الإثنين 2015/09/28

آخر تحديث: 18:42 (بيروت)

"داعش" ينسحب من ريف السلَمية

الإثنين 2015/09/28
"داعش" ينسحب من ريف السلَمية
لم يعرف عن طيران النظام منذ سيطرة داعش على الريف الشرقي للسلمية، قصفه لمقرات ومواقع التنظيم (انترنت)
increase حجم الخط decrease
بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية"، في 26 أيلول/ سبتمبر 2015، عملية انسحاب واسعة من ريف السلَمية الشرقي، بعدما سيطر على معظمه لمدة عامين تقريباً. الانسحاب جاء في أخبار تناقلتها مواقع إعلامية قريبة من النظام، وصفحات التواصل الاجتماعي المؤيدة للنظام في مدينة سلَمية.

تحركات "داعش" جاءت، وفقاً للصفحات موالية، في إطار "إعادة توزع وإخلاء التنظيم لمواقعه خوفاً من ضربات سلاح الجو في الجيش العربي السوري"، معتبرة أن التحركات الأخيرة هي "انسحاب له من ريف السلمية الشرقي باتجاه الرقة"، بعد إخلائه كلاً من قرى صلبا وأبو حنايا وقليب الثور وعقيربات، وهذه الأخيرة كانت لعامين مركز نشاط وتواجد لعناصر التنظيم.

لم يعرف عن طيران قوات النظام منذ سيطرة "الدولة الإسلامية" على الريف الشرقي للسلمية، نشاط عسكري كثيف في قصف مقرات ومواقع التنظيم، في الوقت الذي ارتكب فيه الطيران ذاته مجازر في قرى تلك الريف سقط فيها مدنيون أثناء وجود قوى وكتائب عسكرية إسلامية معارضة للأسد وخاصة في العام 2012. وذلك قبل أن ينقضّ التنظيم على من لم يبايعه من فصائل المعارضة المسلحة.

ووفقاً لمعارضين في مدينة السلَمية، فإن الأيام الثلاثة الأخيرة شهدت تزايداً كبيراً في الغارات الجوية على المنطقة الشرقية من قبل طيران النظام، وخاصة على قرية قَنبر التابعة لناحية عقيربات. ويُرجِّح أن التحركات الأخيرة لـ"داعش" لا تعدو كونها إخلاءاً لبعض المواقع الرئيسية في المنطقة الشرقية في ريف السلَمية، وليست انسحاباً من المنطقة، بعد قصف الطيران المركز الذي تلقته تلك المواقع للمرة الأولى منذ سنتين، بهذه الكثافة.

من الصعوبة بمكان، معرفة واقع الأرض وحجم التحركات التي يقوم بها التنظيم في تلك المناطق بدقة، لكن من الواضح أن ثمة تغيراً غير مسبوق على الأرض، وقد يستمر في الأيام المقبلة. تغيير لا يمكن فصله عن الخريطة العسكرية الجديدة التي بدأت تتغير في سوريا، بعد التدخل العسكري الروسي المباشر بالجنود والعتاد والطيران.

خريطة الريف الشرفي لمدينة سلمية كادت أن تكون ثابتة منذ أكثر من عام، مع سيطرة "داعش" على الريف الشرقي بحيث تكون قرية بري الشرقي هي النقطة الحدودية بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة "داعش"، وآخر قرية يسيطر عليها النظام في ريف السلمية الشرقي. وذلك باستثناء قريتي المفكر الشرقي والمفكر الغربي، وهما قريتان نزح معظم سكانهما إلى السلمية، ولتصبح قرى الحردانة وأم ميل وأبو حبيلات وغيرها، تحت سيطرة تنظيم "الدولة"، بعدما نزح سكانها الاسماعيليون أيضاً إلى السلمية. والمذهب الاسماعيلي هو مذهب معظم أبناء السلمية الذين كانوا على قلق دائم من اقتحام التنظيم للمدينة وقيامه بتطهير طائفي فيها، الأمر الذي كان النظام "حامي الأقليات" يستغله دوماً، مرة بترهيب السكان وتخويفهم من "البديل"، ومرة بالتسهيلات وغضه النظر عن احتمالات مجازر حدثت فعلاً على يد "داعش" في المنطقة، على ما حدث في قرية المبعوجة في آذار/مارس 2015.

يبقى النظام غير معني بمصير السلَمية وغيرها، قياساً بدخوله مؤخراً "حرباً على الإرهاب" بغطاء روسي، يبدو أن قراره بالضرب الفعلي والفعال لمقرات التنظيم جزء منها. خاصة وأن ريف السلَمية الشرقي، إن تم إخلاؤه من "داعش" وأعاد النظام سيطرته عليه "وهو ما سيكون صعباً بالطيران فقط"، سيكون على صلة جغرافية مباشرة مع تدمر التي قد تكون استكمالاً للحرب المفترضة على الإرهاب. كما يحاول النظام إعادة السيطرة على بعض المناطق الخارجة عن سيطرته، وخاصة التي تسبب دخول "داعش" إليها باستنكار عالمي، ما سيصب موضوعياً في صالح نظام الأسد. وخاصة بعد تفجير "داعش" للمعابد الأثرية في مدينة تدمر.

الأخبار عن انسحاب "داعش" قد تحمل أيضاً دلالات لخطة ربما ينتهجها التنظيم في المرحلة المقبلة، قد تشبه، للمفارقة، منظور النظام عن "سوريا المفيدة". وهي بالنسبة لـ"داعش" مناطق سورية يتراجع وينكفئ إليها، ويعيد انتشاره فيها، مع تصاعد العمليات العسكرية ضده، وهو الذي يسيطر على مناطق شاسعة من الأراضي السورية، بخلاف المعارضة والنظام. ولن تكون "سوريا المفيدة" بالنسبة لـ"داعش" من دون عاصمته الرقة. وعليه، ووسط توزّع الأرض السورية بين قوى عسكرية مختلفة وفصائل مسلحة داخلية وخارجية، يبدو أن العمليات العسكرية ضد "داعش" قد تعيد رسم خطوط تماس جديدة للتنظيم مع المناطق السورية المحيطة به. إلا إذا كان هناك قرار فعلي بإنهاء التنظيم في سوريا والعراق.

كما ستتغير الخريطة العسكرية والسياسية الداخلية في سوريا مجدداً بما قد يتيح لها استقراراً ما تبعاً لنوعية وحجم العمليات العسكرية الروسية والغربية ضد "داعش"، وللعملية السياسية التي يجري الحديث عنها يومياً، والتي تُلوح ببقاء الأسد.

سيكون لكل ذلك انعكاس على الأرض السورية المتغيرة وخاصة في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة "داعش" مثل ريف السلمية، حيث سيكون لزوال شبح التنظيم عن ريفها المحيط بها، إن حصل، أثر في إعادة بسط سيطرة النظام وداعميه العسكريين على المنطقة مع غياب المعارضة المسلحة فيها. الأمر سيكون أشبه بسيطرة النظام على مدينة السلمية عبر ميليشيات لها أجنداتها الخاصة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها