السبت 2016/01/02

آخر تحديث: 08:35 (بيروت)

2015 الفلسطيني: عام "الهبّة"

السبت 2016/01/02
2015 الفلسطيني: عام "الهبّة"
almodon.com ©
increase حجم الخط decrease

عاشت الأراضي الفلسطينية واقعاً صعباً في 2015، وجموداً لم تشهده القضية الفلسطينية من قبل، في ظل اقليم مشتعل، وعالم مشغول بالمأساة السورية على وجه الخصوص، وخلافات تتزايد داخلياً بين قطبي الانقسام "حماس" و"فتح"، واستمرار توقف المفاوضات، والبناء الاستيطاني.

بريق أمل للفلسطينيين تحرك في تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، حيث اشتعلت "هبة جماهيرية" انطلقت من القدس المحتلة، وامتدت إلى مدن الضفة الغربية، وقطاع غزة بشكل أقل.



الهبة الجماهيرية الفلسطينية

في الثالث من تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، أطلق الشاب الفلسطيني مهند الحلبي (19 عاماً) شرارة "الهبة الفلسطينية" بعملية "نوعية" هزّت القدس المحتلة، وأودت بحياة 4 إسرائيليين. واختلفت التسمية فلسطينياً حول ما يجري، فبينما لا تزال السلطة الفلسطينية ووسائل اعلامها تسميها "ردود فعل على الاعتداءات الإسرائيلية"، يسميها الآخرون "انتفاضة القدس".

وخلال شهرين، بلغت حصيلة المواجهات 130 قتيلاً فلسطينياً، ونحو 40 قتيلاً إسرائيلياً وعشرات الإصابات. وإلى الآن، لا تزال "الهبة" رغم القمع الإسرائيلي، بسبب عجز الجيش والاستخبارات الإسرائيلية عن وقف العمليات ضد المستوطنين وجنود الاحتلال.


واشنطن تدخلت مبكراً لوأد "الهبة"، كما أُسمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، "نصائح" مصرية وأردنية وسعودية لإيجاد حل سريع لعمليات الفلسطينيين، خشية استغلال حركة "حماس" لها، وبسط سيطرتها على الضفة الغربية المحتلة.


ولا يزال التعويل فلسطينياً، شعبياً وفصائلياً، على استمرار الانتفاضة الحالية، وتمددها إلى العمل العسكري، رغم أنّ ذلك قد يدفع إسرائيل إلى إعادة احتلال الضفة الغربية، ما يعني انهيار السلطة الوطنية، وربما الذهاب إلى حرب جديدة في غزة.



استمرار الجمود في ملف المفاوضات

ملف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية لا يزال متوقفاً، رغم لقائين يتيمين عقدهما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات مع نائب رئيس حكومة الاحتلال سلفان شالوم، في القاهرة وعمان، لكنّ المثير أنّه طيلة العام 2015 لم تقدم واشنطن عروضاً حقيقية لاعادة احياء المفاوضات، على أهميتها لإسرائيل، التي أصبحت تعاني أكثر من أي وقت مضى من عزلة دولية.

وحاول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي جمع عباس مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مؤخراً، لكنّ طلبه قوبل بالرفض من عباس، بعدما وضع ثلاثة أسئلة طلب إجابة نتنياهو عليها، الأمر الذي اعتبره السيسي اشتراطات فلسطينية.


ولا تمانع السلطة الفلسطينية في العودة إلى طاولة المفاوضات، لكنها بعد جمود زاد عن السبع سنوات تحتاج إلى انجاز حقيقي، لها وللفلسطينيين، الذين باتوا لا يثقون بالمفاوضات وفي كثير من الأحيان بالسلطة والفصائل.



المصالحة الفلسطينية المتعثرة

وكما كل الملفات الفلسطينية، ظلّ ملف المصالحة بين حركتي "حماس" و"فتح" متعثراً، رغم بروز محاولات داخلية ضعيفة لرأب الصدع بينهما، لكنّ كل محاولات التقريب فشلت، بل زادت في كثير من الأحيان حدة التراشق الاعلامي بين الطرفين من خلال هذه المبادرات، وخاصة بعد تجاهل حكومة التوافق الفلسطينية لغزة ومعاناتها، ورفض "حماس" تسليم غزة وتمكين الحكومة من القيام بعملها.

الأهم هنا أنّ المصالحة التي كانت مطلباً عربياً في بعض الأحيان، لم يعد أحد من الدول العربية يطالب بها، خصوصاً أن مصر تخلت رسمياً عنها، نتيجة خلافاتها مع حركة "حماس"، التي أدت إلى توتر العلاقة بينهما، وتضييق الخناق على غزة.


وصار الانقسام مع الوقت مهيمناً على كل شيء في غزة، حتى على الأوضاع المعيشية والاقتصادية القاسية جداً، غير أنّ تدافع الحركتين إلى مصالحهما الخاصة وتغليب مصالح الحزب على القضية والوطن، يعطيان مؤشراً على استمرار الوضع، مع توقع اتفاق جديد على ادارة الانقسام وليس إنهائه.



حصار غزة

في منتصف 2006 فرضت إسرائيل حصاراً مطبقاً على غزة، بعد سيطرة "حماس" العسكرية عليه، لكنها في 2015 شددت الحصار إلى الدرجة الأقصى على السكان، وخاصة بعد الحرب التي شنتها على القطاع أواخر العام 2014، حتى أنها وضعت نظاماً جديداً لكل ما يتعلق بالمواد الغذائية والتموينية ومواد البناء، التي باتت تدخل إلى غزة عبر نظام "تقطير"، وهو ما سبب أزمات معيشية لمليون وثمانمئة ألف فلسطيني يعيشون في 360 كيلو متراً مربعاً، تحيط بهم الأسياج ومعابر لا يسمح إلا للقليل جداً بعبورها.

ولعل اللافت في سياق الحصار، أن إسرائيل لم تكن وحدها في هذه السياسات، بل أصبحت مصر شريكاً أساسياً في تشديد الحصار على غزة، حيث أغلق في عهد السيسي معبر رفح البري 340 يوماً خلال 2015، ما يعني أنه لم يفتح إلا 25 يوماً فقط، وسمح للسفر في هذه الأيام لفئات محدودة من مرضى وطلبة، ولم يتجاوز عدد المسافرين 20 ألفاً.



الاستيطان

قبل انتهاء 2015 بأيام قليلة، وافقت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية القدس المحتلة على مخطط استيطاني جديد في مستوطنة غيلو، لبناء 891 وحدة استيطانية، في تحدّ واضح للفلسطينيين وللقرارات الدولية الصادرة بحق الاستيطان.

وكشف تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" أن متبرعين أميركيين يمولون نشاطات في المستوطنات، بمبالغ ضخمة، كي يحظوا بتخفيضات على الضرائب، وذلك بمساعدة جمعيات غير ربحية. وتضم قائمة المتبرعين التي نشرتها "هآرتس" نحو 50 جمعية أميركية، ضالعة في تجنيد التبرعات للمستوطنات، وبلغ حجم تبرعاتها بين سنوات 2009 و2013 أكثر من 281 مليون دولار.


وسبق ذلك تقرير لحركة "السلام الآن" قالت فيه إنّ وزارة البناء الإسرائيلية تخطط لإقامة 3200 وحدة سكنية استيطانية في المنطقة المعروفة باسم E1، الواقعة بين مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقاً ومخيم شعفاط غرباً، والهدف منها إقامة تواصل جغرافي بين "معاليه أدوميم" ومستوطنات القدس المحتلة، ومنع أي تواصل جغرافي بين رام الله شمالاً وبيت لحم والخليل جنوباً.


وتبين من الوثائق التي نشرتها الحركة، أنّ وزارة البناء أعدت خططاً لإقامة 55 ألف وحدة سكنية في المنطقة "E1" بالإضافة إلى التخطيط لإقامة 3500 وحدة سكنية إضافية، تهدف إلى تحويل مستوطنات صغيرة في محيط القدس إلى مستوطنات كبيرة.


ويأتي التسارع في عمليات الاستيطان بعد أن بلغت هجرة اليهود الفرنسيين إلى إسرائيل مستوى قياسياً في العام 2015، وصل إلى 8000 يهودي. وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن هذه الهجرة يقف خلفها دوافع عديدة، منها انعدام الأمن، والقلق حيال الخطة الاقتصادية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها