السبت 2016/08/13

آخر تحديث: 16:18 (بيروت)

"الفرقة الأولى الساحلية": أبعد من خسارة كنسبا

"الفرقة الأولى الساحلية": أبعد من خسارة كنسبا
هجمة النظام الأخيرة على كنسبا، في وقت انتقل فيه عدد كبير من مقاتلي الفصائل الإسلامية إلى حلب (سمارت)
increase حجم الخط decrease
أسبوع أسود مرّ على "الفرقة الأولى الساحلية"، خسرت خلاله السيطرة على ناحية كنسبا وقرية شلف وقلعتها، واضطرت للانسحاب من مواقع أخرى قريبة منها، تحت ضغط نيران قوات النظام وطيرانه إضافة للطيران الروسي. وزاد سواد هذا الأسبوع على الفرقة، بخسارتها لثلاثة من قادتها العسكريين الميدانيين، في معارك كنسبا وما حولها.

وهذه هي أكبر خسارة تتعرض لها "الساحلية الأولى" منذ هزيمتها القاسية في الشتاء الماضي أمام قوات النظام المدعومة بغطاء جوي روسي، وانسحابها من مواقعها في غالبية مساحة جبلي الأكراد والتركمان، في ريف اللاذقية. وعلى الرغم من خسارة الفرقة بعض قادتها سابقاً، إلا أنه كان ثقيلاً ومؤلماً عليها أن تفقد ثلاثة قادة خلال يومين.

وتشكلت "الفرقة الأولى الساحلية" قبل عامين، ووصل عدد منتسبيها منذ ذلك الوقت حتى اليوم، إلى ما يقارب 4000 مقاتل، منهم ضباط وعناصر منشقون عن قوات النظام ومدنيون متطوعون من أبناء اللاذقية وريفها. وسقط للفرقة بضع مئات بين قتيل وجريح. وتتلقى الفرقة دعمها المالي والعسكري من غرفة "الموم" التي تمولها مجموعة دول "أصدقاء الشعب السوري"، وتعتبر أقوى وأكبر فصيل عسكري معارض في ريف اللاذقية.

ونعت الفرقة، قبل يومين، كلاً من القائد العسكري لـ"لواء العاصفة" محمد وليو الملقب بـ"العرعور"، والقائد العسكري لـ"اللواء الثالث" فادي بيطار، والقائد العسكري لـ"الفوج الأول" أكرم أمهان، لينضموا بذلك إلى عشرات مقاتلي "الساحلية الأولى" ممن قتلوا منذ بداية "معركة اليرموك" نهاية حزيران/يونيو. وذلك خلال معارك الكر والفر التي خاضتها المعارضة مع قوات النظام في كنسبا ومحيطها.

 الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها الفرقة قد تتسبب في ضعف أداءها العسكري، وتهدد بقية المواقع التي لا تزال تحت سيطرتها في ريف اللاذقية. ولعل السبب هو أن غالبية عناصر "الساحلية الأولى" هم من أبناء ريف اللاذقية الذين يدافعون عن أهلهم وقراهم ومنازلهم وبساتينهم، وأنهم الأكثر اندفاعاً وحماسة، وبالتالي الأكثر عرضة للخسائر البشرية.

العميد الركن المنشق أحمد رحال، لديه رأي مختلف، إذ يعتقد أن خسارة الفرقة لبعض قادتها لن يؤثر على أدائها وتماسكها، باعتبار أن هؤلاء القادة هم مقاتلون ميدانيون دائمو الاحتكاك بالعناصر، وهذا ما أكسب العناصر الخبرة في القيادة. وعليه، يمكن ببساطة تعويض خسارة أي قائد بنائبه أو مساعده أو مقاتل متميز.

وأضاف رحال لـ"المدن"، أن ذلك هو ما حصل فعلاً، إذ على الفور تمت تسمية قادة جدد عوضاً عن الذين سقطوا في معارك كنسبا. أما عن الخسائر الكبيرة في عدد أفراد الفرقة فيمكن تعويضه أيضاً بمتطوعين جدد من أبناء المنطقة، بعدما توقفت "الساحلية الأولى، في فترة سابقة، عن قبول المتطوعين.

قادة الفرقة الذين سقطوا مؤخراً، قضوا في ميادين القتال، بيد أن الفرقة سبق وخسرت قادة لها في حوادث متفرقة. فقائد "كتيبة أحفاد صلاح الدين" خالد حاج بكري، قتل اغتيالاً بطلقة مسدس في رأسه، في منزله، نهاية العام 2014. ومن قتل حاج بكري ينتمي لفصيل مسلح آخر في ريف اللاذقية، وقد تم إعدامه مع شريكه في العملية. ودارت شبهات حول عمالة القتلة للنظام، بعدما كان النظام قد أطلق تهديدات واضحة لقادة الفرقة، وأعلن على الفور تبنيه عملية اغتيال الحاج بكري بعملية وصفها بالنوعية.

شكوك مشابهة حامت حول مقتل رئيس "أركان الفرقة" النقيب باسل زمو، ومجموعة من عناصره، في الشتاء الماضي، بقصف من الطيران الروسي استهدف مغارتهم التي كانوا يتخذونها مقراً لهم، في الغابة بين الجبال. ورَجّح حينها بعض المتابعين، وجود عملاء للنظام، زودوا الطيران بالإحداثيات الدقيقة لمقر القائد العسكري.

وفي حين رفض قياديون في الفرقة توجيه اتهامات لأشخاص أو جهات معينة في جبل الأكراد، بالعمالة للنظام وتزويده بالمعلومات اللازمة عن قادة الفرقة وتحركاتهم بغاية استهدافهم، إلا أن الدلائل تشير بوضوح إلى استهدافات دقيقة نفذها النظام على مقرات الفرقة، لا شك أنها استندت إلى معلومات وصلته من عملائه في ريف اللاذقية.

وسبق أن سقط عدد من قادة فصائل المعارضة في جبلي الأكراد والتركمان، في عمليات اغتيال، عُرف بعض المتورطين فيها، وهذا ما يثير الشكوك حول الفاعل وطريقة حصوله على المعلومات التي وظفها للنيل من هؤلاء القادة، ومنهم أبو فراس العيدو وأبو كامل وأبو سليم جولاق ورياض عابدين والرائد باسل سلو وكمال حمامي "أبو بصير". ويفخر أبناء المنطقة أن قادة الفصائل العاملة في منطقتهم يسقطون في المعارك وهم يقاتلون إلى جانب عناصرهم، بيد أنهم يشككون سراً وعلانية باغتيال بعض القادة، ويدعون باستمرار للتحقيق بجدية بكيفية مقتلهم للوصول إلى الفاعلين والقصاص منهم.

ويتضح من سير المعارك الأخيرة التي جرت في كنسبا في جبل الأكراد، أن "الفرقة الأولى الساحلية" ومعها عدد محدود من الفصائل الأخرى، خاصة الإسلامية منها، لا تستطيع تحقيق انتصارات مهمة بسبب تعزيز النظام لقواته بشكل دائم واعتماده على كثافة نيران لا قدرة للمعارضة على الثبات بوجهها. كما أن هجمة النظام الأخيرة على كنسبا، تمت في وقت انتقل فيه عدد كبير من مقاتلي الفصائل الإسلامية التي كانت تقاتل في ريف اللاذقية، إلى حلب للمشاركة في فك الحصار عنها تحت لواء "جيش الفتح". وبقي منهم عدد محدود لمساندة الفرقة في صد هجمات النظام التي استهدفت استعادته للمناطق التي خسرها مع انطلاق "معركة اليرموك".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها