الثلاثاء 2017/10/17

آخر تحديث: 12:46 (بيروت)

الانسحاب من كركوك وسنجار: ماذا كسب طالباني وخسر بارزاني؟

الثلاثاء 2017/10/17
الانسحاب من كركوك وسنجار: ماذا كسب طالباني وخسر بارزاني؟
غالبية عناصر "الحشد" الذين دخلوا مدينة سنجار، هم من الأيزيديين، من أبناء قضاء سنجار (Getty)
increase حجم الخط decrease
دخلت قوات "الحشد الشعبي"، صباح الثلاثاء، مدينة سنجار العراقية، مع أنباء عن توجه قوة من الجيش العراقي لتسلم معبر ربيعة الحدودي مع سوريا. وقال مصدر خاص من قوات البيشمركة، على محور سد الموصل، لـ"المدن"، إن قوات البيشمركة في جميع محاور المناطق المتنازع عليها؛ سهل الموصل وسنجار وخانقين، تلقت منذ مساء الإثنين، أوامر بالاستعداد للانسحاب، إلا أنها لم تنسحب حتى اللحظة.

مصدر "المدن" أوضح أيضاً أن غالبية عناصر "الحشد" الذين دخلوا مدينة سنجار، هم من الأيزيديين، من أبناء قضاء سنجار، مشيراً الى عدم تواجد "الحشد الشعبي" في محور سهل نينوى.

المشهد في المناطق المتنازع عليها المتاخمة لمحافظة دهوك لا يبدو مضطرباً أمنياً، إذ تمنع حواجز قوات البيشمركة المرابطة بين محافظة دهوك والمناطق المتنازع عليها، دخول بعض النازحين الذين لم يتجاوز عددهم المئات، وذلك بخلاف قوافل النازحين الكبيرة من مدينة كركوك والتي توجهت منذ صباح الاثنين إلى محافظتي أربيل والسليمانية.

وكانت قوات البيشمركة قد سلمت، الإثنين، مدينة كركوك لقوات "الحشد" ووحدات من الجيش العراقي، في الوقت الذي عُقِدَ فيه اجتماع مطول بين قيادة "الحزب الديموقراطي الكردستاني" مع المبعوث الأميركي للحرب ضد "داعش" بريت ماكغورك.

انسحاب البيشمركة من كركوك، بدا ضبابياً، بعدما كال "الديموقراطي الكردستاني" اتهامات بالخيانة لحزب "الاتحاد الوطني"، متهماً عائلة طالباني بالوقوف وراء ذلك التسليم. القيادي في بيشمركة "الاتحاد الوطني" في كركوك، لاهور شيخ جنكي، كان قد قال إنه غير مستعد لأن يضحي بدماء رجاله في سبيل أن تكون كركوك لعائلة البارزاني.

سيناريو الانسحاب من كركوك، والوضع في مركزها، ظل غامضاً، قبل أن يكشف النائب العراقي مسعود حيدر، عن مضمون الاتفاق الذي جرى بين نجل جلال طالباني، رئيس "الأمن والمعلومات" في السليمانية بافل طالباني، وزعيم مليشيا "منظمة بدر" في "الحشد الشعبي" هادي العامري.

وقال مسعود حيدر، في "فيسبوك"، إنه في الفترة الماضية، وبعد عملية الاستفتاء، وبإشراف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ووساطة زعيم مليشيا "القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، تم توقيع اتفاق يضم البنود التالية: "إعادة المناطق المتنازع عليها إلى الجيش العراقي". و"تسليم 17 وحدة إدارية (الأقضية والنواحي ومركز كركوك) من التي تديرها حكومة الإقليم بعد العام 2014 إلى السلطة الاتحادية، وإذا لم يتم تسليمها ستطالب بغداد بـ11 وحدة أخرى، كانت قد سيطرت عليها البيشمركة في العام 2003". كما أن "مركز مدينة كركوك سيكون تحت إدارة مشتركة، وسيدير الأكراد 15 حياً فيما تدير باقي المكونات الأحياء الـ25 الأخرى، وستستمر هذه الحالة ستة أشهر". كما "ستدير الحكومة الاتحادية المقرات الحيوية (المطار، وقاعدة k1، والمنشآت النفطية)". و"فتح حركة الملاحة الجوية الدولية في مطار السليمانية". على أن "تقوم الحكومة الاتحادية بدفع رواتب الموظفين في السليمانية وكركوك". و"تشكيل إقليم (حلبجة-السليمانية-كركوك) وتشكيل حكومة للإقليم الجديد".

وما ستكسبه السليمانية، تحت سيطرة الطالباني وحزب "الاتحاد الوطني" من الاتفاق، بصورة رئيسية، هو الخروج من عباءة البارزاني. فالسليمانية وأربيل، في نهاية المطاف، أعداء تاريخياً، وإذا ما عملوا سوية لفترة من الزمن، فذلك اتفاق استراتيجي بضغط أميركي، ومع ذلك شكَلوا إدارتين. إقليم كردستان، ومنذ عامين، بلا حكومة وبرلمانه مُعطّل.

وعلى الرغم من أن قوات "الحشد الشعبي" كانت قد قامت بإنزال الاعلام الكردية في مدينة كركوك، إلا أن وسائل إعلام "الاتحاد الوطني" تحدثت منذ لحظات عملية الإنسحاب الأولى، عن اتفاق "إدارة مشتركة" للمدينة. وما زاد من ضبابية المشهد اختفاء القياديين في "الاتحاد الوطني" نجم الدين كريم وكوسرت رسول، مع توارد روايات غير دقيقة عن اختطاف الأول واغتيال الثاني. وأتى ذلك في وقت تحدثت فيه مصادر من كركوك، عن انسحاب لقوات بارزاني، من المنشآت النفطية شمال غربي كركوك، بالتوازي مع انسحاب قوات طالباني، قبل أن يُعلِنَ القيادي في بيشمركة "الاتحاد الوطني" في كركوك شيخ جعفر، عبر وسائل إعلام مُقرّبة من "الديموقراطي الكردستاني" بأن الانسحاب من كركوك "لم يكن خطأً".

وتزامناً مع هذه التطورات، أعلنت تركيا عن البدء في تسليم منفذ خابور الحدودي، الذي يربط إقليم كردستان بالأراضي التركية، لـ"الحكومة الاتحادية".

وتشير التطورات المتلاحقة إلى اتجاه الأمور نحو تطبيق الطرح الأميركي بخصوص حل أزمة الاستفتاء، بين بغداد وأربيل، والتي تتضمن وضع المنافذ الحدودية تحت "إدارة مشتركة" وتطبيق "المادة 140" من الدستور العراقي، ومشاركة "المحكمة الاتحادية" في موضوع الاستفتاء. وتتضمن "المادة 140" من الدستور ثلاث خطوات؛ تطبيع الأوضاع الأمنية، ومن ثم معالجة التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية بعد استلام الرئيس الأسبق صدام حسين للحكم سنة 1968، ومن ثم إجراء استفتاء لتحديد ما يريده الأهالي.

والملاحظ في خطاب رئيس الوزراء حيدر العبادي، منذ الاستفتاء، هو التركيز على مصطلحي "العراق الاتحادي" و"القوات الاتحادية"، اللذين حلّا محل مصطلح "حكومة المركز" في الخطاب السياسي لبغداد. ويبدو بأن رئيس الوزراء يتجه لتقسيم العراق إدارياً إلى مقاطعات، كبديل عن تقسيم العراق إلى أقاليم تحمل طابعاً مذهبياً أو عرقياً. وكان إقليم كردستان، قبل استفتاء 25 أيلول/سبتمبر، يعيش امتيازات أكثر من امتيازات الكونفيدرالية، ويسيطر على المعابر الحدودية والمطارات بشكل مطلق من دون أي وجود للحكومة الاتحادية، ولكن نظام المقاطعات لن يحقق له ذلك، إذ ستكون المنشآت التي تمتاز بطابع دولي كالمعابر والمطارات، بيد "الحكومة الاتحادية" أو بـ"إدارة مشتركة". فيما تشير حكومة إقليم كردستان، إلى أنه مشروع إيراني للسيطرة على كامل الأراضي العراقية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها