الإثنين 2015/08/31

آخر تحديث: 17:43 (بيروت)

سوريون في التظاهرات: بين الحماسة والخوف و"الاستخفاف"

الإثنين 2015/08/31
سوريون في التظاهرات: بين الحماسة والخوف و"الاستخفاف"
يعتبر مازن أن السوريين والفلسطينيين والآسيويين هم أركان أساسية في الواقع اللبناني (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
أربع سنوات مرت على إندلاع الثورة السورية وما آلت إليه من حرب وتهجير ولجوء إلى بلدان عديدة، أبرزها لبنان. اليوم، الكثير من الشبان والشابات السوريين الذين هربوا من قمع النظام، وجدوا أنفسهم وسط إنتفاضة ضد نظام آخر، هو النظام اللبناني. راقب السوريون في الأيام الأخيرة التظاهرات عن قرب، وتعددت آراؤهم ومواقفهم منها. فمنهم من دعمها عن بعد، فايسبوكياً وعبر وسائل أخرى، ومنهم من قاده حماسه لمشاركة اللبنانيين نزولهم إلى الشارع، ومنهم من سخر منها على إعتبار أنها لا ترتقي إلى جدية الثورة السورية.


"الرصاص المطاطي"
ينتظر ساري، وهو شاب سوري جاء إلى لبنان في العام 2012، أصدقاءه اللبنانيين العائدين من رياض الصلح، في المقهى حيث يعمل. يصلون إلى المقهى الذي يرتادونه يومياً ليجدوا في إستقبالهم أغانيَ ثورية شغّلها لهم ساري. هذه هي طريقته في التعبير عن تضامنه ودعمه لما يحصل من إحتجاج في الشارع. أما حين كان طالباً في جامعة حلب، فقد كانت مشاركة ساري في الثورة أكثر فعالية، إذ كان من منظمي المظاهرات التي خرجت من حرم الجامعة. يشير إلى إختلاف ما عاشه هناك عما يعيشه أصدقاؤه في لبنان "في لبنان تغطية إعلامية، أما في سوريا فإمتلاك هاتف يصور كان يعتبر أكبر جريمة. هنا الرصاص مطاطي، في المظاهرات السورية كان الرصاص حقيقياً. هنا التنظيم يحدث في العلن ومن خلال مجموعات وصفحات على الفايسبوك، أما في سوريا فكان العمل في غاية السرية، لدرجة أنه لم يكن أحد يستعمل إسمه الحقيقي".

ذكرى دموية الثورة السورية زرعت الرعب في نفس ساري حين رأى العنف الذي مارسه الأمن على المتظاهرين في 22 آب الماضي. "كنت أشاهد البث المباشر على التلفزيون، تحمست جداً لرؤية أصدقائي في الشارع، لكني خفت أيضاً". تراود ساري الرغبة في المشاركة في التظاهر إلا أن وجوده في لبنان غير قانوني، ومجرد سيره في الشارع يعتبر مخاطرة بحد ذاتها. هذا بالإضافة إلى إعتقاده "بأنني سوف أضر بقضية اللبنانيين في حال نزولي إلى الشارع، لا العكس".

تجرية ساري مع عنف الثورة السورية، دفعته إلى إتخاذ موقف معاد لكل أشكال العنف، فبرأيه "العنف هو كرة في ملعب الدولة كونها تمتلك قوة السلاح والمال، لذا مهما استعمل الشعب القوة ستبقى الدولة أكثر عنفاً منه. السلمية هي ملعب الشعب وتضمن وقوف كل أطياف الشعب مع الثورة".


"الدولة اللبنانية تقمعني"
نقاط الإختلاف كثيرة وبارزة بين الثورتين، إلا أن الشباب الذين شهدوا الحدثين يرون العديد من نقاط التشابه أيضاً. سامر، شاب سوري يعيش في لبنان حالياً، لم تسنح له الفرصة للمشاركة بأكثر من تظاهرة واحدة في سوريا، فجاءته الفرصة ليكون في قلب "الإنتفاضة اللبنانية". يشير سامر إلى أنه "في بدء الثورة السورية لم يخل الأمر من بعض الزكزات الطبقية كتلك الموجودة في الحراك اللبناني، والتي وضعت شباب الخندق في مقلب والنخبويين في مقلب آخر، الا أنها سرعان ما إختفت".

أما نقطة الإختلاف الأساسية فهي سقف الخطاب ولهجته. فعلى ما يقول سامر، "البعض ممن يريدون أن يكونوا آباء الثورة الروحيين في لبنان يحاولون ضبط شعارات الشارع فيطلبون من المتظاهرين عدم شتم الدولة أو العسكر، أما في سوريا فقد كان الشعب يشتم بشار الأسد منذ البداية". ويضيف: "هذه الفئة يجب توعيتها، لا شباب الخندق". ويصر سامر على مواصلة المشاركة في الإعتصامات رغم ما يشكله ذلك من خطر على بقائه في لبنان "لأن الدولة تطعمني من ذات الصحن الذي تطعم منه اللبناني"، أي أن الظلم موجه إلى الشعبين. وهو يرى أن للشعب كامل الحق في أن يكون له ردة فعل عنفية تجاه عنف القوى الأمنية.


"السوريون جزء من الشعب"
كتب الطالب السوري مازن، على صفحته على فايسبوك، "ثورة في لبنان ليس فيها فلسطينيون وسوريون وآسيويون/ات هي ثورة لا تريد إسقاط النظام اللبناني". يعتبر مازن أن السوريين والفلسطينيين والآسيويين هم أركان أساسية في الواقع اللبناني، كون الإقتصاد اللبناني قائماً على نظام كفالة وعمالة "أشبه بالإستعباد". كما أن "نظام اتفاق الطائف هو النظام الذي طبّع الذل الفلسطيني في لبنان وجعل سكّان المخيّمات بشراً من الدرجة العاشرة، وهو نفسه النظام الطائفي الخائف من البعبع الفلسطيني/ السنّي والبعبع السوري/ السنّي، وهو نفسه النظام الذي يحاصر السوريين ويقول لهم بمنتهى الوقاحة هاجروا إلى أوروبا"، بحسب مازن. من هنا، يرى أن أي ثورة حقيقية في لبنان تتطلب مشاركة هذه الفئات، والمطالبة بحقوقها. فيتمنى أن يضاف إلى هتافات "ع الحرامية ثورة، ع الطائفية ثورة" هتاف "ع الوطنية ثورة".

شكّل الظلم الذي يمارسه النظام اللبناني تجاه السوريين وغيرهم من الشعوب الموجودة في لبنان مصدر حماسة بالنسبة لمازن للمشاركة في الإعتصامات، لكن مخاوفه من قمع قوى الأمن تغلبت على حماسته، فإكتفى بمشاهدة الحدث عبر الشاشة. أما أوجه الإختلاف التي يرصدها مازن بين الحدثين، اللبناني والسوري، فهي "مركزية المظاهرات اللبنانية في بيروت، في مقابل إنطلاق شرارة الثورة السورية من درعا وتشكيلها ثقلاً في الريف حيث المخابرات أهزل والمجتمعات أمتن وقيم التضامن والثأر أشد". من جهة أخرى، نقطة إختلاف إيجابية بالنسبة للحراك اللبناني وهي "تنوعه الطائفي، في حين أن الثقل الديمغرافي السنّي في سوريا لعب دوراً حاسماً في أخذ الأمور إلى أقصاها". هذا، بالنسبة إلى مازن، هو أكثر ما يثير الحماسة والأمل في الحراك اللبناني.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها