الأحد 2017/11/12

آخر تحديث: 12:38 (بيروت)

مركدة بيد "قسد": هل تؤمن للأكراد مناطقهم؟

الأحد 2017/11/12
مركدة بيد "قسد": هل تؤمن للأكراد مناطقهم؟
لا تبدو خريطة الوجود الكردي السياسي في سوريا والعراق قد استقرت بعد (Getty)
increase حجم الخط decrease
كشفت مصادر كردية لـ"المدن"، أن وفداً روسياً ضم ضابطين، زار بشكل سري في 7 تشرين الثاني/نوفمبر، مقر إقامة شيخ مشايخ عشيرة الشمر في سوريا "الحاكم المشترك" لمقاطعة الجزيرة حميدي دهام الهادي الجربا.

وبحسب المصادر، فقد تم توجيه دعوة رسمية من قبل الوفد الروسي للجربا، للمشاركة في "مؤتمر الحوار الوطني". ووجهت الدعوة إلى "حزب المحافظين الديموقراطيين" الذي يترأسه مانع الحميدي، نجل حميدي الجربا. وتأسس "المحافظون الديموقراطيون" قبل حوالى شهرين، ويعتبر الممثل السياسي الوحيد للعرب في الجزيرة السورية، ويضم قسماً كبيراً من عشيرتي الجبور والشمر في سوريا.

ويعتبر الحميدي الوجيه العربي الأبرز في الجزيرة، وفي حال مشاركته في المؤتمرات الدولية خارج منظومة "الإدارة الذاتية"، التي يشكل جزءاً منها، فهذا يعني إضعاف حظوظ مشاريع "الاتحاد الديموقراطي"، خاصة وأن وفداً روسياً كان قد التقى سابقاً بـ"الهيئة المسيحية" في مدينة القامشلي، وقدم لها دعوة مماثلة.

إلا أن التحركات الروسية في المنطقة ترسل إشارات متناقضة إلى جميع الأطراف الإقليمية والمحلية. فالمتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، كانت قد شددت في مؤتمر صحافي على ضرورة مشاركة الأكراد في "مؤتمر الحوار الوطني السوري". وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كان قد أكد على أهمية مشاركة الأكراد في مستقبل سوريا، مضيفاً أن الموقف الروسي تجاه الأكراد لم يتغير.

من جهة ثانية، أعرب مسؤولون في النظام، مؤخراً، عن رفضهم إقامة كيان كردي في شمال سوريا، وأن "الجيش العربي السوري ماض لاستعادة جميع الأراضي السورية". وأرهبت تلك التصريحات الشارع السياسي الكردي من احتمال تكرار سيناريو إقليم كردستان العراقي في سوريا.

كما أن مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، أعلن قبل حوالي أسبوع عن دعم بلاده للنظام في استعادة مدينة الرقة من "الوحدات الكردية"، قبل أن يعلن مؤخراً من حلب أن "الجيش السوري" سيتوجه إلى إدلب و"يمشطها".

ولم تترافق تصريحات مسؤولي النظام، تجاه "قسد"، مع عمليات استنفار أو توترات أمنية داخل المدن التي تشهد سيطرة مشتركة للطرفين كالقامشلي والحسكة. وتبدو التصريحات لذلك، وكأنها تدور في فلك الصراع الروسي-الأميركي، وسط استبعاد حدوث مواجهات عسكرية بين عملاء الطرفين، في الوقت الذي تستعجل فيه روسيا حلاً للأزمة السورية.

"الاتحاد الديموقراطي" بدا غير مكترث سوى للتدخل التركي في إدلب وعفرين، وأرسل إشارات إيجابية للنظام عن إمكانية التفاوض على كل المسائل، مقابل وقف الانتشار التركي. ويحذر محللون أكراد، من أن تتنازل تركيا للنظام عن المناطق التي تسيطر عليها في الشمال السوري مقابل محاربة النظام للأكراد. الأمر الذي دفع عضو "الهيئة الرئاسية" في "مجلس سوريا الديموقراطية" نوجين يوسف، للقول، إنهم يتفقون مع النظام في اعتبار الوجود التركي في سوريا احتلالاً، ودعت إلى محاربته، مؤكدة استعدادهم التنسيق.

التوافق بين حلفاء النظام و"الاتحاد الديموقراطي" بدا واضحاً في تطور الأمور العسكرية في بادية البوكمال، وأظهر أن حصة "قوات سوريا الديموقراطية" هي الوصول إلى بلدة مركدة، التي تبعد عن مدينة ديرالزور حوالي 35 كيلومتراً.

ولبلدة مركدة أهمية استراتيجية، وكان تنظيم "الدولة الإسلامية" قد حرص على السيطرة عليها مبكراً لوقوعها على طريق الإمداد بين ديرالزور والموصل. كما إنها تقع على طريق الإمداد بين الحسكة وديرالزور. وسيطرت "قوات سوريا الديموقراطية" مؤخراً على حقل العمر، بالقرب من مركدة، القريبة بدورها من القاعدة الأميركية في بلدة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي.

سيطرة "قسد" على بلدة مركدة، الأربعاء، أمنت لها الخاصرة الجنوبية للحسكة، بعدما تخوّف محللون أكراد من إمكانية دخول قوات "الحشد الشعبي" إلى الأراضي السورية من نقطة مركدة، والالتفاف منها على "داعش" في البوكمال. ولو تم ذلك، فإن الحسكة كانت ستصبح هدفاً مكشوفاً لـ"الحشد الشعبي"، خصوصاً أنه يسيطر بدوره على جبل سنجار وخاصرته الجنوبية المحاذية لريف الحسكة الشرقي.

سيطرة "قسد" على مركدة، وعدم مشاركتها في عمليات طرد "داعش" من البوكمال، هي مؤشرات على تفاهم أميركي-روسي على حدود الانتشار العسكري، ما يستبعد احتمال تصادم "قسد" مع النظام أو "الحشد الشعبي" في الجزيرة السورية، على المدى المنظور.

التخوف من الصدام بين الأكراد في سوريا مع "الحشد الشعبي" العراقي، كان قد هدأ قبل أيام، بعد أنباء غير رسمية عن اتفاقات جرت بين "العمال الكردستاني" و"الحشد الشعبي" على إدارة مشتركة لقضاء سنجار، وعودة "الكردستاني" إلى القضاء. وتزامن ذلك مع ما قالته مصادر لـ"المدن"، عن عودة عمليات التهريب شبه الرسمي بين تجار محسوبين على "الإدارة الذاتية" وتجار محسوبين على "الحشد الشعبي"، ومن ضمنهم تجار أسلحة.

وتزامن ذلك أيضاً مع توقف التصعيد العسكري بين بغداد وأربيل، وانسحاب "قوات سرايا السلام" التابعة لمقتدى الصدر من مدينة كركوك، والحديث عن اتفاق بين أنقرة وبغداد لتأسيس إقليم تركماني في العراق يضم تلعفر وطوزخورماتو وكركوك والتون كوبري. وهو مشروع قد يحوّل الصراع في المرحلة المقبلة إلى صراع كردي-تركماني في العراق وسوريا.

ومع ذلك، لا تبدو خريطة الوجود الكردي السياسي في سوريا والعراق، قد استقرت بعد، بل تبدو عرضة للكثير من التغيّرات في الفترة المقبلة، وسط تعدد اللاعبين الخارجيين، وعملائهم المحليين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها