اقتراع المغتربين: "الغبن" الطائفي في ست قارات.. الدروز طليعتهم

وليد حسين
الثلاثاء   2021/12/07
سيؤدي إقرار المقاعد الستة إلى إشكاليات بين الطوائف وفي توزيع الأصوات التفضيلية (المدن)
يفترض أن يجتمع المجلس الدستوري يوم الخميس المقبل، لبحث الطعن المقدم من التيار الوطني الحرّ بتعديلات قانون الانتخابات. وقد بدأ المجلس جلساته المفتوحة يوم أمس الإثنين في 6 كانون الأول، ويفترض أن يبت بالطعن في مهلة 15 يوماً. 

الغالبية المارونية والطعن
بعد تسريب أرقام المسجلين في الخارج وكيفية توزعهم على القارات والطوائف وعلى الدوائر في لبنان، سيكون مصير الطعن أساسياً في هذا الخصوص. فبشكل عام تصل نسبة المسجلين في الخارج من أصل الناخبين في لبنان إلى نحو 12 بالمئة، وهذه النسبة تُصرف بنحو 16 مقعداً من المجلس النيابي الحالي. 

لكن تأثير المغتربين على المقاعد يختلف بحسب مصير طعن التيار. ففي حال رفض "الدستوري" طعن التيار سيقترع المغتربون للمقاعد في لبنان. ووفق توزع المسجلين على الدوائر سيكون تأثيرهم على المقاعد في الدوائر "المسيحية" أكبر بكثير من المناطق الشيعية أو السنّية. 

رغم أن الأرقام المتداولة ستخضع لتناقص بالعدد بعد تنقيح القوائم في وزارة الداخلية، لكنها لن تؤثر كثيراً في العدد الضخم للمسجلين، والذي استقر على نحو 230 ألف ناخب، بعد التنقيح الأول في وزارة الخارجية. ومن أبرز خصائص المسجلين، وفق التوزع الطائفي، تصدّر الموارنة بنحو 77 ألف ناخب، يليهم السنّة بنحو 49 ألف ناخب، ثم الشيعة بنحو 48 ألف ناخب، والروم نحو 23 ألف ناخب، والدروز والكاثوليك بنحو 15 ألف ناخب.

تأثيرهم في الدوائر
على مستوى الدوائر في لبنان، تأثير المسجلين في دوائر الشوف-عاليه والشمال الثالثة وبيروت أساسي. ففي الشوف-عاليه عدد المسجلين نحو 29 ألف ناخب، ونصيبهم أكثر من حاصلين انتخابيين. وفي الشمال الثالثة (بشري وزغرتا والكورة والبترون) نحو 27 ألف ناخب، أي نحو ثلاثة حواصل انتخابية. أما في بيروت (نحو 36 ألف ناخب) فسيكون تأثيرهم كبيراً في بيروت الأولى، حيث الحاصل الانتخابي يصل إلى نحو 5 آلاف صوت، وفي الثانية حيث الحاصل نحو 13 ألف صوت (لم تصدر الأرقام الرسمية لكيفية توزعهم على الدائرتين بعد). 

إلى ذلك، يصل عدد الناخبين في دائرتي بعبدا والمتن إلى نحو 13 ألف ناخب، حيث تأثيرهم يفوق الحاصل الانتخابي. وهذا يسري على جبيل كسروان (نحو 14 ألف ناخب)، وحتى في دائرة الجنوب الثالثة (نحو 22 ألف صوت). أما في طرابلس (نحو 11 ألف صوت) وزحلة (نحو 9 آلاف صوت) والبقاع الغربي (نحو 8 آلاف صوت) فتأثيرهم يقترب كثيراً من الحاصل الانتخابي. 

إشكاليات قبول الطعن
أما في حال قبل المجلس الدستوري الطعن، فستدخل القوى السياسية في إشكاليات كبيرة حول كيفية توزيع المقاعد الستة على الطوائف والقارات. صحيح أن هناك دراسة معدة في اللجنة المشتركة بين وزارتي الخارجية والداخلية، وتقضي بمنح المقعد للطائفة التي لديها أعلى الأصوات في القارة المحددة، إلا أن هذا الأمر سيرضي الطوائف الكبيرة، أي الموارنة والسنة والشيعة، ويخلق إشكاليات مع طوائف الروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس والدروز. 

الغبن الدرزي
ففي أفضل توزيع للمقاعد، حسب أعداد المسجلين، تؤول افريقيا إلى الشيعة (الأغلبية شيعية بنحو 13 ألف ناخب) وآسيا (أغلبية سنّية بنحو 21 ألف ناخب) وأوروبا للموارنة (أغلبية الأصوات بنحو 22 ألف ناخب). ورغم أن الموارنة يشكلون أغلبية الأصوات في أميركا الشمالية أيضاً (نحو 22 ألف ناخب)، تؤول هذه القارة للأرثوذكس (نحو 8 آلاف ناخب) أو الكاثوليك أيضاً (نحو 5 آلاف ناخب). لكن المرجح أن تعطى أميركا الشمالية للكاثوليك وأوقيانيا للأرثوذكس (نحو2200 صوت)، لأن عدد الكاثوليك أقل من ألف صوت في أوقيانيا. ما يعني أنه سيتبقى للدروز أميركا اللاتينية (524 صوتاً)، فيما أغلبية الدروز هي في آسيا (نحو 8 آلاف صوت). 

في هذا التوزيع يلحق الغبن طائفة الدروز بشكل أساسي. وأي توزيع آخر للمقاعد، حسب أعداد المسجلين، سيخلق إشكاليات بين أكثر من طائفة، ويكثر عدد الطوائف المغبونة.  

الصوت التفضلي
إلى ذلك سيؤدي إقرار المقاعد الستة إلى إشكاليات في كيفية توزيع الأصوات التفضيلية وفوز المرشحين الأساسيين للطائفة-الحزب، باستثناء الشيعة والسنة. فالقارة تعتبر بمثابة الدائرة الصغرى حيث يمنح الناخب صوته التفضيلي للنائب عن القارة. واحتساب الصوت التفضيلي على مستوى القارة يخلق إشكاليات طائفية لا حصر لها. فوفق توزع أعداد المسجلين وكيفية احتساب نسبة الصوت التفضيلي لتوزيع المقاعد على الفائزين، ستتصدر افريقيا ثم أميركا اللاتينية وثم آسيا قائمة الفائزين. ما يعني أن الموارنة ثم الشيعة فالأرثوذكس يحددون مصير المقعد الدرزي في أميركا اللاتينية. وفي أوقيانيا يحدد الموارنة والسنة مصير المقعد الأرثوذكسي، وفي أميركا الشمالية يحدد الموارنة ثم السنة والأرثوذكس والشيعة مصير المقعد الكاثوليكي. وفي أوروبا يحدد السنة والشيعة مصير المقعد الماروني، بينما لا قدرة للموارنة على تحديد مصير المقعدين السني والشيعي في أسيا وأفريقيا. عملياً سيؤدي هذا الأمر إلى استنفار العصبيات، ويستحضر "الغبن" الطوائفي أكثر من أي قانون انتخابي مر على لبنان.