الجمعة 2015/12/04

آخر تحديث: 13:36 (بيروت)

لاجئون سودانيون: نقمع من قِبل "المفوضية" والأمن العام

الجمعة 2015/12/04
لاجئون سودانيون: نقمع من قِبل "المفوضية" والأمن العام
تحدّث اللاجئون عن الإضطهاد الذي يتعرضون له في أشكال مختلفة (أرشيف: محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
مرّت أربعة أشهر على الإعتصام المفتوح للاجئين السودانيين، أمام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بيروت، وما زالت حقوقهم منتهكة ومطالبهم مهملة، لا بل إن القمع والعنصرية الموجهيْن ضدهم، يزدادان يوماً بعد يوم، في ظلّ تعتيم إعلامي. للإضاءة على هذه المشكلات التي لم تجد طريقها إلى الإعلام اللبناني كغيرها من أزمات اللاجئين من جنسيات أخرى، نظمت "حركة مناهضة العنصرية"، مساء الخميس، لقاءاً مع لاجئين سودانيين من منظمة "أنقذوا اللاجئين السودانيين في لبنان" (أنجو)، ولاجئين مشاركين في الإعتصام المفتوح.

يعاني اللاجئون السودانيون، منذ إندلاع الحرب الأهلية في بلادهم في العام 2005، وإضطرار بعضهم إلى اللجوء إلى لبنان، من إهمال وتجاهل المفوضية لقضاياهم ومطالبهم. فبحسب ما جاء في حديثهم، فإنهم محرومون من أدنى حقوقهم بالتعليم والطبابة والعمل وحتى المسكن والمأكل، فجنسيتهم تخوّلهم العمل "كناطور أو عامل تنظيفات فقط، وإن كان اللاجئ حاصلاً على شهادة في الطب أو الهندسة"، وفق خالد، أحد المتحدّثين، "وأحياناً نعمل من دون أجر حتى، لكي نحصل على كفالة من صاحب العمل". ومع ذلك فإن ملفاتهم التي تخوّلهم الحصول على توطين في بلاد أوروبية وأجنبية أخرى تُترك مهملة في أدراج المفوضية. والسبب الرئيسي لإعتصامهم هو أن يعاد فتح ملفاتهم التي لم تبرّر المفوضية سبب إغلاقها أصلاً.

وتحدّث اللاجئون عن الإضطهاد الذي يتعرضون له في أشكال مختلفة، أقصاها تعسفية ترحيلهم قصراً إلى بلادهم من خلال تخديرهم، بحسب قولهم. وقد لفت إدريس، أحد المتحدثين، إلى تعاون بين الأمن العام اللبناني والمفوضية، وبين السفارة السودانية والأمن العام. وهذا ما يبدو غير مبرر، ذلك أن هؤلاء اللاجئين فرّوا من نظام بلادهم "الديكتاتوري والقمعي"، على حدّ تعبيره، فكيف يتمّ إعادة تسليمهم اليه من قبل الأمن العام اللبناني عبر سفارة هذا النظام؟

وقد سبق للاجئين السودانيين أن نفذوا إعتصاماً مفتوحاً في العام 2007 نجح في إنجاز ملفات 5 لاجئين سودانيين وتسفيرهم إلى البلاد التي تستقبل اللاجئين. وقد أشار خالد إلى أن 25 لاجئا سودانيا حصلوا على توطين نتيجة الإعتصام الحالي، غير أن المفوضية تقصّدت ألا تنجز ملفات الأفراد المنظمين للإعتصام الذين وصفتهم، بحسب خالد، بـ"رؤوس الحية"، لكونهم محركي الإعتصام. وقد توعّدت المفوضية هؤلاء بأن "تبقى ملفاتهم مغلقة إلى يوم القيامة، كذلك الأمر بالنسبة للمّ الشمل"، على ما قال المتحدثون.

كما أقدمت المفوضية على قمع المعتصمين من خلال منعهم من إستخدام المراحيض وشادر يحميهم من الأمطار، إلى أن إنتهى الأمر بتعدي أمنها على اللاجئات بالضرب، وفق اللاجئين. كما قام المعتصمون بتصوير فيديو يظهر عناصر من الدرك اللبناني وهم يهددون بإستخدام العنف مع النساء اللاجئات بسبب صراخهن وهن يرفعن مطالبهن، فيطلب أحد العسكريين من أمن المفوضية أن "يسكتهن للحيوانات"، ويلقي القبض على إحدى اللاجئات لعدم تلبيتها لأمره بالسكوت. غير أن هذا الفيديو جلب للاجئين، بحسب ما يذكرون، المزيد من المتاعب، إذ تضاعفت بسببه تهديدات المفوضية للاجئين السودانيين بعدم تحقيقها لمطالبهم.

وقد عبّر اللاجئون عن إستغرابهم  لقيام المفوضية بإغلاق ملفاتهم نهائياً، مشيرين إلى أنه لا يحق لها ذلك وفقاً للمواثيق الدولية، وهو أمر لا يحصل في كلّ دول العالم. بالإضافة إلى أن المفوضية لا تبرّر أسباب رفض توطين اللاجئين، كما أنها تتباطأ في إنجاز عملها، إذ تتركهم ينتظرون عاماً وعامين قبل الحصول على موعد لإجراء المقابلة. وتحدّثت نجوى (إحدى اللاجئات) عن تلاعب المفوضية باللاجئين، فـ"تعدنا تارةً بتوطيننا في لبنان، مع أن لبنان لم يوقّع على إتفاقية التوطين، ثمّ تعود وتقول لنا إن التوطين غير ممكن". كما أن للمفوضية "أساليبها الملتوية في قمع اللاجئين"، ومنها بحسب اللاجئ منصور "تجنيد بعض السودانيين من خلال تقديم المساعدات لهم مقابل أن يعطوها معلومات عنا". ومن "إجراءات المفوضية والأمن العام الظالمة إرسال المعتقلين منا إلى أماكن طرفية كسجن زحلة كي لا يدري بنا أحد"، وفق اللاجئين.

والحال أن المفوضية تعترف بهؤلاء السودانيين كلاجئين غير أنها لا تقدّم أياً من التقديمات المفترض باللاجئين الحصول عليها. مطالبهم إذاً محدّدة وواضحة، وهي وفق إدريس "الإعتراف بنا كلاجئين، التعاون بين المفوضية والأمن العام من أجل تسهيل أمورنا، ومن ثمّ تأتي المطالب الأخرى من تعليم وإعاشات". أما الدعم الذي يطلبه اللاجئون من الرأي العام اللبناني فهو "مساعدة المنظمات الحقوقية لنا، وتغطية الإعلام لقضيتنا، وتنظيم وقفة تضامنية معنا". وقد أكّد اللاجئون على عدم إلتفات وسائل الإعلام لهم "فيعدونا بالقدوم ويتناسون، ولا يأتون سوى عن طريق المنظمات المدنية، وقد ساعدنا مركز العمال المهاجرين ((MCC  بإحضار وسائل الإعلام للإضاءة على قضيتنا".

في المقابل، قال رامي شكر من الـ"MCC": "نحن نتابع قضية اللاجئين السودانيين منذ العام 2007 وقد كانت التغطية الإعلامية في هذه السنوات قريبة للصفر. فلم تمنحها الإهتمام الذي تتلقاه قضية اللاجئين السوريين، وذلك لكونها لا تحمل الثقل السياسي نفسه، كما يؤثر لون البشرة في تقديم قضية على أخرى".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها