الأحد 2022/10/02

آخر تحديث: 13:23 (بيروت)

مهرجان"كرامة..أفلام عن السجن من سوريا إلى ليبيا

الأحد 2022/10/02
increase حجم الخط decrease
أعلنت أمم للتوثيق والأبحاث و"مُنْتَدى المَشْرِقِ والمَغْرِب للشُّؤونِ السِّجْنِـيَّة"عن تعاونها مع مهرجان "كرامة" لأفلام حقوق الإنسان، من خلال مشاركة المنتدى في أمسية أفلام وحوارات خاصة عن السجن وأحواله، ضمن فعاليّات المهرجان الذي ينطلق في دورته السادسة 2022  في الثاني من تشرين الاول في مسرح دوار الشمس- الطيونة (بيروت) ويمتد على مدار ثلاثة أيام.

وينظّم المنتدى في الرابع من تشرين الأول عروضا لأفلام مختلفة، بعضها يعرض للمرة الأولى في لبنان بحضور صنّاع الأفلام وفريق العمل، وهي في مقارباتها، تتناول مسألة السجون ونظم التعذيب متمثلة بتجارب عايشتها بلدان شهدت نمو وسقوط انظمة ديكتاتورية ضمن حقبات مختلفة من تاريخها، من اليونان وكردستان-العراق وليبيا. كما سيُعقد لقاء حواري يجمع ما بين الصحافة والفنون والأدب تحت عنوان "البعد الرابع: سرد واقع السجون في المشرق والمغرب من بيروت"، يشارك فيها كل من هناء جابر، مروان أبي سمرا، مهند الأمين، جاد اليتيم، علاء رشيدي، ويديره مينا ابراهيم.

وتأتي هذه المبادرة، كانعكاس لرؤيا المنتدى الذي ومنذ تأسيسه يسعى في عمله وفي كل ما خاضه من مشاريع، وهي تتنوع ما بين الندوات والمؤتمرات والأبحاث والمنشورات، لمدّ جسر ما بين الجانب الأكاديمي والحقوقي كذلك الفني فيما يخصّ الشؤون السجنية. كما أن اهتمام المنتدى أيضاً منصبّ على ارتباط المسألة السجنية في لبنان بغيرها من البلدان في الشرق الأوسط. وانطلق منتدى المشرق والمغرب للشؤون السجنية في 2018، كإستكمال لإهتمام امم للتوثيق والأبحاث بمسالة السجون والتعذيب في المنطقة التي تجسدت من خلال  مشاريع مختلفة تنوعت في طابعها ما بين الأدبي والبحثي والفني كما على سبيل المثال لا الحصر "العَودٌ إلى بني أٌمّي"، وهي شهادة سجين سابق دونّها الصحافي حسن الساحلي، وهي وثيقة عن سجن زحلة، ترصد مدى هيمنة العشيرة والتقسيم الطبقي\العشائري الذي يمارس داخل السجون، والسيرة الذاتية الإستثنائية لعلي أبو دهن في كتاب "عائد من جهنّم ذكريات من تدمر وأخواته". وذلك من دون أن نغفل عمل مونيكا بورغمان ولقمان سليم سوية على  المسألة السجنية في سوريا، الذي توّج بإخراجهما المشترك لفيلم "تدمر" عن سجن تدمر السوري، حيث يُعيد السجناء السابِقون تركيبَ مكانِ سجنِهم وأدواتِ التعذيب الساديّة التي هي نِتاج مَخيَلة نظام البعث الأسديّ المُرعِبة. وهو انشغال مونيكا ولقمان بمسألة السجون الذي قادهما إلى العمل على مقاربة إقليمية أوسع، تشمل كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تجسّدت من خلال مشروع منتدى المشرق والمغرب للشؤون السجنيّة. 
في البرنامج السينمائي الذي نظمه منتدى المشرق والمغرب للشؤون السجنية عدّة أفلام، كل على حدة في مقاربته الفنية يضيء على جانب من مسألة السجون وآلية نظم التعذيب بالأخص  ديناميكية علاقة السجين بالسجّان، التي تحتلّ حيزا مهماً في الفيلم الإفتتاحي الوثائقي الدرامي وعنوانه "ابن جارك: صناعة شخص المٌعذِّب". صدر الفيلم في نسخته الأولى عام  1976، من إخراج إريك ستيفنسن وجورغن  فليندت بديرسون. يصور الشريط  فترة حكم المجلس العسكري اليوناني او ما يعرف ايضا ب"الجونتا" وهي ديكتاتورية عسكرية يمينية متطرفة حكمت اليونان على مدى سبع سنوات بعد انقلاب نيسان –ابريل 1967. في الفيلم توثيق لآلية التجنيد في نظام الجونتا وميكانيكية صنع شخص المٌعذِّب وذلك من خلال شهادات مختلفة يجمعها الفيلم وأغلبها لمجندين سابقين. يروي هؤلاء بأدق التفاصيل تجربتهم وكيفما جرى إخضاعهم واستدراجهم من قبل هذا النظام عبر آليات نفسية وجسدية مختلفة تراوح ما بين الترهيب والتعذيب أو الغواية بالسلطة المطلقة أو الهيمنة. لكن ما هو لافت ويلتقطه الفيلم ببراعة أننا وفي تفكيك صورة المٌعذِب قد نعثر على ما يتماهى مع صورة نقيضه، أي المٌعذَّب.  

أما في ما يخص الفيلم الليبي الدرامي القصير "السجين والسجّان" للمخرج الليبي مهند الامين  (2019) فهو كما قد يوحي عنوانه يطرح انقلاب الأدوار أو تبادلها ما بين السجين والسجّان منطلقاً من مفارقات التاريخ الليبي وما شهده من أحداث منذ سقوط ديكتاتورية القذافي، ولا يغفل الفيلم عن استعادة مذبحة سجن أبو سليم، التي وقعت سنة 1996 في ليبيا أثناء حكم القذافي وسقط خلالها أكثر من 1200 ضحية من بين السجناء في ما جرى تصنيفه كإحدى أفظع جرائم القتل الجماعية.
  
ويختتم البرنامج بالفيلم الوثائقي الدرامي الطويل، "ملائكة سنجار" (2022) للمخرجة البولندية حنّا بولاك في عرضه الاول في لبنان. وللمخرجة حنّا بولاك التي ستحضر عرض فيلمها في بيروت وتشارك في نقاش مفتوح، سيرة زاخرة في صناعة الأفلام الوثائقية اذ سبق ورشح فيلمها القصير "أطفال لينينغرادسكي" لجائزة أوسكار افضل فيلم وثائقي قصير عام 2005. يتتبع فيلم "ملائكة سنجار" شخصية "حنيفة" التي نجت على نحو اشبه بالعجائبي من المجزرة التي اقترفها تنظيم داعش في مدينة سنجار شمال العراق في حق الشعب الإيزيدي وما تبقى من جرائم صنفت بالإبادة الجماعية. تتبع المخرجة رحلة بحث "حنيفة" عن أخواتها الخمس اللواتي اختطفن من أمام ناظريها على يد "داعش"، وتم الإتجار بهن وإخضاعهن لأفظع سبل التعذيب وهي رحلة تتفرّع في مساراتها الجغرافية وعوالم الشخصيات الداخلية في ما تعيشه من مشاعر متنازعة. من بين الشخصيات الرئيسية الأخرى في الفيلم "سعيد" وهو أخ الناشطة الإيزيدية ناديا مراد، الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2018 شراكة مع الطبيب الكونغولي، دينيس موكويغي وهو في إصراره على البقاء في "سنجار" وسعيه لإنقاذ من تبقى يراوح أيضا ما بين محاولاته العسيرة للخروج من حداد يتخطى الفردي إلى الجماعي.


 يرصد الوثائقي تفاصيل، تبدو للمشاهد وكأنها من نسج الخيال لفظاعتها، ويشكل وثيقة نادرة لفهم يتخطي المادي إلى الإنساني للمأساة التي حلت بالشعب الإيزيدي. ولعلّ أهم ما تنجح المخرجة في تجسيده، هي رحلة بحثها الخاصة ايضا من خلال هذا الفيلم  لفهم آليات النفس الفردية أو الجماعية للنجاة من تجربة مماثلة. الشريط يجمع ما بين التوثيقي والفني على نحو فريد ومتكامل في انسجامه وفي حميمية الشهادات التي تجمعها المخرجة واستكشافها لأدق التفاصيل التي تشكل عالم هذه الشخصيات. ففي علاقة شخصيات الفيلم مع المكان نفسه والجذور وخصوصية المجتمع الآزيدي وكل الزوايا الملفتة التي تشكل نواة السرد السينمائي، إعادة تشكيل لعالم بالرغم من تشظيه لم يزل متشبثا بوحدته وهويته على نحو مذهل وذلك لا بد يشكّل إحدى آليات نجاته. 
 للإطلاع على البرنامج المرفق لمعرفة أوقات عرض الأفلام المذكورة 
يرافقُ اللقاءات الحواريةِ كافةً ترجمة فورية باللغتين العربية والإنكليزية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها