السبت 2016/02/27

آخر تحديث: 15:20 (بيروت)

"الحماية الذاتية":التغيير الديموغرافي في جبلي الاكراد والتركمان

السبت 2016/02/27
"الحماية الذاتية":التغيير الديموغرافي في جبلي الاكراد والتركمان
تعتبر "الحماية الذاتية" أحدث ابتكارات النظام لعسكرة ما تبقى من مدنيين في المناطق الواقعة تحت نفوذه (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
وَعَدَ محافظ اللاذقية متطوعي "الحماية الذاتية" بالسماح لهم إحضار عائلاتهم، وتأمين منازل لاستقرارهم في بلدتي سلمى وربيعة، في جبلي الأكراد والتركمان. وسيطرت قوات النظام والمليشيات المقاتلة معها بغطاء جوي روسي، مؤخراً، على جبلي الأكراد والتركمان. والمنطقتان، تعودان تاريخياً، للعرب والتركمان، الذين هُجّروا منهما، بعد دخول قوات النظام إليهما، مطلع العام 2016.

وتُعتبر فصائل "الحماية الذاتية"، التي تأسست نهاية العام 2015، أحدث ابتكارات النظام لعسكرة ما تبقى من مدنيين في المناطق الواقعة تحت نفوذه. ويتركز نشاط "الحماية الذاتية" في الساحل السوري؛ فمن اللاذقية وحدها، تَخَرَجَ حتى الآن 2500 متطوع ومتطوعة، على خمس دفعات، جرى تدريبهم في معسكر خاص في مدينة بانياس.

لا يتطلب الانضمام إلى "الحماية الذاتية" شروطاً كثيرة، ويكفي أن يكون المتطوع مؤيداً للنظام، عاطلاً عن العمل أو موظفاً في احدى الدوائر الرسمية، ليكون واحداً من المئات الذين يتم قبولهم للتدريب في كل دفعة. ولا تستغرق التدريبات أكثر من خمسة عشر يوماً، يتعرف فيها المتطوعون على أصول استخدام السلاح الخفيف، وكيفية التعامل مع السيارات التي يُشك بوجود متفجرات فيها. بالإضافة الى أسس التفتيش في النقاط والحواجز العسكرية التابعة لقوات النظام.

وتتبع "الحماية الذاتية" إلى مجالس المحافظات، وبعضها خارج عن سيطرة النظام، ويُشرف على تدريبها ضباط تابعون لـ"الحرس الجمهوري". وتُقدم طلبات الانتساب في ديوان المحافظة، ويفضل أن يكون المتقدمون إليها من أبناء المحافظة نفسها. فالموالون من إدلب يتدربون في معسكرات الساحل أو ريف دمشق، ليكونوا فصيلاً عاملاً إلى جانب قوات النظام في الاقتحامات المختلفة، على الرغم من أن القتال لا يعتبر من مهمات "الحماية الذاتية" الرئيسة.

المهمة الأولية الموكلة لـ"الحماية الذاتية" هي التوزع في "المناطق الباردة" الواقعة خارج نطاق العمليات العسكرية، كالقطاعات التي خضعت لهدن أو "مصالحة وطنية"، أو التي أعادت قوات النظام ومليشياته السيطرة عليها، بعد التأكد من استحالة حصول اشتباكات عسكرية فيها.

ولا تتحمل "الحماية الذاتية" أي مسؤوليات دفاعية أو هجومية، فهي غير مدربة على هذه المهام أصلاً، خاصة وأنها تضم بين صفوفها رجالاً يزيد عمرهم عن الستين بلياقة بدنية منخفضة للغاية. بالإضافة إلى تطويع عدد كبير من الفتيات من دون خبرة مسبقة. فالمهم هو تأمين وجود عسكري بديل، وإن كان وهمياً، لتتفرغ قوات النظام للقتال في مناطق ساخنة أخرى.

وتشهد فصائل "الحماية الذاتية" إقبالاً كبيراً للتطوع في صفوفها، خاصة من أبناء الطائفة العلوية، الذين فقد كثيرون منهم معيلهم المالي في الحرب، أو لكونهم يشكلون الشريحة الأعلى من الموظفين في القطاع العام في اللاذقية. كما أن الراتب المقبول نسبياً، يتجاوز 40 ألف ليرة سورية، شكّل عامل جذب كبير لهم. بالإضافة إلى إعفائهم من الاقتحامات والأوامر العسكرية القتالية، وهي ميزة يبحث عنها مؤيدو النظام الراغبون بارتداء بدلة عسكرية، تعطيهم ميزات اجتماعية، وسلاحاً يمنحهم الهيبة المطلوبة، دون فعالية عسكرية تذكر.

التركيز على تطويع الموظفين في القطاع الحكومي، والتهديد بمعاقبة المتخلفين عن الالتحاق بـ"الدفاع الوطني" أو "الحماية الذاتية"، خلق حالة من التململ في صفوف مؤيدي النظام. ويأتي ذلك بعد سوّقِ عمال الفئتين الرابعة والخامسة من موظفي مديرية الزراعة، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وإجبارهم على مساندة قوات النظام في عملياتها في ريف اللاذقية، بعد النقص الحاد في عدد المقاتلين. الأمر الذي تسبب في مقتل الكثير من متطوعي "الحماية الذاتية"، نظراً لقلة خبرتهم في التصرف عند قوع الاشتباكات. ما دفع الكثير من الموظفين للهرب وترك مواقعهم في العمل، الأمر الذي تلافاه النظام مباشرة بإصدار تعميم من قبل رئاسة مجلس الوزراء، يؤكد على ضرورة عدم اجبار الموظفين على الالتحاق بتلك الفصائل، والاكتفاء بالتعريف بميزاتها، كالحصول على نصف راتب شهري يضاف إلى راتب الموظف الأساسي، وإمكانية الاستفادة من البدلات والتعويضات والزيادات المختلفة.

لم تتسلم فصائل "الحماية الذاتية" أي مهام حقيقية حتى الآن، وانتشر بعض متطوعيها على الحواجز المتبقية داخل مدينة اللاذقية. لكن الكثيرين منهم ما زالوا بانتظار استقرار الأوضاع بشكل حقيقي في ريف اللاذقية الشمالي، والذي يشهد حرب عصابات وهجمات عسكرية خاطفة من قبل فصائل معارضة متواجدة في بعض النقاط في جبلي الأكراد والتركمان.

محافظ اللاذقية تعهد الإسراع في إعادة متطلبات الحياة الأساسية إلى بلدتي سلمى وربيعة، لضمان استيطان "الحماية الذاتية" وذويهم فيهما. الأمر يتعلق إذاً، بتوطين العلويين في بلدات سنيّة في ريف اللاذقية، بعد تهجير أهلها. ويترافق ذلك مع منع أهل تلك البلدات، الفارين من الحرب، من العودة إليها بعدما سيطرت عليها قوات النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها