الإثنين 2017/11/13

آخر تحديث: 10:46 (بيروت)

"داعش" يقاتل خارج الأسوار..فهل تطول معركة البوكمال؟

الإثنين 2017/11/13
"داعش" يقاتل خارج الأسوار..فهل تطول معركة البوكمال؟
تسعى المليشيات لحصار التنظيم داخل البوكمال (تويتر)
increase حجم الخط decrease
فشلت قوات النظام، والمليشيات العراقية والإيرانية المساندة لها، حتى اللحظة، في أحراز أي تقدم في مدينة البوكمال شرقي محافظة ديرالزور، رغم إعلان وسائل إعلام تابعة للنظام وأخرى محلية وعربية عن سيطرة المليشيات على المدينة، بعد انسحاب تنظيم "الدولة الإسلامية" منها.

ولا تزال المدينة، ومعظم ريفها، تحت سيطرة التنظيم، بشكل كامل، رغم الهجوم الواسع الذي تشنه قوات النظام والمليشيات المساندة لها. ويُسخّرُ التنظيم جميع إمكانياته العسكرية للدفاع عن المدينة، التي تُعد أهم وآخر معاقله الرئيسية في سوريا والعراق.

هجوم مليشيات النظام يستهدف المدينة من ثلاثة محاور؛ الأول من الجهة الشرقية وتتولى مهمة التقدم فيه مليشيات "الحشد الشعبي" العراقية و"حركة النجباء" و"الحرس الثوري" الإيرانية، أما المحور الثاني والثالث فمن جهتي البادية الجنوبية والغربية، وتتكفل بهما قوات النظام ومليشيا "حزب الله" اللبنانية.

وتعتبر سيطرة القوات المهاجمة على بلدة الهري شرقي المدينة، أهم انجاز عسكري حققته منذ انطلاق المعركة، بالإضافة طبعاً للسيطرة على بعض المساحات الجغرافية في البادية جنوبي وجنوب غربي المدينة.


(المصدر: LM)

وتهدف مليشيات النظام إلى السيطرة على المناطق الريفية المحيطة بالبوكمال، خاصة قرية السويعية شرقاً، وبلدة السكرية ومطار الحمدان غربي وجنوب غربي المدينة، من أجل حصار التنظيم داخل البوكمال، وقطع طريق إمداده البري الوحيد في الجهة الغربية، الذي يصله بمناطق سيطرته في مدينتي العشارة والقورية في الريف الشرقي.

وتُظهر معركة البوكمال تكتيكاً عسكرياً جديداً يتبعه التنظيم، ويتمثل بأسلوب القتال خارج الأسوار. ويحاول التنظيم إبقاء المعركة في المنطقة الريفية المحيطة بالبوكمال وعدم نقلها إلى داخل المدينة. ويأتي ذلك بعكس معاركه السابقة، التي انسحب فيها من المناطق المفتوحة غير الكثيفة عمرانياً، إلى مراكز المدن، للتحصن فيها وخوض حرب شوارع داخلها، مستفيداً من الكتل السكنية المتلاصقة لتحييد سلاح الجو، الذي تعتمد عليه القوات المهاجمة في معاركها.

التنظيم قام خلال الأيام الماضية بإرسال قوى عسكرية كبيرة للتصدي لهجوم المليشيات في أبعد نقاط ممكنة عن المدينة. في الجهة الشرقية يحاول التنظيم جعل قرية الهري خط الدفاع الأول يليها قرية السويعية، والتي يجب على القوات المهاجمة السيطرة عليها لتتمكن من الوصول إلى الأطراف الشرقية من البوكمال. ومن الجنوب والجنوب الغربي، لا زال التنظيم مبادراً في الهجوم على نقاط القوات المتقدمة من محور محطة "T-2"، البعيدة عن المدينة بما يقارب 15 كيلومتراً.

التكتيك العسكري الجديد الذي اتبعه التنظيم في البوكمال، استمر مع بعض الأساليب القديمة التي أثبتت فعاليتها، كالهجمات الليلية وتحت غطاء الضباب والعواصف الغبارية، وكذلك بمجموعات صغيرة سهلة الحركة ذات قدرة على المناورة والتسلل إلى خطوط العدو الخلفية.

معركة البوكمال، قد تطول مقارنة ببقية المعارك التي خاضها التنظيم في محافظة ديرالزور، خلال الشهور الماضية، سواء ضد قوات النظام أو "قوات سوريا الديموقراطية" لأسباب متعددة، أولها توافر العنصر البشري والسلاح النوعي لدى التنظيم. فالمدينة باتت نقطة تجمع لأغلب عناصر التنظيم المنسحبين من المناطق التي انحسر منها في الرقة وريف ديرالزور الغربي والشرقي والمناطق العراقية المجاورة للمدينة، ونقل التنظيم الكثير من أسلحته النوعية، خاصة مضادات الدروع، إلى المدينة.

السبب الثاني يتمثل بنوعية المقاتلين المتبقين لدى التنظيم، ففي الشهور الأخيرة التي عانى فيها من انهيار وخسارته لما يقارب 90 في المائة من مناطق سيطرته، شهد تنظيم "الدولة" عمليات هروب الكثير من عناصره إلى الشمال السوري، ولم يبقَ معه إلا المؤمنين به وبمشروعه، وهؤلاء سيكونون عاملاً مهماً في إطالة المعركة، والذين تقتصر أهدافهم على الموت أو القتال حتى تحقيق النصر. وتجمع معظم هؤلاء المقاتلين في البوكمال والمناطق المحيطة بها.

حصار التنظيم في البوكمال، ووجوده ضمن محيط معادٍ من "الحشد الشعبي" والمليشيات الإيرانية واللبنانية وقوات النظام، و"قوات سوريا الديموقراطية"، وغياب أي طريق للانسحاب، يجعله أمام خيارين لا ثالث لهما؛ القتال حتى آخر رجل وهو المتوقع، أو تسليم أنفسهم للقوى المعادية وهذا أمر مستبعد في الوقت الراهن. كما أن احتمال وجود زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، أو غيره من كبار القادة في البوكمال، سيكون عاملاً معنوياً مهماً لتعزيز الروح القتالية لدى العناصر.

ويضاف إلى ذلك، التخبط الذي تعيشه القوات المهاجمة، التي تغيب عنها مركزية القرار، وسط عدم وجود غرفة عمليات تدير المعركة وتتولى التنسيق بين أطرافها. المليشيات العراقية والإيرانية المتقدمة من العراق تهاجم بشكل مرتجل، من دون التنسيق مع قوات النظام، والعكس صحيح. هذا بالإضافة إلى ما يشاع عن عدم جدية الروس في توفير الغطاء الجوي للقوى المهاجمة، بسبب خلاف روسي-إيراني على النفوذ.

تلك الأسباب مجتمعة قد تجعل من معركة البوكمال طويلة نسبياً، وستكلف القوات المهاجمة خسائر توازي حجم خسائرها في بقية معارك محافظة ديرالزور.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها