newsأسرار المدن

بعد تصويت الجمعية العامة: ترامب معزول

المدن - عرب وعالمالجمعة 2017/12/22
un.jpg
الأمم المتحدة تكرٍس عزلة ترامب (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
لا تزال تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الإعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، تخيم على المشهد السياسي العالمي. ويسود إعتقاد بأن إدارة الرئيس ترامب باتت معزولة بعد تصويت الأمم المتحدة، ليل الخميس، على قرار ينقض إعلان ترامب، ويدعو إلى عدم إجراء أي تعديل على وضع المدينة.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الجمعة، إن الفلسطينيين لن يقبلوا أي خطة سلام تقدمها الولايات المتحدة كونها لم تعد "وسيطاً نزيهاً"، مشدداً على أن "لا بديل عن حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، إلى جانب إسرائيل بأمن وسلام".

ودعا عباس خلال مؤتمر صحفي في باريس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى الإنتباه إلى ما يحدث في القدس من "تغيير هويتها وطابعها وتهجير لأهلها"، مطالباً دول العالم بالإعتراف بالدولة الفلسطينية. وأضاف الرئيس الفلسطيني أن كل الاحتجاجات ضد قرار ترامب حول القدس كانت سلمية.

بدوره، إعتبر ماكرون إن قرار الولايات المتحدة همّشها في هذا الملف، مضيفاً: "هل سيكون مجدياً اتخاذ قرار من طرف واحد بالاعتراف بفلسطين؟ لا أعتقد. لأنه سيمثل رد فعل على القرار الأميركي الذي سبب الاضطرابات في المنطقة. سأكون بذلك أرد على خطأ من النوع ذاته"، مضيفا أنه لن "يبني خيار فرنسا على أساس ردة فعل" على السياسة الأميركية. وذكّر ماكرون بمعارضته للقرار الأميركي وبموقف فرنسا القائم على أنه "لا بديل لحل الدولتين ولا حل من دون الاتفاق بين الطرفين حول القدس".

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هنأ كافة الدول التي صوتت لصالح مشروع قرار الأمم المتحدة الرافض لتغيير وضع القدس، معتبراً أن الأمم المتحدة أظهرت عدم شرعية الخطوة الأميركية. وتابع مخاطبا واشنطن: "إسرائيل و5 أو 6 دول أخرى على شاكلتها، تقف إلى جانبكم، مقابل ذلك شاهدتم وقوف 128 دولة في وجهكم"، موضحاً أن البيت الأبيض هرع إلى الهواتف وهدّد بشكل صريح الدول واحدة تلو الأخرى بقطع المساعدات الإقتصادية، وهو ما أدى إلى إنخفاض عدد الدول التي صوتت لصالح القرار والتي كان يتوقع أن تكون بين 160 و190 دولة.

وأقرت الأمم المتحدة بأغلبية 128 صوتاً، مشروع القرار الذي يؤكد إعتبار مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي، التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وبينما غابت عن جلسة الجمعية العامة 21 دولة، امتنعت 35 دولة عن التصويت وعارضت 9 دول القرار الذي حمل عنوان "الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الاراضي الفلسطينية".

وقالت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، إنها ستقيم حفل عشاء في واشنطن للدول التي صوتت ضد القرار وتلك التي إمتنعت والتي تغيبت عن الجلسة، في خطوة تعكس إنزعاج واشنطن من التصويت. وقالت في تغريدة "نقدر هذه الدول، لعدم مسايرتها طريق هيئة الأمم المتحدة غير المسؤول".

ورغم تهديدات واشنطن بقطع المساعدات بينت نتيجة التصويت أن التهديدات لم تفد بأي شيء إذ إن 9 دول من بين أكثر 10 دول استفادت من المساعدات الأميركية خلال العام 2016، دعمت قرار الجمعية العامة بالأمم المتحدة بشأن القدس.

وبحسب بيانات وكالة التنمية، التي تشمل المساعدات التي تقدمها وزارتا الخارجية، والزراعة والتجارة الأميركيتين، يحتل العراق المركز الأول بين الدول الأكثر استفادة من تلك المساعدات بإجمالي مبلغ يقدر بـ5.28 مليار دولار، تليه أفغانستان بـ5.06 مليار، ثم مصر والأردن وكينييا وإثيوبيا وباكستان ونيجيريا وجنوب السودان وأخيرا تنزانيا. وبإستثناء جنوب السودان التي إمتنعت عن التصويت، صوتت بقية الدول لصالج القرار.

كذلك تلقت إدارة ترامب ضربة من أقرب حلفائها وزملائها في حلف "الناتو"، إذ تشير الأرقام إلى أن 22 دولة من دول الناتو، الذي تتزعمه الولايات المتحدة، صوتوا مع قرار الجمعية العامة ضد رغبة واشنطن. وفيما لم تعترض أي دولة من حلف الناتو على القرار، بإستثناء الولايات المتحدة، إمتنعت عن التصويت فقط ست من دول الحلف وهي: كندا وكرواتيا والتشيك وهنغاريا ولاتفيا وبولندا.

وكان لافتا أن بين الدول التسعة التي صوتت ضد قرار القدس، 4 دول هي عبارة عن جزر في المحيط الهادئ ودولتين في قارة أميركا، ودولة أفريقية تقيم علاقات مع إسرائيل، إضافة إلى الولايات المتحدة ودولة الإحتلال.

صحيفة الغارديان تناولت التصويت بعنوان "الأمم المتحدة صوتت بشكل مدوٍ لرفض اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل". وذكرت الصحيفة أن "الولايات المتحدة بهذا التصويت، أصبحت في عزلة لمرة أخرى على الصعيد الدولي بخصوص مسألة القدس".

من جهتها، إعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة كان بمنزلة "صفعة قوية" بوجه ترامب وهزيمة شخصية له. وأضافت في مقال تحليلي بعنوان "تصويت الجمعية العامة بشأن القدس توبيخ معتدل لإسرائيل وصفعة قوية بوجه ترامب"، إن "التصويت لم يستهدف إسرائيل وسياساتها، إنما استهدف سياسات ترامب، وسلوكه الشخصي".

وأضافت أن "تهديد الرئيس الأميركي بقطع المساعدات عن الدول التي لن تدعم واشنطن ومن ثم تكرار تلك التهديدات غير الدبلوماسية من قبل سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، كانت كفيلة بأن ينظر لأي تصويت ضد إسرائيل على أنه هزيمةٌ شخصية لترامب، وليس فقط تنديداً بسياساته". وتابعت "تحول الأمر من ضربة بيد إسرائيل إلى صفعة قوية بوجه ترامب". وأشارت إلى أن "جميع القوى العالمية الكبرى، ودول أوروبا الوسطى، وجميع الدول الإسلامية، بما فيها الدول التي تتلقى مساعدات أميركية كبيرة، اختارت تحدي الرئيس الأميركي، وإنكار شرعية سياساته".

بدورها كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "تحدي ترامب، الجمعية العامة للأمم المتحدة تدين قرار الولايات المتحدة بشأن القدس"، أن أغلبية كبيرة من أعضاء الجمعية العامة وبّخت الولايات المتحدة، بشجب قرارها الإعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل. وأضافت أنه  "في عمل جماعي من التحدي تجاه واشنطن" صوتت 128 دولة ضد إعلان ترامب، مشيرةً إلى أن "القرار ليس إلزاميا وهو رمزي بشكل كبير، لكنه يؤشر إلى أي مدى إبتعدت إدارة ترامب عن 50 سنة من الإجماع الدولي حول حالة القدس، وأدت إلى عدم إستقرار السياسة العالمية وأسهمت في العزلة الدبلوماسية الأميركية".

ورأت أن القرار يطرح أسئلة حول إمكانية أن يقدم ترامب على تهديده بقطع المساعدات الأميركية عن الدول التي صوتت ضد إرادة واشنطن، مشيرةً إلى أنه يمتلك قدرة قانونية كبيرة على فعل ذلك، لكنها نقلت عن خبراء أنه سيكون من الصعب إلى حد بعيد أن يقطع المساعدات عن دول مثل مصر والأردن التي تعتبر حليفةً أساسية لواشنطن في الشرق الأوسط.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث