الثلاثاء 2015/06/30

آخر تحديث: 17:23 (بيروت)

"دار الأيتام الإسلامية": كاميرات في غرف النوم أم تعنيف؟

الثلاثاء 2015/06/30
"دار الأيتام الإسلامية": كاميرات في غرف النوم أم تعنيف؟
زنتوت: لم تتواصل معنا الجهات الرسمية بشأن الفيديو حتى الآن (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease

بالتزامن مع الحملات الدعائية التي بدأتها "دار الايتام الإسلامية" لجمع التبرعات بحلول شهر رمضان، كغيرها من دور الرعاية التابعة لجهات إسلامية، انتشر فيديو يدّعي مصوره أنه لأطفال يتعرضون للتعنيف داخل الدار. وهذا ما ربطته المؤسسة، عبر مديرة العلاقات العامة فيها رانيا زنتوت، بـ"فترة تنظم فيها الدار إفطارات رمضانية". وهي تفضل ألّا تضيف أي إيضاحات حول تأثير الفيديو على هذه الإفطارات، ولماذا قد تتخوف هذه "المؤسسة العريقة" من تأثر الإفطارات خصوصاً، في حين أنها لا تبدو خائفة على سمعة الدار عموماً؟ هل هو خوف من ذهاب الحملة الدعائية الرمضانية سدى؟ أو على الأقل من ألا تأتي بالنتائج المرجوة بسبب تراجع محتمل لأعداد المتبرعين؟

والحال إن توقيت الفيديو بحد ذاته ليس مهماً، إذا ثبت أنه صحيح. لهذه الناحية تقول زنتوت أن "الصوت في الفيديو مفبرك". أي أن الصوت ليس موجوداً في التسجيل الأصلي نفسه. الرأي الأولي لمجموعة من التقنيين اطلعوا على الفيديو، لا يوافق على هذا التفسير. اذ أن صوت الأطفال يبدو بعيداً بما يتلاءم مع المسافة التي صور الفيديو منها، بالإضافة الى صدى الأصوات الطبيعي. ويؤكد هؤلاء لهذه الناحية أن الفيديو لم يخضع لأي تعديل من خلال برامج الكترونية. في المقابل يجد آخرون أن الفيديو غير واضح، مما يشكل صعوبة في تأكيد صحته من عدمها.

في مطلق الأحوال، تؤكد زنتوت أن "الفبركة" تتعلق بالصوت حصراً، من دون الصورة. أي أنها لا تشكك في أن يكون المبنى المصور هو مبنى الدار نفسه، خصوصاً بعد التأكد من مكان اقامة مصوره. والمؤسسة التي لم تتوقع يوماً أن يُنتهك "أبناؤها" في عقر "دارهم"، لا بد أن تصاب، بعد مشاهدة الفيديو، بصدمة مشابهة لصدمة المشاهد العادي، تفرض عليها التوسع أكثر في أساليب التأكد من صحته.

لعل شهادة أحد خريجي "دار الأيتام الإسلامية"، قد تكون مفيدة في هذا السياق. يقول يوسف عباس في حديث لـ"المدن" أن التعنيف من أمور الدار العادية التي لطالما شهد عليها. وإن كان الأطفال يتعرضون له في رمضان "لإيقاظهم وقت السحور"، فإنهم يتعرضون له في أوقات أخرى لأسباب مختلفة. "التبول اللإرادي" كان سبباً لتعرض مجموعة مكونة من حوالي 60 طفلاً، معروفين بالأسماء لدى زملائهم، للضرب الصباحي اليومي، وفقاً له. يضيف عباس أن هؤلاء الأطفال كانوا يمتنعون بمعظمهم عن شرب المياه منذ ساعات ما بعد الظهر تجنباً للتعنيف. هذا المثال ليس وحيداً لدى عباس، فلو حالف الطفل الحظ وتم إختياره ضمن مجموعة لتناول الإفطار في أحد المطاعم، سيعود "ليختار العصا التي يضرب بها" عن كل مخالفة إرتكبها للأوامر خلال الإفطار. "هؤلاء الذين كانوا يظهرون وهم يقبلوننا في الإعلانات المخصصة لجمع التبرعات، هم أنفسهم كانوا يضربوننا".

ويبدو أن المؤسسة تمتلك دليلاً لنفي كل هذه الإدعاءات. تقول زنتوت أنه "يوجد نظام رقابة وكاميرات في الدار، وتمت مراجعة جميع التسجيلات، غير أن شيئاً من هذا التعنيف لم يظهر". ووفقاً للفترة الزمنية التي صور فيها الفيديو، يفترض أن يكون الأطفال نياماً. هل تمت مراجعة تسجيلات غرف نوم الأطفال؟ هل هي مزودة بكاميرات أصلاً؟ تجد زنتوت أن هذه الأسئلة تخطت الحدود المقبولة، "الى حدود التدخل في خصوصيات المؤسسة"، فتمتنع عن تقديم الإجابة.

إذاً، لو إمتلكت المؤسسة فعلاً تسجيلات تثبت نوم الأطفال هادئين داخل غرفهم، فهذا سيعني أيضاً انتهاكاً لخصوصياتهم. أما اذا لم تمتلك هذه الدلائل، فلا يبقى أمامها الا مناقشة الفيديو في إطار تقني يؤكد صحته من عدمها. لهذه الناحية لا بد من تدخل النيابة العامة على إعتبار ان الفيديو يشكل إخباراً يستدعي تحركها للتحقيق في ملابساته. لكن النيابة العامة ووزارة الشؤون الاجتماعية لم تتحركا حتى هذه اللحظة. وهذا ما تؤكده زنتوت، اذ "لا جهات رسمية تحركت أو سألت المؤسسة حتى الآن".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها