السبت 2022/10/22

آخر تحديث: 19:39 (بيروت)

"نشيد الحب": حرفيّات آل طرزي...وبوابة "لبنان الكبير" المزخرفة

السبت 2022/10/22
"نشيد الحب": حرفيّات آل طرزي...وبوابة "لبنان الكبير" المزخرفة
الفن الحرفي لا يجد له في لبنان مطلق فضاء
increase حجم الخط decrease
في "نشيد الحب" يستعيد الفنان ألفرد طرزي، جانباً من تاريخ عائلته الذي يتصل أيضاً بتاريخ الفنون الحرفيَة في لبنان وبلاد الشام عامَة. من درج المتحف الوطني في بيروت حيث يفتتح هذا العمل، الأحد 23 أكتوبر، الثالثة من بعد الظهر، يقود الفنان الجمهور نحو هنغار مهجور عثر عليه وأعاد إستنباطه ليحضن هذا التجهيز، رحلة خاصّة ترافقها حفلة موسيقية يحييها شربل الهبر، ساري موسى، فادي طبال وسيرج يارد. التجهيز هو جزء من برنامج "الفن والأراضي" التي تنفذه السفارة الفرنسية والفروع الإقليمية للمعهد الفرنسي في لبنان، وقد أنجز بالشراكة مع مؤسسة "أمم" للتوثيق والأبحاث والمديرية العامة للآثار.

تتعدّد فضاءات هذا التجهيز وما يطرحه من أسئلة حول الذاكرة والهوية، وبخاصة مآل الفنون الحرفية التي لا تجد لها مكاناً سواء في المتاحف أو المعارض. والمتاحف المتخصصَة في الفنون الحرفية، هي نادرة عامَةً، نسبة إلى غيرها من المتاحف التي تهتم بالموروث الفني أو بالفن الحديث أو المعاصر، فالفن الحرفي لا يجد له في لبنان مطلق فضاء، وذلك موضوع أساسي يشغل طرزي في بشكل مُلحّ.

يضم التجهيز في الهنغار متعلّقات نادرة تختلف في موادها ما بين الخشب والنحاس والزجاج، تتدرّج في تواريخها لتعود إلى القرن الثامن العشر، وهو إرث عائلي انتقل للفنان من مشغل طرزي الشهير للحرف الشرقية، الذي كان أحد رواد هذه الصنعة في لبنان وسوريا. وقد تبلور مفهوم هذا التجهيز من علاقة الفنان الشخصية مع هذا الإرث العائلي الذي كان مهدداً بالزوال، فوقع على عاتقه تقرير مصيره، وهي علاقة يصفها الفنان بالإشكالية، وتمخض عنها هذا التجهيز. فكما يوحي عنوانه هو "نشيد حب" للعمل اليدوي والحرفي، يأخذنا صوب منحى مختلف في علاقتنا مع المادة والزمن ونحو حوار حي مع المادة نفسها. واختار طرزي كمكان لتصميم تجهيزه، الهنغار المهجور والمهدد أيضاً بالزوال، الذي يتلاقى مع طبيعة ما هو معروض فيه، كون المكان ومعروضاته معلقين في فضاء بات خارج الزمن.

في التجهيز نفسه إعادة هندسة لفضاء ضمن فضاء وتلاحم ما بين ذاكرتين مختلفتين، ذاكرة المكان نفسه وتاريخ المتعلقات المعروضة فيه. وإن كان موضوع الذاكرة والهوية إحدى الثيمات الرئيسية في أعمال طرزي، فلعل أبرز ما يميز مقاربته، هو قدرته على إخراج الذاكرة من حالتها الأرشيفية الثابتة، لتتحول مادة خام للعمل الفني، قابلة لأن يعاد تركيبها واختراعها ضمن تصور الفنان، وهي بذلك تكتسب وظيفة آنيَة تخرجها من الجماد صوب الحياة مجدداً. ويطرح العمل أيضاً مسألة الهوية المشرقية وسبل تعريفها، سواء فنياً أو جغرافياً من خلال تتبع سيرة العائلة، التي تمرست في هذه الصنعة عبر أربعة أجيال مختلفة، وكانت لها تجارب رائدة في الفن الحرفي واليدوي، ليس في لبنان وسوريا فحسب، بل في القدس وامتدّت حتى مصر والمغرب العربي.

وبينما يتلاقى الإرث الشخصي مع الإرث العام فهو أيضاً لا ينفصل عن ذاكرة لبنان منذ عهد المتصرفية، مروراً بقيام دولة لبنان الكبير وما تبعه. فبعض من هذه المتعلقات شاهد على هذه التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة، ومنها الباب الخشبي المنقوش الذي اختاره طرزي ليكون مدخلاً للتجهيز، وهو من صنع الجد الأكبر للفنان، وصُمّم لقصر الصنوبر في حقبة افتتاحه الأولى ككازينو، فكان له أن يشهد إعلان الجنرال غورو لدولة لبنان الكبير من القصر. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها