الإثنين 2017/05/22

آخر تحديث: 11:57 (بيروت)

حمص: أيقونة الثورة.. بلا ثوارها

الإثنين 2017/05/22
حمص: أيقونة الثورة.. بلا ثوارها
الكتيبة العسكرية الروسية تمركزت في الجزيرتين السابعة والثامنة السكنيتين من حي الوعر (انترنت)
increase حجم الخط decrease
أعلن محافظ حمص طلال البرازي، الأحد، كامل المدينة "آمنة وخالية من المسلحين"، بعدما أخلي قسراً أكثر من 15 ألف شخص من حي الوعر، آخر معاقل المعارضة في المدينة، تنفيذاً للاتفاق المبرم بين "لجنة التفاوض في حي الوعر" والنظام، برعاية روسية، في آذار/مارس.

وخرجت الدفعة الـ12 والأخيرة من حي الوعر، الأحد، وتضمنت 2100 شخص بينهم 780 مقاتلاً من المعارضة، وذلك تزامناً مع دخول كتيبة روسية قوامها 100 عسكري، برفقة قوات أمنية تابعة لفرعي "الأمن العسكري" و"الأمن السياسي" في حمص إلى داخل الحي.

مصادر محلية من داخل حي الوعر، قالت لـ"المدن"، إن الكتيبة العسكرية الروسية تمركزت في الجزيرتين السابعة والثامنة السكنيتين من حي الوعر، اللتين كانتا جبهة قتال مع المليشيات الشيعية المحاصرة للحي. ومنعت الكتيبة الروسية، مساء الأحد، مجموعة من مقاتلي "لواء الرضا" الشيعي، وهم من قرية المزرعة الملاصقة لحي الوعر، من دخول الحي، أثناء الاحتفالات التي أقامها النظام وبثتها وسائل إعلامه.

وسبق محاولة دخول مقاتلي "لواء الرضا" إلى الوعر، تأكيد لوزير الداخلية اللواء محمد الشعار، خلال لقائه بقوى "الأمن السوري" على ضرورة "تأمين هيبة القانون". وهدفت المليشيات الشيعية من حصارها الطويل لحي الوعر، إلى تهجير سكانه للسيطرة عليه. التهجير تمّ برعاية روسيا، التي دخلت على خط المفاوضات مع ثوار الوعر، لقطع الطريق أمام المليشيات ومنعها من زيادة نفوذها على حساب مؤسسات "الدولة السورية"، وحماية المنشآت والقواعد العسكرية، بعدما باتت القوات الروسية تشكل جزءاً منها.

وبثّ التلفزيون الرسمي، مساء الأحد، احتفالات "شعبية" رافقها رفع لعلم النظام، في ما اعتبر "فرحة الأهالي بدخول الجيش وتأمين الحي"، رغم بقاء نحو 7 آلاف مدني في الحي، جلهم موظفون وعائلاتهم وآخرون أتموا إجراءات "تسوية أوضاعهم الأمنية". واعتبر الطبيب والمفوض السابق من قبل المعارضة لحث النظام على تحسين ظروف الحي، ناصر النقري، في حديثه لـ"المدن"، أن احتفالات الوعر بخروج المسلحين ودخول "الدولة"، وما يقابل ذلك من بكاء الخارجين من الوعر، تعد أقسى صور المأساة السورية، لما تحمله من تناقض وشرخ كبير، إذ أن "فرحة البعض أصبحت مرتبطة بمأساة الآخرين". وأضاف النقري: "على الرغم من ملاحظاتي العديدة على قادة الوعر وثواره، إلا أنه ليس من الأخلاق الرقص على أشلاء حي يبكي أبناءه الذين لا اعتقد أنهم سيعودون يوماً".

وجدد محافظ حمص دعواته لـ15 ألف نسمة من أهالي الحي النازحين سابقاً إلى مناطق النظام، للعودة إلى الحي، بعد تأمينه من "المسلحين". وقد سبقت دعوة البرازي الأخيرة، دعوات كثيرة للنازحين عن أحياء حمص القديمة، للعودة، لكن أحياءهم ما زالت خالية.

وتعمل ورشات صيانة تابعة للمحافظة على تنظيف الشوارع الرئيسية في الحي، بالإضافة إلى إزالة الأنقاض والسواتر الترابية. وتمّ الإبقاء على الدشم الإسمنتية التي أوعزت الكتيبة العسكرية الروسية بوضعها على مداخل حي الوعر، إلى حين بسط "الأمان الكلي" فيه، بحسب ما ذكره لـ"المدن" أحد أبناء الحي ممن ظلوا فيه. وقال أبو جهاد، إن مندوباً عن محافظ حمص برفقة ضابط روسي، أعلموا الأهالي بأن الأمور داخل الحي ستكون أفضل مما كانت عليه، وأن الجنود الروس والشرطة السورية ستمنع أي مظهر مسلح غير حكومي من التواجد داخل الحي، وهم هنا لحماية الحي من أي "مخربين"، بحسب ما قاله مترجم الضابط الروسي.

وأكد محافظ حمص أن الخطوة القادمة لـ"الحكومة السورية" هي "المصالحة" في مدن وبلدت ريف حمص الشمالي، معقل المعارضة الأخير في محافظة حمص.

باخلاء حي الوعر الحمصي، تحولت مدينة حمص إلى أيقونة ثورية خالية من ثوارها، بعدما هُجّرَ مئات الآلاف من أهلها، منذ الحملة العسكرية ربيع العام 2012، إلى دخول الحافلات الخضراء إلى أحياء حمص القديمة في العام 2014، وانتهاءً بحي الوعر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها