السبت 2017/12/16

آخر تحديث: 11:56 (بيروت)

إعدامات "جيش خالد" الميدانية: نشر الرعب في حوران

السبت 2017/12/16
إعدامات "جيش خالد" الميدانية: نشر الرعب في حوران
يماثل "فرع الأندلس" في تركيبته وأسلوب عمله أجهزة أمن النظام (انترنت)
increase حجم الخط decrease
نفذ "جيش خالد بن الوليد" ذراع تنظيم "الدولة الإسلامية" في الجنوب السوري، قبل أيام، عمليتي إعدام ميداني في منطقة سيطرته ضمن حوض اليرموك. ونُفّذت العملية في مكانين مختلفين، وبشكل متزامن، لثلاثة شباب من أبناء المنطقة. ونشر التنظيم صوراً للعملية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت عنوان: "إقامة حد الردة على جواسيس للصحوات المرتدة"، وهي التهمة التي غالباً ما يسوقها التنظيم ضد من يناصر أو يساند فصائل المعارضة داخل مناطق سيطرته.

وتمكنت "المدن" من التعرف على الضحايا، وهم علي أبو خشريف من بلدة تسيل، الذي أُعتقل قبل نحو 6 أسابيع، والشقيقان خالد وإبراهيم الصفوري من بلدة نافعة، اللذين اعتقلا معاً قبل نحو 5 أسابيع من إعدامهما.

"فرع الأندلس"، ذراع التنظيم الأمني وصاحب المسؤولية عن تنفيذ الاعتقالات والتحقيقات ضمن حوض اليرموك، هو من اعتقل الشباب الثلاثة. ويماثل "فرع الأندلس" في تركيبته وأسلوب عمله أجهزة أمن النظام، ويُعرف عنه سلطته المطلقة داخل مناطق سيطرة التنظيم، ويلف الغموض تعداد عناصره وتوزعهم. وقد أسس "فرع الأندلس" القيادي السابق في "لواء شهداء اليرموك" يوسف البقيرات، الذي قُتل في نيسان/أبريل 2017 على الطريق بين بلدتي سحم الجولان وجلين، بعد استهداف سيارته بصاروخ حراري أطلقه الجيش الحر.

وتساعد "فرع الأندلس" في تنفيذ عمليات الاعتقال "الحسبة الإسلامية" التي تتولى تنفيذ تعليمات وقوانين التنظيم داخل حوض اليرموك. وينتشر عناصر "الحسبة" بشكل دائم في الساحات والشوارع، ويقومون بمداهمات للمحال التجارية بقصد مراقبة البضائع وأسعارها، ويكون الاعتقال مصير المخالفين، الذين غالباً ما تنحصر الاتهامات ضدهم بحيازة السجائر وبيعها، أو عدم التقيّد بقوانين التنظيم في اللباس الخاص بالرجال والنساء وحلاقة الشعر والذقن. وتعتبر تهمتا "سب الذات الإلهية" و"السحر" سبباً للإعدام الميداني في معظم الأحيان.

بعد عمليات الاعتقال، سواء التي ينفذها "فرع الأندلس" أو "الحسبة الإسلامية"، يُحوّل المعتقلون مرفقين بالاتهامات إلى "المحكمة الإسلامية"، التي تتولى إطلاق الأحكام وتنفيذها. وبحسب معلومات "المدن"، فإن المعتقلين الثلاثة الذين تم تنفيذ أحكام الإعدام الميداني بحقهم مؤخراً، سُجنوا لمدة شهر داخل المحكمة قبل إطلاق الأحكام بحقهم، من دون تمكين أي جهة من الدفاع عنهم، أو الاطلاع على مجريات التحقيق معهم والتي أكد الكثير من المعتقلين السابقين بأنها لا تخلو من عمليات تعذيب. وتولى "أبو علي القاضي"، أبرز القياديين في "المحكمة" التابعة لـ"جيش خالد"، إصدار الأحكام القضائية، قبل أن تنقطع المعلومات عنه بشكل كامل منذ أيلول/سبتمبر، وسط تضارب في الأنباء عن مقتله أو اعتقاله من قبل "فرع الأندلس" بدعوة ارتباطه بجهات خارجية.

الطائرات الإسرائيلية كانت قد شنّت أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2016 غارات على مبنى سابق للأمم المتحدة، حولّه "جيش خالد" إلى سجن. وفي منتصف آب/أغسطس 2017 تعرض المبنى الرئيسي لـ"المحكمة الإسلامية" في بلدة الشجرة، لغارات من طائرات "التحالف الدولي" أسفرت عن مقتل العشرات من المساجين ومقاتلي "جيش خالد".

وتتعدد التهم التي تُوصل صاحبها للإعدام، بحسب "قوانين" التنظيم، وكذلك تتعدد أساليب الإعدام. ويواجه المتهمون بالانتماء لفصائل المعارضة أو العمل لصالحها، مصير الإعدام بقطع الرأس أو بإطلاق النار. وهذا ما حصل مع الشباب الثلاثة. بينما المتهمون بـ"السحر" يواجهون حكم الإعدام، بقطع الرأس حصراً، كما حصل مع موسى الرفاعي، من بلدة عدوان، أواخر نيسان/أبريل.

وبحسب مصادر "المدن"، فقد تمّ إعدام محمد أبو خشريف، وسط الساحة العامة في بلدة تسيل، بعد صلاة الظهر، بينما تم إعدام الشقيقين خالد وإبراهيم الصفوري قرب مسجد بلدة سحم الجولان. وانتشر مسلحو التنظيم، بشكل كثيف، قبل أن يتم إحضار المتهمين الثلاثة وتنفيذ حكم الإعدام بحقهم، بإطلاق النار على رؤوسهم، أمام جموع الأهالي وبحضور إعلام التنظيم.

ومنذ بداية العام 2017، وثق الناشطون في "مكتب توثيق الشهداء في درعا" تنفيذ "جيش خالد بن الوليد" ما يقارب 70 عملية إعدام ميداني. ويقول عضو المكتب عمر الحريري، في حديثه مع "المدن"، إن العمليات طالت مقاتلين من فصائل المعارضة ومدنيين، مضيفاً: "وثقنا في آذار إعدام سيدة من قرية القصير في حوض اليرموك بتهمة سب الذات الإلهية". وأثناء الهجوم الواسع الذي شنه التنظيم في شباط/فبراير على مواقع المعارضة، نفّذ التنظيم عشرات عمليات الإعدام الميداني بحق مقاتلين ومدنيين في البلدات التي سيطر عليها فجأة. ولم تقتصر عمليات الإعدام على أعداء التنظيم فقط، بل طالت عناصر داخله وحتى قياديين ومؤسسين.

يقول الحريري: "في بداية حزيران، نفذ التنظيم عملية إعدام ميداني جماعية بحق 7 من مؤسسي التنظيم في المنطقة، بينهم قحطان حج داوود وأبو تحرير الفلسطيني ونادر القسيم، المتهمين بالوقوف خلف عملية اغتيال قائد الجيش السابق". ويرجح الحريري أن تكون أعداد ضحايا الإعدام الميداين، أكبر مما تم توثيقه، نظراً لتنفيذ التنظيم عمليات إعدام بشكل سري.

استخدام الإعدام الميداني بشكل منهجي، وتعمد التنفيذ وسط جموع المدنيين، أجبر الأهالي على موالاة "جيش خالد"، أو عدم معارضته في أفضل الأحوال. ويستخدم التنظيم الإعدام وسيلة لإرهاب المجتمعات المحلية التي يسيطر عليها. في حين باتت معظم معارك فصائل المعارضة ضد التنظيم، تقتصر على المواجهات البعيدة، وسط محدودية الهجمات البرية أو عمليات الاقتحام، بعد تكثيف التنظيم لكمائنه وإعدامه الأسرى، من دون ترك أي فرصة للمفاوضات أو التبادل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها