الثلاثاء 2017/10/31

آخر تحديث: 13:46 (بيروت)

هل تنتهي عملية "خفض التصعيد" في القلمون الشرقي؟

الثلاثاء 2017/10/31
هل تنتهي عملية "خفض التصعيد" في القلمون الشرقي؟
روسيا تدفع وفد المعارضة لبحث ملفات هامة مع النظام، مباشرةً، كقضية المعتقلين (سمارت)
increase حجم الخط decrease
تبدو الصورة في القلمون الشرقي، أكثر تعقيداً من قبل؛ فالنظام ما زال يعرقل المسار التفاوضي الذي بدأته المعارضة في المنطقة مع مندوبين عن روسيا، بهدف تغيير مظلة المفاوضات وتحويلها إلى اتفاق "مصالحة". وبعدما كان مُقرراً عقد لقاء تفاوضي في دمشق، بين ممثلي المعارضة في القلمون، وقيادات أمنية وعسكرية تابعة للنظام، قبل يومين، تم تأجيل الاجتماع نتيجة عرقلة قوات النظام وصول ممثلي بلدة الضمير المحاصرة تماماً، للقاء ممثلي بقية بلدات القلمون الشرقي في مدينة الرحيبة، للتشاور.

وعلى الرغم من أن "الضامن" الروسي لم يتخلَّ رسمياً عن الاتفاق الذي وقّعه مع ممثلي الفصائل والحراك الثوري في القلمون الشرقي، إلا أنه بدأ بتغيير اللهجة، ودفع المفاوضين لبحث ملفات مهمة مع النظام، مباشرةً، كقضية المعتقلين.

الناشط الإعلامي خالد محمد، من قال لـ"المدن": "يبدو أن الاتفاق الموقع تحت بند خفض التصعيد كان مجرد مرحلة لتهدئة الأوضاع، كفترة تسبق عملية فرض اتفاق مصالحة كما حدث في بلدات محيط دمشق كالمعضمية وداريا". عدم الثقة بالضمانات الروسية، يجد ما يدعمه في مواقف موسكو السياسية الأخيرة، فالتصريحات الرسمية الروسية خلال الأيام السابقة لـ"أستانة-7"، تحدثت عن تشكيل "لجان مصالحة" بدل الحديث عن تطبيق اتفاقات "خفض التصعيد" على الأرض.

في المقابل فإن فصائل معارضة القلمون الشرقي ترفض أي حديث عن "المصالحة". الناطق باسم "تجمع أحمد العبدو" سعيد سيف، قال لـ"المدن": "أي حديث عن المصالحة مرفوض تماماً من قبلنا، وسننتظر عقد اللقاء في دمشق لتحديد موقفنا من عملية التفاوض".

هذه الأجواء المعقدة التي تحيط بملف المفاوضات في القلمون الشرقي، بدأت تدفع الأجواء الداخلية للغليان. فالنظام يحاول استنزاف الوقت إلى النهاية، للضغط على أهالي القلمون الشرقي للقبول بسقف "المصالحة". وأمام هذا الإصرار لا يبدو أن موسكو ستفعل أي شيء. على العكس من ذلك، المندوب الروسي دفع وفد المعارضة للقاء النظام والتفاوض بشكل مباشر، ضمن سلسلة من التراجعات عن الموقف الذي سبق وأعلنته موسكو خلال توقيعها مطلع أيلول/سبتمبر، اتفاق "خفض التصعيد" مع المعارضة في القلمون الشرقي.

مدير صفحة "البادية 24" عبدالله عبدالكريم، قال لـ"المدن": "النظام يحاول بأي طريقة فرض سيطرته على المنطقة مجدداً، لإعادة نشر قواته العسكرية والأمنية، وهو الآن يحاول تقديم شروط أفضل حتى من الشروط الروسية للقبول بالتسوية ضمن إطار المصالحة، وللأسف يبدو أن فصائل المنطقة لم تتنبه حتى اللحظة بأن الضامن الروسي لن يوقف مخططات النظام".

الأفق المسدود لمسار "خفض التصعيد" في القلمون يبدو أنه قد بدّل موقف المعارضة تجاه موسكو، فهي الآن لم تعد "ضامناً موثوقاً" بعد مماطلة منها وتأخر عن تطبيق الاتفاق، لا بل أنها أفسحت المجال للنظام كي يتجاوز الاتفاق، بغرض إعادة المفاوضات مع المعارضة في القلمون الشرقي إلى نقطة الصفر. ورغم كل ذلك، لا يبدو أن المعارضة قادرة على تغيير المعادلة العسكرية في منطقة محاصرة تماماً ومقطعة الأوصال كالقلمون الشرقي. المعارضة تجد نفسها مضطرة إلى الاستمرار في عملية، تشير المُعطيات إلى أنها قد تقود إلى استعادة النظام السيطرة على القلمون.

الناشط القلموني أبو الحسن، قال لـ"المدن": "القوى والفصائل لن تقبل اتفاق مصالحة فهذا يعني عودة النظام، واعتقالاته إلى المنطقة، نحن رأينا ما انتهت إليه الأوضاع في مدينة التل بعد تعهد النظام بعدم دخول قوات الأمن إلى المدينة، أصبحت دوريات الأمن السياسي تدخل وتعتقل من تشاء من هناك، لذلك لن نقبل بأي اتفاق مصالحة، لكن موقف موسكو وضعنا في مأزق بعدما قدمت نفسها كضامن وقوة تفرض شروطها على النظام. الآن هي تدفعنا للتفاوض مع النظام".

عملية التفاوض معلقة حتى الآن، ورغم استمرار لقاءات وفد القلمون بالمندوبين الروس، إلا أن التقدم في هذا المسار أصبح بيد النظام، فيما موسكو بدأت بسحب ضماناتها. مشهد قد لا يختلف عما يحدث في الغوطة الشرقية وريف حمص. وقد تكون الفترة المقبلة هي المشهد الختامي من عملية اعتقد الجميع أنها قد تقدم حلاً ولو مؤقتاً يحمي المدنيين من القصف والعمليات العسكرية. ليتضح أن فترة "الصلاحية السياسية" لمذكرة "خفض التصعيد" أقصر من المتوقع. في المقابل فإن المعارضة السورية والفصائل المسلحة لم تعد في الموقع الذي تمتلك فيه المبادرة العسكرية. فالوقائع التي فُرِضت خلال العام الماضي تمنع مثل هذه السيناريوهات، وفي ظل غياب موقف إقليمي وأميركي واضح، فإن أهالي القلمون الشرقي وعموم سوريا، يُتركون بلا قدرة ولا حول لمواجهة جديدة مع النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها