الإثنين 2016/02/01

آخر تحديث: 14:18 (بيروت)

من وراء تفجيرات السيدة زينب؟

الإثنين 2016/02/01
من وراء تفجيرات السيدة زينب؟
وزير الخارجية الأميركية جون كيري، قال في كلمته الموجهة إلى الشعب السوري، بإن التفجير استهدف مقاماً دينياً (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
شهدت ضاحية السيدة زينب، جنوبي دمشق، صباح الأحد، يوماً دموياً بعد إنفجارين عنيفين في حي كوع السودان، وقد استهدف الإنفجاران مجموعة كبيرة من مقاتلين "لواء أبو الفضل العباس" العراقي الشيعي، الذي يسيطر على السيدة زينب. وقتل جراء هذين التفجيرين 100 شخص، فيما فاق عدد الجرحى 120 بعض حالاتهم خطرة. كما أكدت مصادر متطابقة لـ"المدن"، وجود عدد كبير من القتلى اللبنانيين، وأن معظم القتلى الذين وصلوا إلى مستشفيات المجتهد والمواساة والـ"601" العسكري، كانوا يرتدون لباساً عسكرياً.

وتأتي هذه التفجيرات بعد حالة هدوء نسبي في السيدة زينب، دامت أكثر من سنة، وجاءت بعد يوم واحد من تفجير في ضاحية الحجر الأسود المجاورة، والواقعة تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية". واستهدف تفجير الحجر الأسود "أمير أمنيي" التنظيم أبو سالم العراقي، عند مقر المخفر، ما تسبب في إصابته بجروح بالغة، ومقتل 5 من مرافقيه.

تفاصيل الانفجارات السابقة ظلت مبهمة؛ فالأطراف التي تبنتها وقاتلت عقبها، هي أطراف منغلقة على ذاتها، وبينها تفاهمات يصعب استيعابها. فتنظيم "الدولة" و"جبهة النصرة" و"لواء أبو الفضل العباس" وبقية المليشيات الشيعية، يتقاتلون بدوافع دينية جهادية قلما يتمكن المنطق العسكري والمصلحي من الإحاطة بها.

فتيل الأزمة الجديدة بدأ بإنفجار عبوة ناسفة أمام مخفر الحجر الأسود مستهدفاً ثاني شخصية في تنظيم "الدولة الإسلامية" في "ولاية دمشق" أبو سالم العراقي، وقتل فيه رئيس المخفر الأمني في الحجر أبو عماد، وأصيب الأمني في "جبهة الأنصار" أبو بكر، التي يتهمها أبناء المنطقة الجنوبية بمبايعتها للتنظيم، رغم أنها تنفي ذلك.

بعد وقت قصير كان الرد من قبل التنظيم في مخيم اليرموك، ودارت إشتباكات لساعات بين تنظيم "الدولة" و"جبهة النصرة"، وسيطر التنظيم على المشفى الميداني التابع لـ"النصرة" والواقع في شارع حيفا. واستمرت الإشتباكات وعمليات القنص لساعات وتوقفت حتى سمعت مكبرات الأصوات في مآذن المخيم تنادي لأجل التبرع بالدم، بسبب وجود عدد كبير من الجرحى من الطرفين.

وتعتبر هذه الاشتباكات هي الأولى من نوعها بين تنظيم "الدولة" و"جبهة النصرة"، في دمشق، منذ سيطرة التنظيم على مخيم اليرموك وأحياء التضامن والعسالي، مطلع أيار/مايو في العام 2015.

أما تفجيرات الأحد في السيدة زينب، فهي وكما أعلن التنظيم، جاءت رداً على أفعال القتل التي يرتكبها "الرافضة المشركون" من التنظيمات الشيعية. ولم يشر التنظيم الى أن هذه العملية جاءت رداً على إستهداف قادته في الحجر الأسود. كما أن معلومات غير مؤكدة، أشارت إلى أن منفذي التفجيرين من "الدولة الإسلامية" هما تابعان لفرع التنظيم في بير القصب على طريق دمشق-السويداء، وليس إلى مجموعة الحجر الأسود.

وسائل إعلام النظام وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي المقربة من المليشيات الشيعية، قالت بإنه تفجير مزدوج، نُفّذ الأول بواسطة سيارة مفخخة "فان"، فيما كان الثاني جراء تفجير حزام ناسف. ونعت تلك الصفحات العديد من مقاتلي "لواء أبو الفضل العباس" وقادته، في التفجيرين، وعدد أخر من المدنيين بينهم أطفال.

وربما تشهد الأيام القادمة إنتهاء إتفاق الهدنة غير المعلنة بين تنظيم "الدولة" و"لواء أبو الفضل العباس"، لتبدأ معارك الثأر بين الفصيلين، خاصة أن أغلب القادة فيهما هم من العراقيين. 
كما ربما تشهد الأيام المقبلة، بحسب توقعات المراقبين، تصعيداً بين تنظيم "الدولة" و"جبهة النصرة"، تبتلع فيه "الدولة الإسلامية" فرع "جبهة النصرة" في أحياء دمشق االجنوبية، قبل تنفيذ إتفاق، توقف جزئياً، يقضي بإخراج أعضاء التنظيم من تلك الأحياء إلى الرقة، حسب تفاهمات متفق عليها بين التنظيم والنظام السوري.

النظام من جهته، أدان تفجير السيدة زينب، وصدر بيان عن رئاسة مجلس الوزراء جاء فيه: "أكد الدكتور وائل الحلقي رئيس مجلس الوزراء أن هدف هذه الأعمال الإرهابية الجبانة واليائسة رفع معنويات التنظيمات الإرهابية المدحورة والمهزومة بفضل الانتصارات الكبرى التي يحققها جيشنا الباسل في جميع المناطق والتي أدت إلى انهيار هذه التنظيمات ودحرها".
وقام وزير السياحة بشر يازجي، ومدير سياحة ريف دمشق طارق كويفاتي، بزيارة مكان التفجير، والاطلاع على أحوال الجرحى في مستشفى "الإمام الصدر" في السيدة زينب. زيارة المسؤولين في وزارة السياحة إلى موقع التفجير، لا الأمنيين والعسكريين، أعطت إشارة برغبة النظام في استثمار الانفجارات، في "معركة الحضارة ضد الإرهاب".

وسرعان ما لقي تفجير السيدة زينب صداه في جنيف حيث تعقد مفاوضات الحل السياسي بين المعارضة والنظام، برعاية دولية. النظام استثمر التفجير للتركيز على أجندته في "مكافحة الإرهاب"، محولاً الحديث عن الحل السياسي والإنساني. لا بل إن وزير الخارجية الأميركية جون كيري، قال في كلمته الموجهة إلى الشعب السوري، بإن التفجير استهدف مقاماً دينياً، مناقضاً جميع المعطيات على الأرض التي تؤكد وقوع التفجير في بناء قديم "فندق" تتخذه "حركة الهادي" الشيعية التابعة لـ"لواء أبو الفضل العباس"، مركزاً لها.

وأشار نشطاء إلى يد خفية للنظام في تفجير السيدة زينب، بعد معلومات أفادت بأن السيارة المفخخة تم تجهيزها لدى حاجز لـ"اللجان الشعبية" التابعة للنظام، في ريف دمشق الجنوبي. كما أشار البعض إلى حضور أمني كثيف من الأجهزة السورية سبق الانفجارين، وفرضهم لما يشبه حضر تجول على المدنيين، ما جعل الإصابات تتركز في معظمها بين العسكريين.

رئيس وفد النظام المفاوض بشار الجعفري، كان قد أخر مؤتمره الصحافي، الأحد، إلى ما بعد حدوث الإنفجار، ودار معظم كلامه والأسئلة الموجهة إليه حول الموضوع واستثماره سياسياً. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها