الأربعاء 2014/09/17

آخر تحديث: 13:48 (بيروت)

جفاف نبع "رأس العين" يهدد بعلبك بالعطش

الأربعاء 2014/09/17
increase حجم الخط decrease

تواجه مدينة بعلبك اليوم مشكلة جفاف نبع "رأس العين"، بعد أن كانت مياهه تغذي معظم أنحائها والجوار.

لا يمكن الحديث عن بعلبك من دون ذكر "رأس العين" و"المرجة"، نظرا لما يشكلانه من تكامل في الجمال والتاريخ. هذان المعلمان الطبيعيان الواقعان في الجنوب الشرقي للمدينة، لهما أهمية خاصة إذ تعتبر "المرجة"، التي تزيد مساحتها على خمسين ألف متر مربع، من أكبر المساحات الخضراء في لبنان، وهي المتنفس الوحيد لأهالي المدينة والمنطقة، فهي دائما مزدحمة بالأشخاص الذين يبحثون عن الراحة. وتساهم "رأس العين" أيضا بالنمو الإقتصادي للمنطقة، إذ تنتشر حولها المطاعم والمقاهي.


موسم الشح
"علينا المباشرة بزيادة الوعي في إستعمال المياه، لأن شحها هو بمثابة تحدٍ للسلوك العام، ومصدراً للقلق والنزاعات"، يقول رئيس بلدية بعلبك الدكتور حمد حسن لـ"المدن". يشرح حسن عن إحتضار أهم نبع في بعلبك، ويصف كيف بدأ لونه الأخضر يتقلص شيئاً فشيئاً بسبب قلة المياه. "هذا النبع كان يتدفق بحدود 600 ليتر في الثانية. وفي السنوات الأخيرة كان يصل تدفقه إلى حوالي 150 ل/ث في فصل الصيف".

يقول حسن: "لا يمكننا أن نتجاهل الأسئلة المطروحة من جانب الأهالي، والتعليقات والتكهنات التي غصت بها صفحات التواصل الاجتماعي. وأكثرها كان يدور حول سبب جفاف النبع، فيما الجفاف يجتاح لبنان بكامله، وقد تأثرت بهذه الموجة معظم الينابيع ومنها نبع رأس العين".

ويقترح البحث عن مصادر مياه إضافية، "وتغذية المناطق بمياه الشفة وفق جدول زمني مُلزم. كما يمكن ترشيد استهلاك المياه ومنع الهدر قدر المستطاع، فضلا عن مراقبة وصيانة التوزيع وزيادة التغذية، والحد من حفر الآبار الخاصة المحيطة بالنبع ومنعها من ضخ المياه".

ويدعو حسن إلى إجراء دراسة معمقة حول "مياه النبع لمعرفة تدفق المياه وكميتها؛ وأخرى للحوض الجوفي للنبع والمناطق المحيطة به لمعرفة تأثير آبار مؤسسة المياه عليه، مع العمل على إنشاء سدود وبحيرات اصطناعية".


آبار مؤثرة
من جهة أخرى، يبدي خبير المياه ومهندس البترول محمود الجمّال أسفه على عدم مبادرة أي من الجهات الرسمية لإجراء الدراسات والمسح اللازمين كي يتم تحديد المصادر التي تغذي حوض النبع مباشرة، "بل بدلا من ذلك اكتفت، هذه الجهات على مدى سنين طويلة، بتسجيل القراءات المتعلقة بغزارة النبع".

ووفق الجمّال فإن "لكل بئر أثناء الضخ شعاع تجفيف حوله (Drainage Radius) بشكل قمع، وأن مداه يتأثر بالمستوى الديناميكي للمياه وكمية المياه المُنتجة". ويؤكد أن "ما يناهز الـ250 بئرا الموجودة في المناطق الصخرية تستنزف مياه طبقة التورونيان C5، وأن الآبار الخاصة المحفورة في الطبقات الحديثة تستنزف المياه الفائضة عن الفوالق، وتجري فوق الطبقة العازلة C6، ومن هذه المياه يتغذى نبع رأس العين مباشرة".

ويشير الجمّال إلى أنّ ما يدعو إلى التفاؤل، هو أن قياس المياه الذي أجراه في آبار الحقل الشمالي والجنوبي، الشهر الماضي، يظهر أنّ مستوى المياه الثابت (من دون تشغيل) لا يزال فوق مستوى نبع رأس العين بمسافات لا بأس بها، ما يشير إلى أنه في حال تم توقيف هذه الآبار المؤثرة مباشرة على النبع ستصل المياه إليه مجددا.

ولمعرفة مصدر التأثير المباشر على النبع، يقترح الجمّال الآتي:

1- توقيف الضخ في الآبار ذات الانتاجية العالية لمدة 36 ساعة، ومراقبة النبع ومن ثم إعادة الضخ منها تدريجا.
2- إجراء تحاليل كيميائية لتركيبة المياه في ما أمكن من الآبار ومقارنتها مع تركيبة مياه النبع، وهذا ما قد يوصل الى حصر منطقة التأثير.
3- إجراء مسح جيوفيزيائي (Geoelectric) للمنطقة بإستعمال أجهزة (VLF-variable low frequency) بدءا من النبع، لتحديد مجاري المياه التي تغذيه.
4- إعتماد طريقة التلوين في الآبار وهذا ما يتطلب وصول المياه الى النبع.

ويبقى السؤال هل سينجح المعنيون في ترجمة الأمل بعودة جريان المياه من نبع رأس العين؟ الجواب ربما تحمله الأشهر المقبلة وإلا ستتحول المسألة إلى مشكلة مزمنة في حال لم يحمل فصل الشتاء الآتي الكثير من الثلوج والأمطار، كما الأعوام السابقة.

increase حجم الخط decrease