شكّلت هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" في الرقة نقطة تحوّل في احتواء عمليات التنظيم، بحسب ما أعرب دبلوماسيون وسياسيون في دول غربية، معتبرين أن ذلك يعني بداية تحقيق الاستقرار في المنطقة، وخطوة أولى نجحت في استراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة في الأزمة السورية.
وقال محللون متخصصون في شؤون الشرق الأوسط إن من بين المشكلات الكثيرة التي تجلت بعد طرد تنظيم "داعش" من الرقة مشكلة توفير الأموال للمساعدة في إعادة بناء المدينة المدمرة وكيفية دعم الحكومة المحلية الوليدة في مواجهة تمرد محتمل، وكيفية منع الرئيس السوري بشار الأسد، المدعوم من إيران وروسيا من محاولة استعادة السيطرة على المدينة.
في هذا السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد نيك هيراس قوله، إن "التحدي الحقيقي هو أن يتحول تنظيم الدولة الإسلامية إلى شبح منتقم يحاول التسلل لتخريب الأمن والحكم والإدارة في فترة ما بعد انتهاء الصراع من أجل تقويض الولايات المتحدة وشركائها". وأضاف "التحدي الأكبر بالنسبة للرقة والشركاء السوريين المحليين الذين يحاولون إعادة بناء الرقة هو الغموض في سياسة إدارة ترامب بشأن سوريا".
وتابع هيراس "يتعين إرسال إشارة بأن الولايات المتحدة تنوي الاحتفاظ بقوة في المناطق التي استعادتها من الدولة الإسلامية من أجل الإشراف على مهمة تحقيق الاستقرار وأن يكون لها هدف أوسع غير معلن يتمثل في تقييد قدرة إيران على إعادة السيطرة على كل أنحاء البلاد باسم الأسد".
وعلى الرغم من وجود محللين كثيرين اعتبروا أن نتائج الاستراتيجية الاميركية تجاه سوريا، خصوصاً لناحية الحرب على تنظيم "داعش"، بدأت بالظهور، يرى آخرون أن الولايات المتحدة ليس لديها على ما يبدو استراتيجية واضحة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة، ناهيك عن إحياء المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف بهدف إنهاء الحرب.
وقال السناتور الجمهوري بن ساس "سيطرنا على مدن من قبل وفقدناها..هذا الانتصار يؤكد على الحاجة إلى استراتيجية شاملة لسوريا"، في حين نقلت "رويترز" عن مسؤول آخر، طلب عدم الإفصاح عن اسمه قوله، إنه "إذا كان الروس يرغبون حقا في...عمل شيء يعيد إلى سوريا لحمتها فسنرى إن كانوا مستعدين للعودة إلى عملية جنيف".
وإذا كان سقوط الرقة يكشف الفاعلية العسكرية لاستراتيجية الولايات المتحدة في سوريا والعراق المستندة الى الاكراد، فإن المواجهات للسيطرة على كركوك تكشف بالمقابل ضعف السياسة الأميركية.
في هذا الشأن، نقلت وكالة "فرانس برس" عن ليندا روبنسون من مركز "راند" للابحاث والدراسات قولها، إن تحرك الإدارة الاميركية عبر دعوة رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الى الغاء الاستفتاء قبل يومين فقط من موعد إجرائه جاء "متأخراً جداً".
وتقول روبنسون، إن فوز الـ"نعم" في الاستفتاء على استقلال كردستان العراق مع مناطق متنازع عليها، ولاسيما محافظة كركوك الغنية بالنفط "وضع (حيدر) العبادي (رئيس الوزراء العراقي) في موقف صعب للغاية".
وتضيف روبنسون أن الادارة الاميركية "مستاءة" من اكراد العراق، مشددة في المقابل على أن التباينات مع بارزاني يجب الا تؤثر على التعاون بين واشنطن و"قوات سوريا الديموقراطية"، المؤلفة من تحالف كردي عربي، يهيمن عليه المقاتلون الأكراد.
ويقول المتحدث باسم "التحالف الدولي" الكولونيل راين ديلون، إن "قوات سوريا الديموقراطية اثبتت انها شريك فاعل وقادر". ورداً على سؤال حول إمكانية قيام التحالف بتعليق تدريباته العسكرية للاكراد على خلفية الاستفتاء، أجاب ديلون أن أي قرار لم يتخذ وأن التدريب مستمر.
في المقابل، يقول المحلل في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" ديفيد بولوك، إن التوتر الذي تشهده كركوك يصب في مصلحة طهران بشكل كبير، وإن الاكراد انسحبوا من المدينة دون قتال لانهم "فهموا ان احدا لن يأتي لنجدتهم".
ويضيف بولوك، إن الولايات المتحدة "استغلت الأكراد ضد داعش وتخلت عنهم في العراق، وهذا الامر يمكن ان يتكرر في سوريا أيضاً (..) يقال لهم لقد بذلتم كل شيء على مدى ثلاث سنوات، ولكننا نتخلى عنكم".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها