السبت 2016/11/26

آخر تحديث: 10:52 (بيروت)

في اللاذقية حرائق أيضاً..لا يطفئها الروس

في اللاذقية حرائق أيضاً..لا يطفئها الروس
مصادر "المدن" أكدت أن 4500 دونم، قضت عليها النيران في محافظة اللاذقية وحدها خلال أسبوع (انترنت)
increase حجم الخط decrease
على وقع أخبار الحرائق يعيش سكان الساحل السوري حالة ترقب ودهشة مما يجري، ولا يملكون تفسيراً لسبب الانتشار السريع للنيران، وتزايد أعداد المناطق المحترقة، فلا تكاد أفواج الإطفاء تخمد حريقاً حتى يندلع آخر أو أكثر. وباتت غابات الساحل مهددة بالزوال إذا ما استمرت الحرائق في موسم الجفاف الذي تشهده المنطقة، مصحوباً برياح قوية تسهّل توسّع رقعة النيران وتجعل اخمادها أمراً متعذراً.

وزارة الزراعة والمديرية التابعة لها في اللاذقية، تحدثت عن احتراق 300 هكتار من الأراضي الزراعية والغابات، فيما أكدت مصادر خاصة من "دائرة الحراج" في اللاذقية لـ"المدن" أن أكثر من 1100 هكتار، حوالي 4500 دونم، قضت عليها النيران في محافظة اللاذقية وحدها خلال أسبوع.

ولا تزال بعض الحرائق مشتعلة في ريفي جبلة والقرداحة، وأشار الناشط الإعلامي محمد الساحلي، إلى اضطرار 7500 شخص إلى مغادرة منازلهم في ريف اللاذقية، بعدما اقتربت منها ألسنة اللهب، وقد أحرقت ما يقارب 100 منزل بعضها على أطراف مدينة القرداحة. وأشار الساحلي إلى أن 30 في المئة من المساحة المحروقة هي أراض زراعية، معظمها مزروعة بالزيتون.

أجهزة النظام الأمنية، ترى أن الحرائق مفتعلة، وتحدثت بعض الجهات الأمنية عن قبضها على بعض المشتبه بهم، بالإضافة إلى تعميم مواصفات لسيارات تجوب الريف وتشعل النيران في الغابات. المشكلة الوحيدة أن الحرائق ليست "فعلاً إرهابياً" هذه المرة، بل يُحتمل وقوف ضباط ومتنفذين علويين خلفها.

في ثمانينيات القرن الماضي، عمد فواز الأسد، ابن عم بشار، وعلى امتداد أعوام طويلة، إلى إشعال الحرائق في الغابات من أجل تحويل مخلفاتها إلى فحم وحطب كي يتاجر فيهما. فواز كان "سيّد" تجارة الفحم والحطب في ذلك الحين، ولم تتجرأ "الجهات المختصة" على ملاحقته أو محاسبته. ويرى متابعون أن حرائق اليوم تصب في الخانة ذاتها مع تنوع وتعدد مجموعات الشبيحة التي دخلت مجال تجارة الفحم والحطب، وتنافسها على مناقصات استثمار مخلفات الحرائق.

أحد المحامين قال لـ"المدن"، إنه ترافع أمام القضاء، في العام 2015، عن مُزارِعٍ اتُهِمَ بإشعال حريق. وأكد المحامي أن المزارع أخبره بأن عناصر يتبعون لأحد كبار الشبيحة في اللاذقية هم من أشعلها، وبعد ذلك رست مناقصة استثمار مخلفات المنطقة المحروقة على من وصفه بـ"الشبيح الكبير".

ويتضح من حجم الحرائق وعددها الكبير، أن مفتعليها أكبر من عناصر شبيحة عاديين، ولهم غايات أخرى تكمن وراء إشعالها هذه المرة. ورجّح المحامي أن يكون لكبار ضباط الأمن وقوات النظام مسؤولية مباشرة عنها، لا سيما أنهم يستولون على المساحات المحروقة، ويحولونها إلى أراض يستثمرونها في مجال الزراعة والعقارات كما حصل في محيط منطقتي كسب وصلنفة. 

وما يعزز هذا الاتجاه هو عدم مبادرة أفواج الإطفاء في الساحل لإطفاء الحرائق في اليوم الأول لاندلاعها. وهذا ما أكده لـ"المدن" أحد عناصر الإطفاء في فوج مدينة جبلة، الذي أشار إلى أن ثلاث سيارات إطفاء كانت جاهزة، مع اشتعال أول الحرائق قبل أسبوع، ورغم نداءات الأهالي لإطفائها إلا أن مدير الفوج منعهم من ذلك وأبقى بوابة الخروج مغلقة حتى اليوم التالي. وينطبق الأمر ذاته، على أفواج الإطفاء في المراكز الأخرى، "ولم يكن ذلك ليحدث لولا أوامر من جهات أعلى"، بحسب مصدر "المدن".

وعلى العكس من ذلك، فقد استنفرت كل الدوائر الحكومية في محافظة اللاذقية لإطفاء حريق شبّ في منطقتي البسيط وقرية الشيخ حسن، القريبتين من جبهات القتال في جبل التركمان، وهرعت للمشاركة في إطفائه، وتمكنت من ذلك خلال ساعات. ويأتي ذلك خوفاً من انكشاف مواقع قوات النظام، أو ربما تضررها. ولم يشتعل أي حريق آخر في مناطق قريبة من خطوط المواجهة رغم اندلاع عشرات الحرائق في المناطق البعيدة عنها.

ورغم غضبها الواضح من انتشار الحرائق والخسائر الناجمة عنها وتقصير الجهات المسؤولة عن إطفائها، إلا أن شبكات إعلام موالية للنظام اشتركت في محاولة التمويه على مفتعلي الحرائق وحرف بوصلة الشبهات باتجاهات أخرى، بعضها كان مضحكاً. فقد اتهمت شبكة إعلام "القرداحة عرين الأسود" خلايا نائمة تتبع المعارضة بإشعال الحرائق بعد فشلها الذريع في مواجهة النظام عسكرياً، وحمّلت النازحين من المحافظات الداخلية مسؤولية ذلك، ولاقى هذا الاتهام قبولاً في أوساط الموالين. أما شبكة "أخبار الساحل" فقد أوردت اتهاماً مثيراً للسخرية تمثل بتحميل الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية إشعال الحرائق، وقالت إن أميركا فعلت وتفعل ذلك من أجل إنجاح مشروع "هارب" الذي يهدف للتحكم بالمناخ في العالم.

وأبدى سكان الساحل السوري غضباً من عدم مبادرة روسيا للمساهمة في إطفاء الحرائق، رغم عدم ابتعاد ألسنتها عن قاعدتها في حميميم سوى مئات الأمتار، في حين بادرت على الفور بإرسال طوافات لإطفاء الحرائق التي اندلعت في إسرائيل.

وكان لافتاً عدم اهتمام مؤسسات النظام الحكومية بموضوع الحرائق وتقصيرها في متابعة عمليات الإطفاء، وتأخر حضور مسؤوليها حتى الأربعاء، حين زار وزيرا الداخلية والزراعة منطقة القرداحة. ومن المرجح ألا يكون مصادفة اندلاع حرائق في غابات قريبة من القرداحة خلال زيارتهما لها.

وكانت دراسة أعدتها "شبكة إعلام اللاذقية-شال" قد أشارت إلى أن 70 في المئة من مساحة غابات الساحل السوري تم إحراقها منذ بداية الثورة السورية، ويتحمل النظام مسؤولية نصفها، بعدما تعمدت قواته إحراق غابات جبلي الأكراد والتركمان بالنابالم عندما كانت تحت سيطرة المعارضة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها