المشهد يزداد جمالاً كلما تقدم الزائرون في رحلتهم. "يقوم فصل الربيع بايقاظ ساحة كف الدب التي تضم عدداً من أنواع النباتات غير الموجودة إلا في لبنان، اذ يضم الجبل 6 نباتات من أصل 24 لا تنبت إلا في لبنان"، تقول نادر. تضيف: "منذ بدأنا في رعاية الجبل ونحن نلاحظ زيادة في عدد هذه النباتات". ومن ضمن هذه النباتات شجرة الضفران، وهي شجرة مهددة بالانقراض إذ أن تكاثرها متوقف على نوع محدد من الطيور يأكل ثمارها، "غير أن هذه الطيور عرضة دائما للصيد"، وفق نادر.
وكما النباتات تتنوع الحيوانات، اذ تكثر الذئاب، الضباع، والطبسون وغيرها من الحيوانات التي تعيش بشكل سلمي في جرد جبل موسى.
لا تنحصر جمالية مشهد الجبل ورهبته على مناظره الطبيعية فحسب، بل تشمل إرثاً ثقافياً أيضاً، اذ "يضم الجبل 3 بيوت تعود الى القرن الثامن عشر، وقد كانت تستفيد من مياه بئر المسوك الذي أنشأه الأهالي لإنجاز أعمالهم الزراعية وتغذية الحيوانات وللاستخدام المنزلي"، وفقها. ويلاحظ، في هذه البيوت، التقسيم الطبقي، بحيث تظهر بيوت المزارعين بشكلها النمطي البسيط، يقابلها البيت الكبير، حيث كان يقطن أحد المطارنة. تضيف نادر: "توجد أيضاً الأدراج الرومانية التي نسعى إلى ترميمها بتمويل من البنك اللبناني الفرنسي، ذلك أن لهذه الأدراج أهمية بالغة تاريخياً، اذ كانت تُسهّل نقل البضائع مثل المواد الغذائية وغيرها، وهي تربط الساحل بأفقا فبعلبك ومنها إلى تدمر في سوريا".
وتظهر نقوش على الصخر تُنسب للامبراطور الروماني هادريانوس. "كانت هذه النقوش بمثابة تعليمات بعدم استخدام 4 أنواع من الأشجار إلا من جانب الامبراطور الذي كان يصنع منها البيوت والسفن وغيرها، ومنها الأرز، السنديان والشوح"، تقول نادر. أما الوصول الى قمة الجبل فيغلب عليه الطابع الديني، حيث تظهر ساحة في منتصفها صليب، يقام فيها قداس عيد الصليب في 14 أيلول من كل عام.
مما لا شك فيه أن جبل موسى يختزن الكثير من الأسرار، فلا أحد يعلم سر تسميته. "ليس هناك رواية واضحة عن حقيقة اسم الجبل، الا أن البعض يربطه بوجود عصا موسى فيه، حيث أن الجيش الاسرائيلي جاء لتفتيش الجبل عدة مرات"، تقول نادر. وتبدو لافتة أعداد الطيور المهاجرة التي تعبر فوقه خلال فصلي الخريف والربيع، وقد صُنفت المحمية كـGlobal Important Bird Area. لكن المجتمع المحلي، وفق نادر، يشكل "العائق الأكبر أمام عملنا، حيث ما زال بعض الأشخاص يعتقدون أننا منعناهم من الاستفادة من الجبل، علما أنه في الأساس تابع للمطرانية المارونية التي قمنا كجمعية باستئجار الأرض منها".
بدأت عملية تصنيف المناطق المحمية في لبنان منذ العام 1942، مع إعلان 8 مواقع محمية بموجب المرسوم رقم 343/1942. إذ تنوّعت هذه المواقع ما بين منتزهات مُدنية (حرج بيروت) وينابيع (نبع اللبن) وغابات (سنديان المروج وأرز بشرّي) إضافة إلى معالم تاريخية (هياكل بعلبك). وينعم لبنان اليوم بوجود 13 محمية طبيعية، 28 غابة محمية، و17 موقعاً طبيعياً، يتمتع معظمها بتصنيفات عالمية بما فيها "مواقع رامسار" و"مناطق متمتعة بحماية خاصة" و"مواقع هامة للطيور" إضافة إلى إدراج بعض منها على "لائحة التراث العالمي".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها