الخميس 2017/06/01

آخر تحديث: 15:01 (بيروت)

البادية السورية: البنتاغون ضد البنتاغون؟

الخميس 2017/06/01
البادية السورية: البنتاغون ضد البنتاغون؟
سرب من الطائرات الروسية تدخل لصالح المليشيات (انترنت)
increase حجم الخط decrease
على عكس المتوقع، لم يثن القصف الأميركي لموكب يضم مليشيات شيعية مدعومة إيرانياً، في منطقة الزرقة على طريق دمشق-بغداد في 18 أيار/مايو، من التقدم ثانية إلى المنطقة المستهدفة ذاتها، والتي تبعد نحو خمسين كيلومتراً عن معسكر التنف الذي يتمركز فيه "مغاوير الثورة".

إيران عادت ودفعت بأعداد كبيرة من مقاتلي مليشيات استقدمتها من حلب وحمص ومحيط دمشق، لتحاول فرض سيطرتها رويداً رويداً على طريق دمشق-بغداد. ما دفع طيران "التحالف" لرمي قصاصات ورقية تُحذّرُ من الاقتراب من معسكر التنف باعتباره "منطقة تخفيف اشتباك"، وتطالب المليشيات بالعودة إلى نقطة التفتيش في حاجز ظاظا، أي التراجع غرباً بمقدار 35 كيلومتراً.

من جهتها، فصائل الجيش الحر شنت الأربعاء هجوماً معاكساً على حاجز ظاظا ومنطقة السبع بيار، من المحور الجنوبي الموازي لطريق دمشق-بغداد. وفي الظاظا والسبع بيار تمركزت مؤخراً مليشيات عراقية هي "القوة الجعفرية" و"سيد الشهداء" و"لواء القدس" و"الامام علي" و"حزب الله العراقي"، بالإضافة إلى "حركة الأبدال".

وأعلن "جيش أسود الشرقية" أن قواته و"قوات الشهيد أحمد العبدو" يشنون "هجوماً واسعاً على مواقع النظام والمليشيات الإيرانية في البادية السورية ضمن معركة (الأرض لنا)". مدير المكتب الإعلامي لـ"جيش أسود الشرقية" سعد الحاج، قال لـ"المدن"، إن "أسود الشرقية" و"أحمد العبدو" هاجموا مواقع النظام: "بقصف مواقع المليشيات بعشرات صواريخ غراد التي حققت إصابات مباشرة، هرعت سيارات الإسعاف بعدها الى النقاط المستهدفة لنقل المصابين والقتلى الى مطار السين العسكري القريب".

عضو المكتب الإعلامي في "تجمع الشهيد أحمد العبدو" سعيد سيف، قال لـ"المدن" إن "سرباً من الطائرات الروسية تدخل لصالح المليشيات، وقصف محاور انطلاق هجوم اقتحاميينا".

اتفاق "مناطق تخفيف التصعيد" الموقع في مؤتمر استانة-4، بضمانة روسية-تركية-إيرانية، مطلع أيار/مايو، بدأ ينعكس سلباً في البادية السورية على حساب فصائل الجيش الحر التي طردت "داعش" من ريف السويداء الشرقي ومنطقة بير القصب وجبلي دكوة ومكحول، وصولاً إلى العليانية شمالي الطريق الدولي دمشق-بغداد.

ونقلت ايران كامل عناصر المليشيات إلى مناطق الجنوب السوري والبادية، وبدأت، برعاية روسية/ الهجوم على ثلاثة محاور؛ شرقي السويداء وصولاً إلى سد الزلف بهدف اغلاق جزء من الحدود الأردنية باتجاه مخيم الركبان ومحاصرة الفصائل الجيش الحر في بئر قصب وتل دكوة، وارسال تهديد مباشر إلى الأردن بسبب دعمه فصائل المعارضة في معركة المنشية في مدينة درعا. وأدت خسارة محور طريق دمشق بغداد إلى اطباق الحصار على القلمون الشرقي بعد محاولات كثيرة لـ"تجمع أحمد العبدو" و"جيش اسود الشرقية" لكسر الحصار عنه من خلال السيطرة على المحسا جنوب القريتين وبوابة القلمون الوحيدة. ومحور تدمر السخنة؛ حيث تحاول قوات النظام والمليشيات التقدم هناك، وهو الطريق الواصل بين تدمر وديرالزور في عمق البادية السورية.

ايران التي لا تريد الصدام المباشر مع أميركا في المنطقة الإدارية لمعسكر التنف، اتبعت سياسة عزل المعسكر وقطع الطريق أمام "مغاوير الثورة" عن تحرير مدينة البوكمال. فالمليشيات الإيرانية تقدمت إلى منطقة حميمة الواقعة في الحدود الإدارية لمحافظة ديرالزور انطلاقاً من منطقة المحزمات في عمق البادية، قبل أن تعود إلى قواعدها الخلفية. ويعتبر هذا التقدم الرسالة الأهم التي توجهها طهران إلى واشنطن في البادية السورية والسباق إلى ديرالزور. وكانت القوات الأميركية الخاصة، و"مغاوير الثورة"، قد تقدمتا إلى المنطقة ذاتها قبل شهر ونصف، بغاية الاستطلاع وحدث هناك اشتباك مع "داعش".

وفي حال قررت المليشيات التمركز في حميمة، فهذا يعني أن نقطة واحدة تبقى بينها وبين الحدود العراقية، وهي المحطة الثانية، قرب مزرعة "كمب صواب" والتي تعتبر بمثابة بوابة مغلقة في وجه مشروع وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون". حينها، سيُغلق ممر التنف–البوكمال نهائياً في وجه "مغاوير الثورة"، وهي المقيدة بقتال "داعش" فقط، ما سيرتب عبئاً كبيراً على "جيش أسود الشرقية" للوصول إلى البوكمال.

لا شك ان تقدم "الحشد الشعبي" العراقي الى الحدود السورية العراقية، عقّد الخيارات أمام "البنتاغون" الذي ارتضى مشاركة "الحشد" في الحرب ضد "داعش" في العراق. وتجد وزارة الدفاع الأميركية نفسها أمام محاولات اعتداء وتعطيل لمصالحها ومصالح حلفائها في البادية السورية، ما اضطرها إلى استهداف الفرع السوري من المليشيات الإيرانية.

في المقابل، يصح القول إن البنتاغون لم يكن متحمساً لشراكة فصائل عربية في معركة ديرالزور ولا غيرها، إذ إن المبعوث الأميركي إلى "التحالف الدولي" بريت ماكغورك، يفضّلُ الاعتماد على "وحدات حماية الشعب" الكردية. وتجلى ذلك في وضع عراقيل كثيرة منعت ضم مقاتلين جدد إلى "جيش سوريا الجديد" المدعوم أميركياً في السابق. ومُنع "مغاوير الثورة" المدعومة من البنتاغون من المشاركة بأعمال قتالية إلى جانب "جيش اسود الشرقية" و"قوات احمد العبدو" (المدعومتين من "الموك" في الأردن التي تشرف عليها وكالة الاستخبارات الأميركية "سي أي إيه")، ضد "داعش" شمالي الطريق الدولي دمشق-بغداد.

مشهد تبادل القصف بين فصائل الجيش الحر المدعومة من "الموم" (غرفة التنسيق العسكري لدول أصدقاء الشعب السوري، في تركيا) و"وحدات حماية الشعب" المدعومة من البنتاغون، في ريف حلب الشمالي قبل عام ونصف، يبدو أنه سيتكرر هذه المرة بين "الحشد الشعبي" و"وحدات حماية الشعب"، إذ دخل "الحشد الشعبي" قريتي قصيبة والبواردي، الأربعاء، ضمن الأراضي السورية على الحدود، وهي منطقة سيطرة "وحدات الحماية". وربما تندلع قريباً اشتباكات مماثلة بين "مغاوير الثورة" و"الحشد" الذي يحاول التقدم جنوباً على الحدود العراقية إلى القائم مقابل البوكمال، بقيادة قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها