الخميس 2017/01/19

آخر تحديث: 16:38 (بيروت)

مباراة السيسي الخاسرة مع أبوتريكة

الخميس 2017/01/19
مباراة السيسي الخاسرة مع أبوتريكة
© AFP
increase حجم الخط decrease

أواخر عام 2013، قرر أشهر نجوم النادي الاهلي والمنتخب المصري لكرة القدم محمد أبوتريكة، إعتزال لعب كرة القدم نهائياً. كان القرار متوقعاً، خاصة بعد مذبحة بورسعيد، التي راح ضحيتها العشرات من مشجعي النادي الاهلي، وهو ما ترك آثاراً نفسية سيئة على اللاعب، الذي رفض مصافحة وزير الدفاع السابق حسين طنطاوي، عندما حاول الوقوف على خلفيات ما حدث.

ورغم حالة الحزن الشديدة التي سيطرت على الجماهير المصرية والعربية بسبب اعتزال أبوتريكة، صاحب ألقاب "الماجيكو، وأمير القلوب، وزيدان العرب، وحبيب البسطاء، وصديق الشهداء القديس"، إلا أن النجم انسحب من الملاعب بصمت، وبلا أضواء، ورفض إجراء المقابلات التلفزيونية والحوارات الصحافية، ولم يقل شيئاً لمحبيه.


ضربة البداية
لم ينسَ النظام تمنّع أبوتركية عن مصافحة طنطاوي، وتعاطفه مع الإخوان. وفي أبريل عام 2015، أعاد نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أبوتركية إلى الأضواء، لكن في مشهد سياسي، عقب صدور قرار من "لجنة حصر أموال الأخوان" بالتحفظ على أمواله.


كان من المتوقع، في ظل سيطرة النظام على كل وسائل الإعلام، وعزفه المتواصل على خطاب الكراهية والتخوين تجاه جماعة الإخوان المسلمين، أن يمر القرار ضد أبوتريكة مرور الكرام، بسبب ما عرف عن اللاعب من تعاطفه مع الجماعة، وانتخابه للرئيس المعزول محمد مرسي، وتلك تهم جاهزة، أثبتت نجاعتها مع كل خصوم السيسي.


ولكن أتت الرياح بما لا تشتهيه سفن النظام، حيث تسبب القرار بحالة غضب غير مسبوقة ضد السيسي، الذي لم يكن قد أكمل عامه الأول في الحكم، واجتاحت مواقع التواصل الإجتماعي تعليقات غاضبة ضد القرار، ودشن النشطاء هاشتاج بعنوان "أبو تريكة خط أحمر". وبعد أن كان أبوتريكة متوارياً عن الانظار، تقريباً، عاد اسمه ليتصدر العناوين الرئيسية للصحف المصرية.


الصدمة الأكبر التي لم تخطر على بال النظام، وأجهزته، أن أكثر الإنتقادات اللاذعة التي وجهت لرئيس الدولة، ولقرار التحفظ على أموال أبوتريكة، جاءت من بين صفوف مؤيدي السيسي وخصوم الإخوان. وحينها، أدرك النظام أن "المباراة" مع أبوتريكة خاسرة لا محالة، وأن خلعه من قلوب محبيه بتهم معلبة من عينة الإنتماء لجماعة محظورة، ودعم اعتصام رابعة، وتمويل الإرهاب، لن تجدي نفعاً، فاختار تكتيك التراجع خطوة إلى الخلف.


الشوط الثاني
بعد عامين من التهدئة، عاد النظام للعب الشوط الثاني من "مباراته" الخاسرة مع أبوتريكة، إذ أدرجت محكمة جنايات القاهرة اسم النجم المصري على قوائم الإرهاب، من بين 1500 شخصية أخرى اتهمتهم المحكمة بتمويل جماعة الإخوان، وتمويل العمليات الإرهابية. ورغم أن قرار المحكمة صدر نهاية الأسبوع الماضي، إلا ان الإعلان جرى بعد أربعة أيام.


وللمرة الثانية، ما إن تم الإعلان عن إدراج اسم أبوتريكة على قوائم الإرهاب، حتى انتفض الجميع تقريباً، ومنهم إعلاميون مقربون من النظام، وفنانون ولاعبون يعرفون بدعمهم للسيسي. أبرز أولئك كان الإعلامي المثير للجدل عمرو أديب، والفنان أحمد السعدني، والفنانة آيتن عامر، والفنانة مي كساب، ونجما كرة القدم المصرية أحمد حسام، ومحمد صلاح..


السر عند مجلس الدولة
قبل 9 أيام قضت، محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة بقبول "الإستشكال" المقدم من أبوتريكة حول قرار التحفظ القديم على أمواله، وحكمت ببطلان التحفظ. وجاء ذلك قبل أيام قليلة من حكم ثان صدر عن مجلس الدولة، أبطل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.


البعض يعتبر أن هذين الحكمين المتتابعين، وأحكام أخرى سابقة، تسببا بوضع مجلس الدولة في مرمى نيران النظام، وأن حكم إدراج أبوتريكة على قوائم الإرهاب كان بهدف التغطية على حكم تيران وصنافير، فضلاً عن الرد على حكم القضاء بإلغاء قرار التحفظ على أمواله.


أمام هذه الوقائع، يترقب المصريون سيناريوهين لـ"مبارة" أبو تريكة والسيسي؛ الأول أن يصر النظام على إكمال الشوط الثاني حتى نهايته، ويقبض على "زيدان العرب"، وهو سيناريو ستكون تكلفته فادحة على النظام وشعبية السيسي، التي لا تقارن مع صاحب رقم صعب في تاريخ كرة القدم المصرية والعربية مثل أبوتريكة، الذي ما فاته أن يكتب عبارات التضامن على قمصانه أثناء المباريات، وفي مقدمتها عبارات التضامن مع فلسطين. أما السيناريو الثاني، ويبدو أنه الأكثر ترجيحاً، فهو أن ينسحب النظام من هذه المعركة، ويعود خطوة إلى الخلف، ليتجنب انهياراً جديداً في شعبية السيسي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها