السبت 2015/04/18

آخر تحديث: 11:10 (بيروت)

دمشق: أمراض تتفشى مثل أوبئة

دمشق: أمراض تتفشى مثل أوبئة
الأمراض انتشرت استهلاك الناس للمياه الملوثة واستخدام المزراعين لمياه الصرف الصحي في سقاية المزروعات
increase حجم الخط decrease

بعد سلسلة التحذيرات التي أطلقتها الأمم المتحدة إزاء تزايد انتشار الأمراض السارية في سوريا وبين صفوف النازحين في بلدان الجوار، بدأت موجة كبيرة من الأمراض تظهر في المناطق السورية. ففي مدينة دمشق وحدها، أعلن مؤخراً عن وفاة خمسة أشخاص متأثرين بمرض التهاب الكبد الوبائي، الذي انتشر مؤخراً بالتزامن مع تفشي المرض في مناطق ريف دمشق، خاصة المحاصرة منها، والتي انتشر فيها خليط من الأمراض كالحمى التيفية والكوليرا وعدد من حالات السل في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق.

وزارة الصحة السورية كذّبت الأخبار، رغم أن مجلس محافظة دمشق اعترف بالأمراض ودعا إلى سلسلة إجراءات لمواجهتها. وأعلنت الوزارة أن مرض إلتهائب الكبد الوبائي في حدوده الطبيعية ولا خطر على الصحة العامة في الوقت الراهن، لكن الواقع يخالف هذه الادعاءات ويشير إلى تدهور الوضع الصحي بشكل خطير جداً في دمشق، التي تأوي ملايين الناس وريفها المحاصر منذ أشهر طويلة حيث أكدت عدد من الدراسات التي أجريت مؤخراً، منها دراسة للأمم المتحدة أن حوالى 75 في المئة من مياه العاصمة وريفها ملوثة، بعد تعرض محطات التصفية الرئيسية في داريا وعدرا إلى التدمير، وخروجها عن الخدمة بشكل كامل، وتداخل مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي في العديد من المواقع جراء القصف، مثل وادي بردى منبع عين الفيجة الذي يتعرض لقصف متواصل بالبراميل المتفجرة.


وكان مرض التهاب الكبد الوبائي، المعروف في الأوساط الشعبية باسم اليرقان، قد انتشر بشكل واسع جداً في وادي بردى منذ شهرين وسجل أكثر من 600 إصابة بالمرض، نتج عنها حالة وفاة واحدة. ومع تدهور الوضع الصحي في دمشق واقتراب فصل الصيف، فإن خطر انتشار الأمراض وتفشيها سيتضاعف لاحقاً، فيما يستمر فقدان اللقاحات وضعف إمكانية إيصالها إلى المحتاجين لها في حال توفرها، وهو ما دفع عدداً من التجار إلى طرح أنواع من اللقاحات ذات النوعية السيئة والغير فعالة كما أنها منتهية الصلاحية في بعض الأحيان ويتم بيعها في الشوارع أحياناً.


وقام عدد من الناشطين في دمشق بتنظيم حملات توعية خاصة تمثلت بتوزيع مناشير تعرف عن اليرقان، الذي يسبب حالة من الوهن والتعب وارتفاع درجة حرارة الجسم مع إسهال واقياء، ويعد هذا المرض من الأمراض سريعة الانتشار والغير خطرة، لكنه يتحول إلى مرض قاتل عندما يتطور ويتحول إلى التهاب يؤدي إلى فشل الكبد بتأدية وظائفه الاعتيادية.


انتشار هذا المرض سبب حالة من الذعر بين السكان، ودفع أعداداً منهم إلى الصيدليات لتخزين بعض الأدوية، ما أدى إلى فقدان حاد لهذه الأدوية من الصيدليات، الأمر الذيدفع الاطباء في ريف دمشق وبعض المناطق المحاصرة إلى إطلاق نداءات لتأمين اللقاحات والأدوية وأماكن الحجر اللازمة لعدد من الأمراض، لاسيما إنفلونزا الخنازير، الذي سجّل بسببه حتى الآن 40 حالة وفاة، بعضها بين عمّال سوريين حملوا الفايروس من لبنان وتم اكتشافه حين عادوا إلى سوريا.


وتؤكد الدكتورة غادة رمضان، من جنوب دمشق، لـ"المدن"، أن موجة الأمراض التي بدأت بالظهور مطلع العام الحالي تسببت بوفاة ثلاثة أشخاص في جنوب دمشق وحدها، إذ سجل فيها 1200 حالة يرقان و6 حالات سل رئوي و93 حالة حمى تيفية، كان معظمها نتيجة قيام النظام بقطع شبكات المياه الصالحة للشرب عن المنطقة منذ حوالي تسعة أشهر، واستهلاك الناس للمياه الملوثة واستخدام المزراعين لمياه الصرف الصحي في سقاية المزروعات في ظل حصار خانق مفروض على المنطقة.


من جهة ثانية، يقول الدكتور محمد عبد المعين لـ"المدن"، إن اليرقان قد انتشر بشكل غير مسبوق في دمشق حتى لم يكد بيت يخلو من هذا المرض، وما يؤزم الوضع أكثر أن البيوت يقطنها أكثر من عائلة في كثير من الأحيان، مما يسرع في انتشار العدوى بين أفراد البيت الواحد، فيما يبقى التخوف الأكبر من انتشار السل، خاصة بين فئة الأطفال بعد وفاة طفلة في مدينة المعمضية بريف دمشق بهذا المرض.


وكانت وزارة الصحة قد أعلنت في نشرة رسمية، لم تشمل كافة المناطق السورية، أن أعداد المصابين بالأمراض بين عامي 2012 و2013 قد زاد عما هو مسجل في عامي 2009 و2010 بواقع 200 ألف حالة، فيما أعلن أشارت إلى أن نتائج تحليل مخبري أجري مطلع العام الماضي أظهر أن 12 من أصل 27 عينة مياه من مختلف مناطق دمشق وريفها غير مقبولة جرثومياً، في حين حذر نظام الإنذار المبكر في منظمة الصحة العالمية من زيادة كبيرة في حالات الإسهال المائي الحاد بلغت نسبة 172 في المئة، والتهاب الكبد الوبائي ارتفع بنسبة 219 في المئة، فيما عبّر مسؤول في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية منتصف العام الماضي عن تشاؤمه حيال الحالة الصحية العامة في المستقبل القريب والبعيد في سوريا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها