الأربعاء 2014/08/06

آخر تحديث: 13:34 (بيروت)

نحو "منظمة تحرير" سورية

الأربعاء 2014/08/06
نحو "منظمة تحرير" سورية
دُمرت هيئة الأركان بالإقالات المتتالية وتهشيم بنيتها، وحُيّد الائتلاف بوضع قيادة ضعيفة و"متعاونة" على رأسه (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
منذ أن أغلقت أبواب قاعات مؤتمر جنيف، تتواصل بهدوء وصمت عملية تصنيع ما يشبه منظمة التحرير الفلسطينية في سوريا، كقيادة سياسية-عسكرية للثورة. ويتوخى مصنعو هذه "الأداة" الجديدة، تحقيق أجنداتهم السورية بجهود موحدة.

 الاستراتيجية أميركية بالأصل، ونجمت عن أبحاث لمراكز دراسات ومؤتمرات جمعت شخصيات أمنية رفيعة، من الولايات المتحدة وأوروبا وبعض دول الخليج العربي. وهيمن عليها هاجس ما يسمى بظاهرة الجهاد العابر للحدود، وكيفية القضاء عليه، أو إبقائه حبيس دوامة الصراعات الشرق أوسطية. وذلك عبر خلق مجموعة من الأعداء الحيويين له، كي ينهكونه في حاضنته الاجتماعية ويمنعون تمدده. وقد تكفلت الولايات المتحدة من خلال إنشاء مركز العمليات العسكرية (Military Operation Center) والمعروف اختصاراً بـ (MOC) ، بتأمين الدعم العسكري للفصائل التي يثبت تشاركها معها في هدف محاربة الإرهاب. وتعهدت واشنطن بتقديم الأسلحة والذخائر والدعم اللوجستي والخطط والاستراتيجيات والتدريب والدعم الاستخباراتي، لتمكين تلك الفصائل من تحقيق انتصارات على النظام من جهة، وعلى المتشددين من جهة أخرى، للفوز بالشرعية والسلطة على الأرض في المجتمع السوري.

أما الطرف الخليجي الذي تتزعمه السعودية، والذي سيتكفل بالتمويل، فإن مطالبه تتمثل في أمرين، أولهما ضمان بقاء يده هي العليا إقليمياً في الشأن السوري، وثانيهما البقاء على صلة مع قضية الحرب على الإرهاب لما تمثله من خطر وتهديد مباشر للسعودية.

ولتحقيق كلا الهدفين تدفع السعودية بأحمد الجربا، الذي تسعى إلى تنصيبه زعيماً أوحد للثورة السورية، على غرار ما كان يمثله الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، على أن يتم تصنيع منظمة تحرير، أو ما يشبهها، وبطريقة مماثلة لما تم اتباعه عند صناعة شخصية السيسي.

تم تمهيد الطريق فعلياً لظهور التشكيل الجديد، ودخوله إلى ميدان العمل بوصفه التنظيم الضرورة، ووليد الداخل الثوري السوري، من خلال إفراغ الساحة من المؤسسات المؤثرة التي يمكنها أن تنافسه. فقد دُمرت هيئة الأركان العامة، بحرمانها من الدعم، والإقالات المتتالية وتهشيم بنيتها، وحُيّد الائتلاف بوضع قيادة ضعيفة و"متعاونة" على رأسه، وشلّت الحكومة المؤقتة بإقالة رئيسها من دون انتخاب بديل له. 

 وفي إطار هذه العملية المتساوقة أيضاً، أُعلن في الأيام القليلة الماضية عن تشكيل ما سمي بمجلس قيادة الثورة، والصيغة المعروضة على الإعلام لهذا المجلس تتضمن مجمل عناصر المشروع أعلاه. إضافة إلى كافة القوى الدولية والإقليمية المشتركة فيه، وتضمّ الإسلاميين السوريين المناوئين للإسلام الجهادي العابر للحدود، والتشكيلات المعتدلة التي تحوز على الرضا الغربي، والأخوان المسلمين. حتى أن إقليم كردستان العراق، ممثلاً بحضوره القوي في أحد الفصائل الرئيسية الموقعة على بيان "واعتصموا" ممثل في المشروع.
وفي هذه الأثناء، يتولى التشكيل الأكثر ولاء للجربا، والذي تلقى النصيب الأعظم من دعمه المالي عبر السنوات السابقة، مهمة إنشاء مقر الزعيم الثوري في منطقة جبل الزاوية الجبلية الوعرة، لتأمين أكبر قدر من الحماية الشخصية وحرية العمل له.
  لا يتبقى والحالة هذه سوى الإعلان عن قائد لمجلس قيادة الثورة، والذي وعد البيان الأول بالإعلان عنه خلال مدة لا تزيد عن الشهر والنصف، وهي مدة كافية لتلقي الانطباعات وردود الفعل، واستكشاف ما تبقى من الحيز الذي سينطلق فيه المشروع.
أما الائتلاف الوطني، والحكومة المؤقتة، فإنهما سيبقيان قيد الوجود، للاضطلاع ببعض المهمات الخدمية والإغاثية المتقطعة، وللضرورات السياسية والقانونية، ريثما يتم الإعتراف بالمجلس الجديد، ممثلاً شرعياً وحيداً للثورة السورية.
increase حجم الخط decrease