الخميس 2016/09/01

آخر تحديث: 13:14 (بيروت)

هل تعثرت مبادرة توحيد المعارضة المسلحة؟

الخميس 2016/09/01
هل تعثرت مبادرة توحيد المعارضة المسلحة؟
لم يًعلن حتى اللحظة عن نهاية المفاوضات أو فشل المشروع (انترنت)
increase حجم الخط decrease
منذ أعلنت "جبهة النصرة" فكّ ارتباطها بتنظيم "القاعدة" وتشكيل "جبهة فتح الشام"، بدأت لقاءات جديّة بين قيادات أغلب الفصائل الإسلامية في الشمال السوري في مسعى للاندماج. إلا أن عقبات كثيرة وقفت في وجه هذه المفاوضات، التي يبدو أنها باتت تراوح مكانها.

"رابطة أهل العلم في الشام" كانت قد أصدرت بياناً موقعاً باسم شخصياتها الخمس؛ عبدالله المحيسني وأيمن هاروش وعبدالرزاق المهدي وأبو إسلام الحموي وأبو الحارث المصري، في 31 أب/أغسطس، مضمونه "وجوب الابتعاد عن الخوض في قضية جمع كلمة المسلمين، بسبب الخلط بين الحق والباطل"، وأن عملية التوحيد لاتزال معلقة تحتمل النجاح والفشل. وأشار البيان إلى أن الموقعين عليه، "سيضعون المتابعين في صورة حقيقة الأمر في حال فشله". الأمر الذي يجعل من مصير مبادرة التوحيد الجديدة، التي تدعمها "رابطة أهل العلم في الشام"، أشبه بمصير مبادرة سابقة للرابطة في كانون الثاني/يناير 2016، كانت قد فشلت بسبب تحفظ قيادات الفصائل على ارتباط "النصرة" بـ"القاعدة".

فكّ الارتباط، لم يكن وحده، ما أحدث تغييراً في موقع "جبهة فتح الشام" بالنسبة لبقية الفصائل الإسلامية. فخلال السنوات الماضية، استهدفت أميركا و"التحالف الدولي" ما عُرف باسم "جماعة خرسان" في سوريا، وأعضاؤها من مخضرمي "القاعدة" وأكثرهم تشدداً وانعزالاً، ممن كانوا على اتصال مباشر بزعيم التنظيم أيمن الظواهري. وبمقتل أعضاء "جماعة خراسان" أصبح محيط زعيم "النصرة" الفاتح الجولاني، ممن يمكن توصيفهم بـ"معتدلي القاعدة"، وتمثلهم جماعة أبو ماريا القحطاني، شرعي "النصرة" السابق، بعد قدومهم من درعا إلى إدلب. وكان لجماعة القحطاني دور في الدفع باتجاه فك الارتباط مع "القاعدة" وكذلك باتجاه تشكيل جسد عسكري وسياسي موحد للمعارضة الإسلامية المسلحة. ولم يؤثر انشقاق ثلاثة من قياديي "جبهة فتح الشام"، (نتيجة فك الإرتباط) ممن يُعتبرون صقوراً في "السلفية الجهادية"، على مجريات عملية التوحد. كما أن "فتح الشام" باتت حريصة على عدم اظهار أي من التجاذبات في بيتها الداخلي، خاصة من طرف التيار المتشدد المحافظ فيها.

اللقاءات التشاورية بين قادة الفصائل، لإنشاء كيان موحد، بدأت منذ منتصف أب/أغسطس، برعاية أطراف إقليمية. وأبرز المشاورات كانت بين قيادات وشرعيي "جبهة فتح الشام" و"حركة أحرار الشام"، وسط أنباء عن ضمّ "حركة نور الدين زنكي" و"أجناد الشام" و"لواء الحق" وفصائل أخرى أعلنت موافقتها على الاندماج من دون أي تحفظ. "فيلق الشام" الذي دخل المشاورات الأولية، عاد وعلّق مشاركته فيها، بعد عملية "درع الفرات" في جرابلس، بدعم تركي، وسط أنباء عن إمكانية ظهور تشكيلات جديدة في ريفي حلب الشمالي والشرقي، قد يكون لـ"الفيلق" دور مهم فيها.

واستمرت اللقاءات والمشاورات بين قيادات "حركة أحرار الشام" و"جبهة فتح الشام" وممثلين عن بقية الفصائل، حتى 30 أب/أغسطس، وتدخلت فيها شخصيات من "رابطة أهل العلم في الشام"، خاصة عبدالله المحيسني، الذي تُرجح تكهنات استلامه موقع الشرعي العام للفصيل الموحد الجديد، إن رأى النور.

وأثيرت خلال اللقاءات مسألة انضمام "جيش الإسلام" في الشمال السوري، للكيان الجديد، وهو أمر لقي معارضة شديدة من قياديي "فتح الشام"؛ فـ"جيش الإسلام" ذو توجه سلفي علمي، في حين أن سلفية "فتح الشام" جهادية. مصادر "المدن" أكدت أن اعتراض "فتح الشام" على انضمام "جيش الإسلام"، كان يتيماً، فـ"جبهة فتح الشام" لم تعترض على انضمام "حركة زنكي" المصنفة ضمن قائمة المعارضة المعتدلة. كما أن "جبهة فتح الشام" أظهرت مرونة وانفتاحاً على باقي الفصائل، وفي مسائل حيوية أخرى.

مصادر "المدن" أشارت إلى أن الجولاني استبق مسألة زعامة التشكيل الجديد، وأبلغ عن نيته عدم طرح اسمه للقيادة، وهو ما أثار ارتياحاً لدى ممثلي "حركة أحرار الشام". وكانت "الأحرار" قد عملت على تطوير مشروعها وطموحها السياسي لجمع الفصائل، منذ تأسيسها منتصف العام 2013، مفضلة الابتعاد عن التوصيفات الجهادية، الأمر الذي بدا واضحاً في تبني "الأحرار" شعار "مشروع أمة" أواخر العام 2013، بدلاً من "الجهاد وتطبيق الشريعة".

وبات اسم قائد "أحرار الشام" مهند المصري "أبو يحيى الحموي"، متداولاً لزعامة التشكيل الموحد، إلا أن مصادر "المدن" في "مجلس شورى الأحرار" نفت الأمر، وأضافت أن قياديي "الأحرار" المشاركين في اللقاءات التحضيرية للاندماج، ومنهم أبو محمد الصادق وأبو صالح طحان، يفضلون طرح اسم آخر لقيادة التشكيل الجديد. فـ"أحرار الشام" حريصة على بقاء الفصائل المنضوية في الكيان الموحد الجديد، محافظة على هيكليتها الداخلية وإيديولوجيتها، فهي تخشى تفكك الكيان الجديد، وبالتالي صعوبة العودة لبناء هيكليتها المستقلة.

التصريحات الأميركية-الروسية عن ضرورة فصل الجماعات المعتدلة عن الجماعات "الإرهابية"، وعدم الاكتراث لفك "فتح الشام" ارتباطها بـ"القاعدة" واستمرار النية في استهدافها، أثارت مخاوف قياديي بقية الفصائل، وبدأت اللقاءات تتسم بالتريث والتعقيد وتعليق الجلسات. وقد غرّد حساب "طاعون الدواعش"، في "تويتر"، وهو مُقرب من أبو ماريا القحطاني، منتقداً المتخوفين من التصنيف ضمن قوائم "الإرهاب" والمعرقلين للاندماج.

"أجناد الشام" و"الزنكي" و"لواء الحق" طرحت تخوفها من عدم انضمام "جند الأقصى" إلى مفاوضات التشكيل الجديد، الأمر الذي قد يتسبب في حدوث انشقاقات في صفوفهم وانضمام المنشقين إلى "جند الأقصى"، أو حتى تشكيل فصيل متشدد جديد.

لم يًعلن حتى اللحظة عن نهاية المفاوضات أو فشل المشروع، إلا أن المتابعين للأمر يشيرون إلى الصعوبات التي يواجهها المفاوضون، وسط توتر إقليمي ودولي، وتعقد لخريطة الصراع على الأرض. وفي حين يبدو توحيد المعارضة المسلحة في جسد عسكري سياسي واحد، ضرورة لا غنى عنها، إلا أن الواقع يبدو أكثر تعقيداً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها