السبت 2017/02/18

آخر تحديث: 12:29 (بيروت)

إتفاق القلمون لا يشمل مهجري القصير

السبت 2017/02/18
إتفاق القلمون لا يشمل مهجري القصير
عودة كافة المهجّرين السوريين في لبنان، لا كما يريد "حزب الله" عودة أهالي القلمون فقط (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تشكل مناطق القلمون السوري وجرود عرسال اللبنانية، مواقع استراتيجية مهمة، تتصارع عليها قوى ومليشيات متعددة، تُجري مفاوضات بشكل شبه سري حول مصيرها، ومصير اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية.

"لجنة المدنيين" المكلفة من قبل المعارضة، وتضم وجهاء وأعيان من قرى القلمون الغربي التي يتم التفاوض بشأنها، تتحدث باسم "سرايا أهل الشام"، وهي غير مخوّلة باتخاذ أي قرار من دون الرجوع إلى "السرايا". وعُرف من "لجنة المدنيين" أبو طه، الذي حضر اجتماعات في بعلبك اللبنانية قبل أسبوع، مع الضابط في مليشيا "حزب الله" أبو عباس، وضابط من الاستخبارات اللبنانية، وضابط من الاستخبارات السورية ممثلاً عن "الأمن القومي" الذي يترأسه اللواء علي مملوك.

الناطق الرسمي باسم "سرايا أهل الشام" حسين أبو علي، قال لـ"المدن"، إن آخر اجتماع، قدّمت فيه المعارضة مطالبها، وشملت نقاطاً ما تزال قيد الدرس من قبل بقية الأطراف. وأهم تلك النقاط؛ عودة كافة المهجّرين السوريين في لبنان، الراغبين بالعودة، إلى مناطقهم، كبديل عن بند تقدّم به "حزب الله" وخصّ بالعودة أهالي القلمون فقط. كما تريد المعارضة الإبقاء على مناطق جرود المعرة وجرود فليطة، ضمن مناطق سيطرة "السرايا".

وأضاف أبو علي، بأن المبادرة التي أطلقت من بيروت، في 9 شباط/فبراير، بخصوص عودة اللاجئين السوريين، وحضرها النائب السوري السابق محمد حبش، تمت بحضور شخصيات معارضة محسوبة على النظام، وتعمل على إعادة الحاضنة الشعبية إلى "حضن الوطن"، لا أكثر. أبو علي قال: "كان اجتماع النظام مع النظام، لإعادة اللاجئين، وإضفاء الشرعية على نظام الأسد". المبادرة التي تزامنت مع اجتماع بعلبك، تصب في مقاربة "حزب الله" لإعادة بعض اللاجئين من لبنان إلى سوريا، ضمن شروط يريدها الحزب.

الداعية "المعارض" محمد حبش، قال لجريدة "النهار": "إن الأسلوب الذي يُمارس في شيطنة الطرف الآخر، واتهامه بأنه مجرد سادي وذباح، هو ما يجعل الناس تهرب إلى الخيام"، وأضاف: "استحصلنا على ضمانات من النظام الذي سيستفيد من عودة اللاجئين، حيث سنقدم قوائم بالعوائل مقابل تقديم النظام بطاقات كف بحث عنهم".

أبو علي، تحدث عن إمكانية فض النزاع بين المعارضة ومليشيات "قوات الأمن والدعم الشعبي" في القلمون والتابعة لـ"الدفاع الوطني" والمعروفة اختصاراً بـ"قادش". إذ سيتم إخراج القيادات والعناصر التي قاتلت في صفوف النظام والحزب ضد المعارضة، من هيكلية "قادش"، وأن "سرايا أهل الشام" ستعفو عن أفراد المليشيا الذين لم تتلطخ يدهم بدماء السوريين.

وكان اتفاق بين "حزب الله" و"سرايا أهل الشام" قد دعا إلى تشكيل لجنة من الوجهاء والحزب، تعمل على إنهاء النزاع بين المعارضة وقوات "قادش".

ونفى أبو علي، تعرض "لجنة المدنيين" لأي إطلاق نار، أو نشوب أي خلاف بين كتائب المعارضة، على خلفية رفض المدنيين و"سرايا أهل الشام" لبعض نقاط الاتفاق، وأهمها وجود شرطة مدنية مشتركة وهو بند مرفوض من قبل المعارضة.

المتحدث الرسمي لـ"الهيئة الثورية" في مدينة يبرود، أبو الجود، قال لـ"المدن": "نحن شعب سلام، طالب بالحرية، لذا نؤيد كافة المفاوضات التي تفضي للعيش بسلام على أرضنا، وتخفف العبء والمعاناة عن المهجرين قسرياً من ديارهم إلى لبنان، شريطة عدم المساس بمبادئ الثورة، ونقف ضد اتفاقياتٍ تعيدنا إلى ما يسمى حضن النظام".

وأضاف أبو الجود أن "الهيئة الثورية" تطالب بإخراج كافة المعتقلين من سجون النظام، وإخلاء المناطق التي يتم التفاوض حولها من القطع العسكرية التابعة لقوات النظام ومليشيا "حزب الله"، ووجود ضمانات من "الأمم المتحدة".

أبو الجود أكد عدم توقيع أي اتفاق حتى الآن، مؤكداً رغبة اللاجئين بالعودة إلى ديارهم، شرط وجود ضمانات دولية تضمن سلامتهم.

ويعد فصيل "سرايا أهل الشام" أكبر تجمع يضم أبناء المنطقة من الثوار في القلمون الغربي، ويتوزع في معظم جرود فليطة وجرود عرسال، لذا فإن المفاوضات تجري بشكل مباشر معه. غير أن وجود أطراف أخرى مناوئة للنظام السوري في مناطق القلمون الغربي، هو أمر لا يمكن اخفاؤه، وأهمها "كتائب شهداء فليطة" (المشرفة) و"كتيبة شهداء المعرة" و"كتيبة شهداء حوش عرب" و"كتيبة شهداء بخعة" (الصرخة). تلك الكتائب كانت قد أعلنت في 5 شباط/فبراير، عن انضمامها إلى "هيئة تحرير الشام"، في بيان رسمي. تلك الكتائب لم تبين موقفها من الاتفاق حتى الآن، ولم يصدر أي بيان منها بهذا الخصوص.

وجود تنظيم "الدولة الإسلامية"، في جرود قارة ووادي ميرا وجرود جريجير ومحيط جبال القصير، والذي يصفه البعض بـ"المحدود"، لا يمكنه التأثير على سير مجريات الاتفاق، لبعد مواقع التنظيم عن المناطق التي يتم التفاوض حولها.

ودارت أحاديث في الآونة الأخيرة، تفيد بإمكانية إخراج عناصر "هيئة تحرير الشام" إلى مناطق الشمال السوري، مع نقل مقاتلي "الدولة الإسلامية" إلى مناطق القلمون الشرقي، أو محيط مدينة تدمر.

وتسيطر مليشيات "حزب الله" و"قادش" و"الدفاع الوطني" على أغلب مناطق القلمون الغربي، كيبرود وفليطة والمعرة ورأس العين ورأس المعرة وعسال الورد وبخعة وحوش عرب. وتبدو نية النظام جلية في حلّ المليشيات التابعة له "قادش و"الدفاع الوطني"، خاصة بعد إعطاء ضمانات عن طريق "حزب الله"، لتحييد أسماء تقترح من قبل المعارضة تضم قياديين وعناصر في "قادش"، ضمن بنود مسودة الاتفاق الأخير.

ولا يعد سحب "حزب الله" لـ8 آليات من مناطق القلمون، تزامناً مع المفاوضات، بداية لخروجه من الأراضي السورية، فعناصر الحزب لا زالوا يتحكمون بـ"حصار الموت" على بلدة مضايا، ويستهدفونها بشكل شبه يومي. وكان الحزب قد استهدف الجمعة من نقاط تمركزه في الحواجز المحيطة بمضايا، البلدة بقذائف مدفعية الميدان والهاون الثقيل والرشاشات الثقيلة والمتوسطة، ما تسبب بوقوع إصابات بين المدنيين، بينهم خمسة من عائلة واحدة.

كما استقدم الحزب تعزيزات إلى محيط منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف دمشق. وعبرت خلال الأيام الماضية، حافلات من سوريا إلى لبنان، من نقطة المصنع، أقلّت جثثاً لمقاتلي الحزب قتلوا في جبهات الغوطة الشرقية.

وما يشكك في جدية الاتفاق، هو عدم شموله عودة أهالي القصير، الذين يشكلون مع نازحي القلمون النسبة العظمى من السوريين في لبنان ممن هربوا من همجية النظام، وتدخل "حزب الله" في سوريا.

كل ذلك لا يشير إلى تخلي "حزب الله" عن طريق القدس، الذي "يمرّ" من الزبداني والقصير والقلمون.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها