الأربعاء 2017/10/04

آخر تحديث: 11:04 (بيروت)

استفتاء كردستان وانتخابات الفيدرالية: نقطة اللا عودة؟

الأربعاء 2017/10/04
استفتاء كردستان وانتخابات الفيدرالية: نقطة اللا عودة؟
استفتاء الاستقلال أصبح حالة سياسية أجمع أكراد سوريا وإيران والعراق على الاحتفال بها (Getty)
increase حجم الخط decrease
ثمة علاقة وثيقة بين التطورات السياسية الكردية الأخيرة، في سوريا والعراق، حتى وإن كانت السلطة الكردية في العراق والمتمثلة بالحزب "الديموقراطي الكردستاني" هي أشد خصوم "الاتحاد الديموقراطي" في سوريا وتنظيمه الأم حزب "العمال الكردستاني".

استفتاء الاستقلال عن العراق، الذي أجري قي إقليم كردستان، في 25 أيلول/سبتمبر، أصبح حالة سياسية أجمع أكراد سوريا وإيران والعراق على الاحتفال بها. وتطور التفاعل مع الاستفتاء ليتطوع أكراد تركيا للدفاع عنه، كما ظهر في تصريحات القيادي في "العمال الكردستاني" مراد قريلان، وكذلك الرئيس السابق لحزب "الاتحاد الديموقراطي" صالح مسلم، وحديث بعض المصادر الكردية عن نيّة "العمال الكردستاني" ارسال آلاف من عناصره إلى كركوك بهدف الدفاع عنها في حال تعرضت للهجوم.

وتزامن الاستفتاء مع تطورات نوعية يشهدها الوضع الكردي في سوريا، بدءاً بمساعي أحزاب "المجلس الوطني الكردي" المنضوي في "الإئتلاف الوطني"، والاجتماعات التي عقدتها في مدينة أربيل، لتأسيس منصة كردية خاصة بهدف المشاركة في محادثات جنيف بوفد كردي مستقل. تصريح وزير خارجية النظام السورية وليد المعلم، حول إمكانية الحوار مع الأكراد بخصوص "الإدارة الذاتية" صبت في الاتجاه ذاته. ولم يخرج عن السياق انعقاد المؤتمر السابع لحزب "الاتحاد الديموقراطي"، أواخر أيلول/سبتمبر، الذي ركز بيانه الختامي على تثبيت دعائم "النظام الفيدرالي"، إذ حمل المؤتمر شعار "من روج آفا حرة نحو فيدرالية سوريا الديموقراطية"، والانفتاح على القوى السياسية الكردية الأخرى.

"اللقاء التشاوري للمؤتمر الوطني الكردستاني"، انعقد الأحد والإثنين، في مدينة رميلان السورية، بحضور 170 مندوباً عن مجمل القوى السياسية والثقافية والاجتماعية الكردية، باستثناء ممثلي أحزاب "المجلس الوطني الكردي". "اللقاء التشاوري" هو تتمة لما جرى قبل حوالي شهرين في مدينة السليمانية في العراق، ويهدف لعقد مؤتمر يجمع مختلف القوى السياسية الكردية في سوريا والعراق وتركيا وإيران. خلال الجلسة الافتتاحية للقاء، انتقد زعيم حزب "الديموقراطي التقدمي" عبدالحميد درويش، سياسة "الاتحاد الديموقراطي" تجاه معارضيه، مطالباً إياه بالديموقرطية التي "يدعي بأنه يوصف بها". ودعا درويش (من مؤسسي أول تنظيم كردي سوري في العام 1957) "الاتحاد الديموقراطي" إلى فتح المجال أمام جميع الأحزاب لمزاولة العمل السياسي والسماح لهم بإعادة فتح مكاتبهم السياسية والغاء قانون التجنيد الاجباري وحلّ مشكلة المناهج الدراسية.

اللقاء، وعلى الرغم من أهميته السياسية المحدودة، بدا وكأنه استكمال لأعمال مؤتمر "الاتحاد الديموقراطي"، إذ أعقبه مباشرة، وخرج بتوصيات تكاد تكون نسخة عن البيان الختامي للمؤتمر. ومن أهم التوصيات: "تشكيل لجنة للتقارب بين الأحزاب الكردية في سوريا، وتسهيل عودة النازحين، وتشكيل جيش كردي موحد".

من جهة أخرى، فإن أبرز نتائج مؤتمر "الاتحاد الديموقراطي"، كانت تغيير "الرئاسة المشتركة"، بانتخاب كل من عائشة حسو وشاهوز حسن، بدلاً من صالح مسلم وآسيا عبدالله. تغيير لم يكن مفاجئاً، كون النظام الداخلي لـ"الاتحاد" لا يسمح للرئيس المشترك بالترشح لأكثر من دورتين، إلا أن مراقبين رجّحوا أن تنحيّ مسلم وعبدالله، هو نهاية مرحلة "الوحدات" وبداية مرحلة أخرى مختلفة. إذ لطالما عُرفت "وحدات حماية الشعب" بـ"وحدات صالح مسلم"، وهو الذي فقد أحد أبنائه في إحدى معارك "الوحدات"، فيما كانت عبدالله قائدة "وحدات حماية الشعب" في معارك تحرير كوباني "عين العرب" من تنظيم "داعش"، فضلاً عن الدور الذي لعبته أوروبياً في التعريف بـ"وحدات حماية المرأة".

ولا يعني ذلك أن بامكان الرئيس المشترك الجديد شاهوز حسن، القيام بتغيير سياسة "الاتحاد الديموقراطي" في المرحلة المقبلة، إذ أنه كما آسيا عبدالله، وريدور خليل، من الكوادر السابقين لـ"العمال الكردستاني"، وهذا يعني بالتأكيد استمرار تحكم قيادة جبل قنديل بالقرار السياسي لـ"الاتحاد الديموقراطي". لكن ما يميز هذه المرحلة، أنها "مرحلة جني الثمار"، كما أشار البعض، وعلى ذلك يمكن فهم الخطاب المرن لـ"الاتحاد الديموقراطي" تجاه خصومه السياسيين، بعد كسبه للقوة الكافية القادرة على احتوائهم.

في الطرف الآخر، يواجه الاستفتاء الكردي ضغوطا من بغداد وأنقرة وطهران، لالغاء نتائجه، وكان آخرها تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، بفرض عقوبات على إقليم كردستان، وقرار البرلمان العراقي منع التعامل المالي مع أربيل. إلا أنه وعلى الرغم من التصعيد، تستحيل العودة إلى مرحلة ما قبل الاستفتاء، حتى لو ألغيت نتائجه. إذ سيكون مقابل إلغاء النتائج مكاسب مهمة لإقليم كردستان يرجح أن يكون أبرزها ضم محافظة كركوك إدارياً إلى الإقليم. والأمور تتجه إلى مفاوضات مطولة، وهو الأمر الذي أشار إليه رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، خلال خطبه التي سبقت الاستفتاء، وذلك وسط مبادرات الأطراف المتعددة، كان آخرها مبادرة للمرجع الشيعي آية الله السيستاني، التي تقول بالرجوع إلى الدستور لتقرير مصير الشعب الكردي. المبادرة لاقت ترحيباً من الطرفين، إلا أن تفاصيلها ومصالح الطرفين، قد تُطيلا من عمر المفاوضات.

استفتاء إقليم كردستان العراق، وانتخابات الفيدرالية في الشمال السوري، سيدفعان بالمسألة الكردية إلى تحولات كبيرة، ستعمل طهران وأنقرة على منعها أو تعديلها وفق مصالحهما، بما لا يُشكلُ خطراً على أمنهما القومي. زيارة أردوغان إلى طهران، الأربعاء، ستتركز على مناقشة نتائج الاستفتاء، وتحديد الموقف منه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها