الثلاثاء 2017/04/11

آخر تحديث: 16:41 (بيروت)

مصر بين الجماعة الإسلامية و"داعش"

الثلاثاء 2017/04/11
مصر بين الجماعة الإسلامية و"داعش"
AFP ©
increase حجم الخط decrease

دخلت مصر في مواجهة غير تقليدية مع التنظيمات المتشددة في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا والمصابين بين صفوف قوات الجيش والشرطة والمدنيين. ولعل استهداف الأقباط قبل يومين كان الحلقة الأخطر في هذه العمليات، نظراً للاختراق الأمني الكبير الذي حققه تنظيم "داعش" في منطقة كان من المفترض أنها محصنة.

الأحداث الدموية التي شهدتها مصر الاحد الماضي، تعيد إلى الأذهان أياماً قاسية مرّت على مصر، جراء المواجهة الطويلة بين الجماعة الإسلامية ونظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. لكن على الرغم من طول مدة المواجهة التي استمرت نحو عقد من الزمن، إلا أنه لم يسقط من قوات الأمن سوى بضع عشرات من القتلى والجرحى، وكان الجيش بعيداً عن تلك المواجهات، في حين سقط خلال أقل من 4 سنوات من عهد السيسي المئات من عناصر الجيش والشرطة.


تلك الفروقات في حجم الخسائر تكشف عن نجاح مبارك في إدارة هذا النوع من الأزمات، فالعناصر المتطرفة لم تستطع تنفيذ عمليات نوعية كبيرة سوى عملية اغتيال رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب، ومذبحة الأقصر، لكن في عهد السيسي بدت مصر وكأنها تنهار أمام هجمات المتطرفين. فوقعت العشرات من العمليات النوعية المعقدة، من بينها تفجير مبنى مديرية أمن القاهرة وتفجير مبنى مديرية أمن الدقهلية، ومبني المخابرات الحربية في الاسماعيلية، وتفجير الطائرة الروسية، واغتيال النائب العام هشام بركات، وتفجير كنيستي طنطا والاسكندرية، بالإضافة إلى عشرات العمليات الأخرى.


عندما اشتدت المواجهات بين الجماعة الإسلامية ونظام مبارك في تسعينات القرن الماضي، اختار وزير الداخلية آنذاك اللواء محمد عبدالحليم موسى طريق الحوار مع قيادات الجماعة الموجودين في السجون للخروج من دوامة العنف، وأرسل إليهم الشيخ محمد متولي الشعراوي لمحاورتهم. أراد عبدالحليم موسى، الذي كان يلقب بشيخ العرب لكثرة مشاركته في جلسات التحكيم العرفي، أن يقوم بهذه الخطوة منفرداً، بعيداً عن القيادة السياسية، وحين علم مبارك بالأمر أقاله، وعين مكانه اللواء حسن الألفي وزيراً للداخلية.


استوعب الألفي الدرس وقرر تصعيد المواجهة الأمنية مع التيارات الجهادية والجماعة الإسلامية، واستمر السجال بين الدولة وتلك الجماعات إلى أن وقعت مذبحة الأقصر عام 1997، والتي راح ضحيتها 58 سائحاً. وآنذاك أقال مبارك، في اليوم نفسه، حسن الألفي وأهانه أمام كاميرات التلفزيون .وبعد تلك الواقعة، وفي العام نفسه، أعلنت الجماعة الإسلامية من جانب واحد عن مبادرة لوقف العنف نهائياً.

ورغم أن مبارك كان يرفض الحوار مع تلك الجماعات، إلا أنه خضع لهذا الخيار بعد فشل الحلول الأمنية. وبحسب ما يذكر الصحافي مكرم محمد أحمد، الذي كان مقرباً من مبارك وأجرى حوارات مع القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية المحتجزين في سجن عقرب، فإن تلك الحوارات التي جرت بين نظام مبارك والجماعة الإسلامية أفضت إلى مراجعة فكرية أجرتها الأخيرة وأنهت المواجهة الدموية.

في عهد مبارك كانت قيادات الجماعات الجهادية والجماعة الإسلامية معروفة، وطرق الوصول إليها وإجراء الاتفاقات والحوار ممكنة، كما أن مبارك حيّد جماعة الإخوان المسلمين عن ذلك الصراع، واستخدمها في المواجهة الفكرية مع الجهاديين والجماعة الإسلامية، لمنع تمددهم ومحاصرة تأثيرهم داخل المجتمع، في حين يبدو هذا الأمر في عهد السيسي شبه مستحيل، خصوصاً وأنه دخل في مواجهة دموية مع الإخوان بعد أن أزاحهم من السلطة، وهيّأ كل الظروف لجعل عدد كبير من الشبان يسلكون طريق التطرف، فضلاً عن عدم استعداده لطلب استقالة وزير الداخلية على أقل تقدير، فهو يرفض دوماً الاعتراف بتقصير الأجهزة الأمنية، وقد قال في أعقاب تفجير الكنيسة البطرسية إنه يجب ألا يتحدث أحد عن التقصير، لأنه يرى أن الأجهزة الأمنية حققت نجاحاً غير مسبوق في مواجهة الإرهاب في سيناء.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها