السبت 2017/10/07

آخر تحديث: 13:15 (بيروت)

هل بامكان "تحرير الشام" مواجهة تركيا و"درع الفرات"؟

السبت 2017/10/07
هل بامكان "تحرير الشام" مواجهة تركيا و"درع الفرات"؟
استهدف مقاتلو "هيئة تحرير الشام" جرافة تركية بقذيفة "آر بي جي" قرب مخيم كفرلوسين (انترنت)
increase حجم الخط decrease
انتشرت قوات تركية، ليل الجمعة/السبت، في مناطق مختلفة من الشريط الحدودي مع محافظة إدلب السورية. وانتهت التجهيزات العسكرية التركية وصدرت أوامر التحرك لقوات "درع الفرات"، ودخلت مستشفيات ميدانية إلى الجانب التركي من "معبر باب الهوى"، وسط حشود لعناصر "هيئة تحرير الشام" باتجاه البوابة الحدودية.

ناشطون في منطقة الشريط الحدودي رصدوا أصوات عربات عسكرية ثقيلة تتحرك على طول الشريط الحدودي، قرب تجمع المخيمات في منطقة أطمة وكفرلوسين. في حين استهدف مقاتلو "هيئة تحرير الشام" جرافة تركية بقذيفة "آر بي جي" قرب مخيم كفرلوسين. الجرافة كانت تحاول فتح ثغرة لعبور القوات من الجدار الفاصل بين تركيا وسوريا، وردت القوات التركية على مصادر النيران. وشهدت مخيمات متعددة حالات نزوح خوفاً من تصاعد العمليات العسكرية في المنطقة، بعد حالة من الاستقرار دامت لأعوام قرب الشريط الحدودي مع تركيا.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، إن بلاده تتخذ حالياً خطوة جديدة لتحقيق الأمن في محافظة إدلب السورية، في إطار مساعيها الرامية إلى توسيع نطاق عملية "درع الفرات". وجاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس التركي خلال مؤتمر تشاوري وتقييمي لحزب "العدالة والتنمية"، السبت، في ولاية أفيون، وسط تركيا. وأشار أردوغان إلى وجود تحركات جدية حالياً في إدلب لتحقيق الأمن، مؤكدا أن هذه التحركات سوف تستمر خلال المرحلة القادمة. وأضاف: "مهما كانت الظروف، لا يمكننا أن نترك إخواننا الهاربين من حلب إلى إدلب بمفردهم، بل علينا أن نمد يدنا إليهم، وقد اتخذنا الخطوات اللازمة لذلك ومستمرون فيها".

وعلمت "المدن" أن تدخل القوات التركية وقوات "درع الفرات" سيكون من 3 محاور رئيسية؛ الأول من الريحانية التركية باتجاه معبر باب الهوى، والثاني من منطقة كفرلوسين بين معبر باب الهوى ومخيمات أطمه، والثالث من غربي الريحانية مقابلة بلدة حارم. ووجود الجدار العازل على طول الحدود السورية-التركية يفرض على القوات المهاجمة فتح ثغرات فيه في المناطق التي تنوي الدخول منها.

وكان عناصر من "فرقة الحمزة" بثوا مقطعاً مصوراً، قالوا فيه إنهم متوجهون إلى إدلب، من منطقة حور كلس في حلب عبر تركيا. وسرعان ما أصدرت الفرقة بياناً نفت فيه صحة الفيديو وكذلك تحرك قواتها. وتوالت التسريبات لعناصر "درع الفرات" ممن وصلوا مدينة الريحانية التركية على الحدود مع إدلب والقريبة من معبر باب الهوى، قالوا فيها إن وجهتهم ستكون محافظة إدلب.

وأكد مصدر عسكري من "درع الفرات"، لـ"المدن"، أن تحرك القوات بدأ باتجاه سوريا، ويبلغ تعدادها نحو ألفي مقاتل، معظمهم من قوات "الجيش الوطني السوري"، وهو تشكيل جديد سيتم الإعلان عنه مع بداية المعركة المرتقبة، ومقاتلين من "لواء الشمال" و"فرقة الحمزة" وصل بعضهم إلى الجانب التركي من "معبر باب الهوى"، والبعض الآخر انتشر على الحدود التركية مع إدلب، "لكن الوجهة ما تزال غير محددة"، مشيراً لعدم سماح قيادة العملية بالإدلاء بأية معلومات لوسائل الإعلام.

ونشرت صحف تركية أخباراً عن وصول عناصر "المحمديين"، وبدء عمليتهم في إدلب. و"المحمديين" قوات مهام خاصة تركية، مهمتها القتال خارج حدود الدولة، وكانت تتواجد في مناطق جرابلس والباب في ريف حلب الشمالي، خلال عمليات "درع الفرات" والتحرير من قبضة "الدولة الإسلامية".

وأفاد ناشطون أن "هيئة تحرير الشام" حشدت قواتها باتجاه معبر باب الهوى والمناطق الحدودية في حارم وسلقين وأطمة، واستنفرت قاطع الحدود، ومعظم قواتها المتواجدة في المقرات في مناطق إدلب والريف الشمالي وريف حلب الغربي، وإغلقت الطرق الرئيسية بسواتر ترابية.

ومن المستبعد حصول مواجهات بين "تحرير الشام" والقوات التركية، مع توارد أنباء عن هروب بعض مُهاجري "الهيئة" من مدينة إدلب، وكذلك "أبو يوسف الحموي" أمير "سجن عقاب" في كنصفرة من جبل الزاوية. كما أن وجود عدد من الجبهات المفتوحة للقتال، على محاور متعددة، ستشتت جهود "الهيئة". المظاهرات الشعبية ما زالت بدورها تخرج ضد "الهيئة"، وكان آخرها في بلدة أرمناز، الجمعة، بعد مجزرة القصف الروسي التي أزهقت أرواح العشرات. المتظاهرون طالبوا بخروج "الهيئة" من البلدة القريبة من حارم، ما دفع "تحرير الشام" لتسيير أحد أرتالها من مدينة سلقين باتجاه البلدة لصدّ المظاهرة والقبض على المتظاهرين، لكن صداماً وقع بين الرتل و"لواء الإيمان" في مدينة كفرتخاريم، بعد اتفاق سابق بين جميع الفصائل بعدم السماح بمرور أي رتل عسكري داخل المدينة.

وأعلنت "تحرير الشام" معركة السيطرة على بلدة أبو دالي الاستراتيجية في ريف حماه الشرقي، والمنفذ الوحيد للمحروقات إلى الشمال السوري، وحشدت الكثير من قواتها في المعركة. ومن الصعب صمود مقاتلي "الهيئة" على جبهتي قتال، مع روسيا والنظام في الريف الجنوبي الشرقي، وتركيا و"درع الفرات" في أقصى الشمال. وذلك، مع وجود بؤر مناوئة لـ"تحرير الشام" في جبل الزاوية، فسيطرة "صقور الشام" على القسم الشرقي من جبل الزاوية، ضمن ما يسمى "المربع الأمني" والذي يضم 16 قرية تمتد من جبل الأربعين في أريحا شمالاً إلى حدود معرة النعمان في الجنوب، ستعني وجود قوات محلية جاهزة للتحرك ضد "الهيئة" في حال تحركت القوات التركية، وذلك فضلاً عن مناطق توتر شهدت عمليات عسكرية لـ"تحرير الشام" خلال الأيام الأخيرة، في بلدة دارة عزة في ريف حلب الغربي ومدينة سرمين قرب مدينة إدلب. كما أن وجود قوات عسكرية شديدة التنظيم والتسليح، منشقة عن "الهيئة"، كـ"حركة نور الدين الزنكي" و"جيش الأحرار"، سيضع "الهيئة" في موقف ضعيف أمام كل التداعيات الحالية.

وفي حال اختارت "الهيئة" الصدام العسكري مع تركيا، فستتخذ من القسم الغربي من "جبل الزاوية" آخر معقل لها، نظراً للطبيعة السهلية لمعظم ريف إدلب، والجغرافيا الجبلية لتلك المنطقة. "تحرير الشام" كانت قد سيطرت على هذه البلدات بشكل كامل بعد طرد "أحرار الشام" منها، بعد أن كانت أولى المناطق المحررة من سيطرة النظام في إدلب. وسيكون على القوات التركية، في حال تحصنت "تحرير الشام" غربي جبل الزاوية، السيطرة على تل النبي أيوب، أعلى هضبة في جبل الزاوية تكشف مناطق واسعة حوله تمتد حتى حماة ومدينة إدلب.

ويُقسم عناصر "هيئة تحرير الشام" إلى قسمين؛ الأول هو التيار الأصولي ويضم القيادات والأمراء، والعناصر المتشددة المنشقة عن "داعش" و"جند الأقصى"، والقسم الآخر هم من المدنيين ممن لم يجدوا فرصاً للعمل، ورأوا في الانتساب لـ"الهيئة" مصدر رزق مع وجود رواتب شهرية وسلال إغاثية، وكذلك من العسكريين من الجيش الحر و"أحرار الشام" ممن انضموا لها بعد القضاء على فصائلهم لحماية أنفسهم من بطشها. وسيرفض غالبية عناصر القسم الثاني قتال تركيا و"درع الفرات"، كما رفضوا قتال "الهيئة" من قبل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها