الثلاثاء 2016/10/04

آخر تحديث: 14:56 (بيروت)

هل انتهت "جماعة خرسان"؟

الثلاثاء 2016/10/04
هل انتهت "جماعة خرسان"؟
بمقتل "أبو الفرج المصري" يكون تنظيم "خراسان" قد فقد غالبية أعضائه في سوريا (انترنت)
increase حجم الخط decrease
نعت "جبهة فتح الشام"، الإثنين، القيادي المصري فيها أحمد سلامة مبروك عبد الرزاق، الذي قتل في غارة جوية لطائرة "درون" تابعة لـ"التحالف الدولي" في ريف إدلب الغربي. وأكدت مصادر محلية لـ"المدن"، أن صاروخين استهدفا سيارة سلامة الملقب بـ"أبو الفرج المصري"، في ريف جسر الشغور. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" في بيان لها، أن "المصري" استهدف في غارة أميركية قرب إدلب، الإثنين، وأضاف البيان: "ما زلنا نقيّم نتائج الهجوم".

وكان "المصري" مستقراً في جبل سرمدا في ريف ادلب، منذ قدومه إلى سوريا، في العام 2015. ويُعرف عن "المصري" تشدده، فقد كان يرى في بن لادن، بحسب مصادر "المدن"، شخصاً متراخياً في قيادة التنظيم على خلاف الظواهري الذي كان يعتبره حازماً شديداً. ومع ذلك، كُلّف "المصري" أكثر من مرة بالإشراف على فروع التنظيم في دول متعددة، آخرها كان في سوريا.

وأهمية "أبو الفرج" في "جبهة فتح الشام" تكمن في كونه أحد المخضرمين البارزين في "القاعدة"، وواحد من أهمّ كتّاب المراجعات القانونية للجهاديين. و"أبو الفرج" وصل الى مراكز متقدمة في "فتح الشام" رغم تأخره نسبياً في القدوم إلى سوريا، مقارنة مع باقي قدماء "القاعدة" المعروفين باسم "جماعة خرسان" الذين أتوا إلى سوريا بمهمة من الظواهري لتصحيح مسار "جبهة النصرة".

ويعتبر "أبو الفرج" موفداً شخصياً من قبل الظواهري إلى "النصرة" سابقاً، و"فتح الشام" حالياً. وبحسب ما قال مصدر مقرب من "فتح الشام"، لـ"المدن"، فإن "المصري" جاء إلى سوريا في منتصف العام 2015، برفقة المصري أحمد الحسن أبو الخير "سيف العدل" والمفرج عنه من قبل السلطات الإيرانية. و"سيف العدل" هو نائب الظواهري، وهو مَن أعطى تصريح فك الارتباط بين "جبهة النصرة" و"القاعدة"، في كلمة صوتية.

وكانت مهمة "سيف العدل" و"المصري" قيادة وتصحيح مسارات الإدارة والتنظيم في "جبهة النصرة"، وكان بقاء "المصري" في "فتح الشام" للغاية ذاتها. ويعود ذلك إلى كونه شخصية تحظى باحترام غالبية قيادات "جبهة فتح الشام" وشرعييها، وهو المرجع الشرعي والقانوني في مسائل تعامل الجبهة مع بقية الفصائل السورية.

وذكر مصدر "المدن" أن لـ"المصري" تأثيراً كبيراً في غالبية المهاجرين المصريين في سوريا، وكان قد عمل على استقدام "خطّاب المصري" من تنظيم "الدولة" إلى "جبهة النصرة" وتوليته "إمارة" بلدة دركوش في ريف جسر الشغور. ويعتبر "أبو الفرج المصري" الشخصية الأكثر تأثيراً على الجولاني، وغالبية القرارات المصيرية في "فتح الشام" يكون للمصري دور فيها.

و"أبو الفرج المصري" هو أحد الرجلين الصامتين اللذين ظهرا إلى جانب قائد "فتح الشام" أبو محمد الجولاني، أثناء إعلان انفكاك "جبهة النصرة" عن "القاعدة". وكان "المصري" يجلس إلى يمين "الجولاني"، فيما جلس السوري عبد الرحيم عطون إلى يساره.

وخرج "المصري" من السجن في مصر، بعفو رئاسي من الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، بعدما كان محكوماً بالسجن المؤبد في قضية "العائدين من ألبانيا". وعمل بعد خروجه مباشرة على انشاء تنظيم "أنصار بيت المقدس" بتوجيه من زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري. وقد نجح في انشائه من خلال دمج مجموعات من تنظيم "التوحيد والجهاد" و"كتائب الفرقان" و"الرايات السوداء".

وكانت علاقة "المصري" بـ"القاعدة" قد بدأت بعد خروجه الأول من السجن في مصر، بعدما قضى فيه سبع سنوات على خلفية اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات، في قضية "الجهاد الكبرى". وسافر بعد الافراج عنه إلى أفغانستان في العام 1989، ومنها انتقل إلى اليمن في بداية التسعينات، وقضى وقتاً في السودان في منتصف التسعينات.

وكان "المصري" قد التقى الظواهري في أفغانستان، واستمرا في العمل سوية. وفي كانون الأول/ديسمبر 1996 اعتقل "المصري" مع الظواهري عند الحدود الروسية، بعدما كانا متوجهين إلى داغستان، وأطلق سراحهما بعدها. ثمّ اختطفت المخابرات الأميركية "المصري" في أذربيجان، في العام 1998، وقد ذكر الصحافي لورانس رايت، مؤلف "كتاب البروج المشيدة"، أن المخابرات الأميركية أخذت من هاتف "المصري" معلومات كثيرة عن التنظيم، ووصفته بـ"صخرة روزيتا القاعدة"، لما احتواه من معلومات تفصيلية.

وبمقتل "أبو الفرج المصري" يكون تنظيم "خراسان" قد فقد غالبية أعضائه، في سوريا، بعدما كان بعضهم ملاحقاً منذ أكثر من 20 عاماً مثل محسن الفضلي. فقد قُتل جميع أعضاء "الجماعة" في سوريا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وهي تضم مجموعة جهاديين مخضرمين عاصروا بن لادن، وتم ارسالهم للعمل مع "جبهة النصرة". وترتبط الجماعة بقيادة "القاعدة" بشكل مباشر وتمويل خاص. وتم تكليفها بالإشراف على سلوك "جبهة النصرة" وتطوير أنواع من المتفجرات كونها تضم أفضل الخبراء في هذا المجال. وعرف السوريون "خرسان" بعد غارة أميركية استهدفت سيارة محسن الفضيلي في بلدة أطمة الحدودية مع تركيا، في العام 2014، ونجا منها حينها.

وربما كانت "جماعة خرسان" تقف عائقاً في وجه فك ارتباط "جبهة النصرة" بـ"القاعدة"، الأمر الذي لم يكتمل فعلياً إلا بعد استهداف غالبيبة قادتها وأعضائها. والبداية كانت من استهداف "أمير خرسان" الكويتي محسن الفضلي، بالقرب من بلدة الدانا في ريف إدلب الشمالي، ومن ثمّ السعودي عبد الرحمن الشارخ الملقب بـ"سنافي النصر" الذي استهدفته غارات "التحالف" في ريف اللاذقية، ومن ثمّ رضوان نموس "أبو فراس السوري" الذي تم استهدافه على طريق إدلب-معرة مصرين، بصاروخ من طائرة بلا طيار.

وبمقتل "المصري" صار التساؤل مشروعاً: هل انتهت "جماعة خرسان"؟       
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها