دمشق:النظام يسدل الستار على آخر حلقات الدعم الحكومي

محمد كساح
الأربعاء   2022/11/30
كشف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم عن دراسة تناقش تقديم الدعم النقدي للمواطنين، عن طريق مبلغ يوضع على البطاقة الذكية يستطيع المواطن شراء الخبز أو ما يرغب به من السورية للتجارة.

ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الآلية تعني التمهيد لإغلاق ملف الدعم الحكومي في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالنظام وعلى رأسها الانهيار غير المسبوق الذي طاول الليرة السورية في الآونة الأخيرة.

ونقلت إذاعة "شام إف إم" الموالية عن سالم أن قيمة المبلغ لم تحدد، كما أن "الدراسة لم تنته بعد، إذ من الممكن أن تكون قيمة المبلغ أكبر من القيمة المحددة حالياً للمواد المدعومة (سكر، أرز، خبز)".

وأوضح سالم أنه سيتم تقسيم المبالغ المرهونة للدعم الحالي على أصحاب البطاقات حسب عدد أفرادها، مع إبقاء أسعار المواد على ما هي عليه حالياً. مشيراً إلى أن قيمة الدعم هي 5 ترليون ليرة سورية موزعة على 4 ملايين بطاقة، وسيطبق الأمر قبل نهاية العام الحالي.

ويعتبر الباحث الاقتصادي رضوان الدبس الآلية الجديدة بداية لإنهاء الالتزام الحكومي بتقديم الدعم للمواطنين في"حين تستبدل الحكومة فكرة دعم المواد الغذائية بمنح مبلغ مالي لشريحة من المواطنين سيكون ذلك مقدمة لانسحابها من فكرة الدعم أساساً".

ويضيف الدبس ل"المدن" أن الخطة لا تصرح برفع الدعم لكنها تعبر عملياً عن توجه النظام نحو الرفع الكامل لأن تخصيص مبلغ معين كرصيد لحاملي البطاقة الذكية لا يأخذ بالحسبان انهيار العملة. موضحاً أن "المبلغ الذي يشحن للمواطن قد يكفيه لشراء بعض المواد في الوقت الحالي لكن بعد أشهر لن يكفي حتى أسبوعين".

ويتابع الدبس أن "الخطة تستهدف رفع الدعم لكن بطريقة تدريجية عبر الالتفاف على القانون وتنصل الحكومة من التزاماتها تجاه المواطنين، وهذا مؤشر خطير جداً سوف يلمس المواطن آثاره السلبية في وقت قصير".

ويعزو الدبس جنوح النظام السوري نحو هذه الخطة إلى العجز الكبير في الموازنة العامة الذي بدأ منذ بداية السنة وسوف تكون موازنة العام 2023 محملة بعجز بقيمة 10 ترليون ليرة سورية، ما يعني أن المبالغ المالية الموجودة في الخزينة لن تكفي مصاريف الحكومة لأكثر من شهرين أو ثلاثة.

جس نبض الشارع
لم يتم إقرار مشروع تغيير آلية تقديم الدعم لدى حكومة النظام من دعم عيني إلى نقدي حتى الآن، وربما يهدف التصريح عنه الى معرفة ردة فعل الشارع العام.

ويرى الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر خلال حديث ل"المدن" أن هذه الخطوة ستحقق -في حال تم تطبيقها- مكاسب عديدة للنظام السوري، فهي سوف تؤمن وفراً مالياً لخزينة الحكومة، لأن الأسعار التي سيتم وفقها تحديد قيمة المبلغ الذي سيتم شحنه في البطاقة قد تكون أقل من سعر السوق، وهذا مكسب للحكومة وخسارة للمواطن.

كما أن الآلية الجديدة "تعد خطوة باتجاه تهيئة المناخ الشعبي العام لتقبل فكرة إلغاء الدعم، فإلغاء الدعم يعد خطوة خطيرة لها انعكاسات اجتماعية وسياسية، لذلك لا يمكن المضي به دفعة واحدة، بل يتم ذلك عن طريق خطوات متسلسلة متباعدة زمنياً، بهدف تقليل رد الفعل الشعبي العام إلى حدوده الدنيا".

تحرير الأسعار
وعلى الرغم من عدم وجود تحرير كامل لأسعار السلع المدعومة في الوقت الراهن، إلا أن هناك غياباً للتسعير الحكومي الصارم، فالأسعار تتذبذب بين التسعير المركزي والتحرير الكامل.

ويلمح يحيى السيد عمر إلى أنه "في حال تم منح بدل نقدي عوضاً عن الدعم العيني، فمما لا شك فيه أن غالبية المواد سيتم تحرير سعرها، وهذا ما قد لا تعترف به حكومة النظام. على الرغم من قيام الحكومة مؤخراً برفع أسعار العديد من السلع إلا أنها ما تزال تصر على أن الأسعار الجديدة ما تزال ضمن خانة الدعم".

ويمكن أن تكون فكرة استبدال الدعم العيني بمادي حلقة ضمن سلسلة تهدف لتقليل فاتورة الدعم، وبالتالي تقليل عجز الموازنة العامة الذي أرهق حكومة النظام، لذلك من غير المستبعد أن يتم مستقبلاً تقليص عدد المواد المدعومة وبالتالي تقليص قيمة البدل النقدي وهكذا حتى الوصول لمرحلة إلغاء الدعم، لكن هذا الأمر يعد مخاطرة سياسية لا سيما في ظل مؤشرات الفقر المرتفعة جداً في البلاد، وحالة التذمر الشعبي العام.