الخميس 2015/03/26

آخر تحديث: 14:42 (بيروت)

نادي "سما".. حالة جديدة في "اللبنانية"

الخميس 2015/03/26
نادي "سما".. حالة جديدة في "اللبنانية"
بعد سنوات من "التقشف الثقافي" في مجمع الحدث تحاول مجموعة من الطلاب تغيير هذا الواقع
increase حجم الخط decrease
هيئة طالبية معيّنة غير فاعلة، مرافق رياضية غير متوفرة، مسبح بمعايير عالية مغلق أمام الطلاب ومفتوح لبرامج تلفزيونية ترفيهية، معدات فنية بدائية (...) هي خصائص "الجامعة اللبنانية"، جامعة السبعين ألف طالب. في ظل ضعف أساسي في التقديمات التعليمية، تكاد النشاطات الثقافية والترفيهية تغيب كلياً عن حرم "اللبنانية" في الحدث. وبعد سنوات من "التقشف الثقافي"، تحاول مجموعة من الطلاب تغيير هذا الواقع من خلال ناد، يصح القول إنه الفاعل الوحيد في الجامعة.


نادي سما، الذي مرّ عام على تأسيسه، هو "مساحة جديدة تهدف لخلق هوية طالبية لطالب اللبنانية وتعزيز إنتمائه اليها"، بحسب ما يعرّفه أحد مؤسسيه، فداء أيوب. فـ"الجامعة اللبنانية" تفتقد الى ثقافة النوادي والنشاطات الخارجة عن المناهج بشكل عام، وفقه. وهذا ما تؤكده تجربة دانا، احد الأعضاء التي كانت تدخل الجامعة فقط لجمع المعلومات وتخرج منها من دون أي تفاعل مع محيطها، "أما النادي فهو الفرصة الوحيدة لكي أكون فاعلة داخل جامعتي".

انبثقت فكرة النادي من حملة "تكريس الطائفية" في "اللبنانية"، التي قاربت الواقع الطائفي في الجامعة وخارجها، وعملت على نبذه. وقد لاقت الحملة، وفق أيوب، استحساناً عند الطلاب "الذين طلبوا منا ألا نتوقف، لكنها كانت حملة وانتهت، فقرر جزء من منظميها تأسيس شيء آخر ذات استمرارية". وقد ورث "سما" عن الحملة مبادئ "اللاطائفية" و"المواطنة"، وهو يطرح أساليب فنية وثقافية ورياضية لتحقيقها.

يؤكد أيوب أن النادي هو لجميع الطلاب من الفئات والإنتماءات كلها، على أن يتوافقوا مع المبدأين المذكورين، "اذ ليس من المسموح أن يطرح أحد فكره ويلغي في المقابل فكر الآخر، لهذا على المنتسب أن يكون تحت إطار المواطنة". ويُعد هذا الطرح وحده تحدياً لواقع الجامعة المقسم والمُحتكر من قبل تنظيمات وأحزاب فئوية. وهذا ما يرتبط، أساساً، بالدافع الرئيسي لتأسيس "سما" أي "عدم وجود مساحة شخصية لي، كطالب، كي أعبر عن نفسي"، وفق أيوب. وتضيف نانسي، رئيسة النادي في كلية إدارة الأعمال، "النادي أتاح لنا جميعاً فرصة التعبير والتطور فكرياً بشكل مشترك". وعلى الصعيد الفكري، لا زال النادي غير ناضج كلياً، و"رؤيته ما زالت في طور البلورة"، بحسب أيوب.

النادي الذي يضم "عشرات الطلاب"، وفق أيوب، موجود في ثلاث كليات هي "الإدارة" و"الفنون" و"الهندسة"، وهو يتألف من لجان مختلفة رياضية وثقافية وفنية وسينمائية وغيرها.. وقد نظم عدداً من الندوات أبرزها ندوة حول تاريخ الجامعة، فـ"لكي نشعر بالإنتماء، علينا أن نعرف التاريخ أولاً"، على حد تعبير أيوب. كما ينشر النادي في الحرم ملصقات، مرة كل أسبوعين، تعالج مواضيع كحرية التعبير والطائفية إلخ.. والأمر الذي يعتبر جديداً في هذا الفرع من "اللبنانية" هو الحفلات الموسيقية، والتي كانت تعتبر مرفوضة، خصوصاً إذا كانت المغنية فتاة. ويقول أيوب: "مجرد إعتلاء فتاة للمسرح هو رسالة".

وأحد أهداف النادي "تشجيع ثقافة الإختصاص، أي حث الطلاب على كسب معرفة حول إختصاصهم لا تقتصر على دروس الصف"، بحسب أيوب. ومن هنا، ينظم النادي ورشات عمل للتدريب على الإختصاص. هذا بالإضافة إلى تأسيس مجلة "سما" الخاصة بالنادي، والتي تعد مساحة مشتركة بين الطلاب والأساتذة. كما أن الجميع مدعو للتعبير عن نفسه من خلالها، حتى الأحزاب. أما بالنسبة للأساتذة، فيقول أيوب إنهم كالطلاب، منهم من يدعم ويشجع ومنهم من لا يبالي. وهم يشكلون عنصراً أساسياً في النادي وذلك في ما يخص الجانب الأكاديمي من نشاطات النادي، وبناء "كيان واحد مؤلف من الطالب والأستاذ والإدارة".

لم يكن بروز لاعب جديد على الساحة التي اختلى بها حزبان سياسيان لفترة طويلة مرحباً به، ولهذا السبب "واجهنا عوائق عدة وحوربنا، وحاولت بعض التنظيمات السياسية مضايقتنا خلال نشاطاتنا، إلا أنهم يتقبلون وجودنا نسبياً اليوم، وباتوا يساعدوننا لوجستياً في بعض النشاطات"، بحسب أيوب. بالتالي لم يكن مصير "سما" كالنوادي التي سبقته وقد منعت من الاستمرار. وفي حين إقتصر الأمر على نواد رياضية في السابق، ألهم "سما" الكثيرين فظهرت مؤخراً نوادٍ جديدة لـ"الدبكة" و"المرأة" و"المسيحيين".

يعتبر أيوب أن النادي يتخطى شكله ليكون حركة طالبية. فهو حالة جديدة تحمل قضية هي استقلالية الجامعة الوطنية. يشير أيوب إلى أنهم ليسوا ضد التعاون مع حركات من جامعات أخرى، "لكننا الآن نبني أنفسنا قبل بناء علاقات مع الخارج". إلا أنه يختلف عن حركات طالبية أخرى من حيث نطاق نشاطه، فهو يستهدف الجامعة فحسب لا خارجها. ويرى أيوب الحراك الطالبي في لبنان "مشرذماً وغير موحد وعرضة للتجاذبات السياسية، وتعلمنا من التجارب السابقة أن نحدد ونصغر هدفنا ونشرك الطلاب كي نضمن الإستمرارية". وهم يطمحون لإعادة بناء حراك ينطلق من "الجامعة اللبنانية" لضمها أكبر عدد من الطلاب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها