيف إليها ملحق ادعى تورط الشباب الـ14 بتجارة المواد الممنوعة والحبوب المخدرة والحشيش.

"الأمن السياسي" دعا "لجنة المصالحة" والوجهاء إلى اجتماع في بناء تابع له على أطراف مدينة قدسيا، قبل عشرة أيام. وترأس الاجتماع العقيد أحمد بدوي ممثلاً عن "فرع السياسية"، موجهاً لـ"اللجنة" والوجهاء نداءً بأنهم "أبناء وطن واحد"، وأنه "من المستحيل أن تتسبب تصرفات فردية بهدم مشروع المصالحة". وأوضح بدوي للحاضرين، أن قيادة "الأمن القومي" علمت بتفاصيل الحادثة وبناءً على ذلك أصدرت قراراً خطياً بإخلاء 14 شاباً من البلدة. لكنه، أضاف بأنه يستطيع التباحث مع "القيادة" كي تعفو عن الشباب، في حال تعهد كل من "لجنة المصالحة" والوجهاء، بضبط تصرفات الشباب. ووافقت "اللجنة" على مقترح العقيد بدوي، وطويت نظرياً صفحة التهجير بعد انتهاء الجلسة، بعدما نظم الوجهاء و"اللجنة" اجتماعاً دعوا إليه الشباب، ونقلوا لهم فحوى اجتماعاتهم، ليتعهد الشباب بضبط أنفسهم.

لكن تسرب خبر تهجير دفعة ثالثة من الهامة إلى الشمال السوري، دفع بعض الأهالي ممن يريدون الخروج إلى تدوين اسمائهم ضمن لائحة خروج. وارتفعت أعداد الراغبين بالخروج من البلدة، خاصة وأن النظام لم يبت في أمر المطلوبين للاحتياط والخدمة الإلزامية بعد مرور أكثر من 6 شهور على "المصالحة".

وبعد شيوع الخبر في البلدة، وصلت تعليمات من "الأمن القومي" نقلها العقيد بدوي، هاتفياً، إلى "مكتب المصالحة"، الإثنين، وتضمنت إبلاغ الشباب الـ14 بضرورة تجهيز انفسهم لمغادرة المنطقة، في 10 تموز/يوليو، ومعهم من يرغب بمرافقتهم. ووصل عدد الراغبين الخروج من البلدة إلى 70 شخصاً.

التخبط استمر بعدما دعا بعض الأهالي إلى تنظيم عصيان مدني رفضاً لعملية التهجير الجديدة، خاصة وأن بعض "المطلوبين" للتهجير من الشباب الـ14 كانوا قد ظهروا في وسائل إعلام النظام، ضمن ندوات مصورة، للحديث عن "واقع المصالحة والعودة إلى حضن الوطن".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها