الجمعة 2015/11/27

آخر تحديث: 15:46 (بيروت)

مليون دولار تأخذ التعليم في لبنان إلى اسكوتلندا

الجمعة 2015/11/27
increase حجم الخط decrease
"برنامج التطوير المدرسي" هو مشروع بقيمة مليون دولار، تعمل وزارة التربية والتعليم العالي على تطبيقه بالتعاون مع المجلس البريطاني، وهو مموّل من قبل البنك الدولي وسيطبق خلال العام 2016، كما ورد على الموقع الرسمي للمجلس. ليس هذا المشروع الأول من نوعه ولا الخطوة الأولى التي تخطوها وزارة التربية بالتعاون مع المنظمات الدولية باتجاه تحسين نوعية التعليم في لبنان. فهو جزء من مشروع "الإنماء التربوي الثاني"، وسبقته مجموعة مشاريع وتدريبات خضع لها المديرون والإداريون في المدراس، خصوصاً لناحية تنمية القدرات القيادية، كخطوات إعدادية لبدء تنفيذ هذا المشروع.


يتعاون المجلس البريطاني مع "الجامعة اللبنانية" و"الجامعة اللبنانية الأميركية" في تنفيذ هذا المشروع. وتمد الجامعتان المجلس والوزارة بالخبرات الضرورية، لتنفيذ خطّة عمل للمدارس الرسّمية الـ300 التي ستشارك في هذا المشروع. ويشكّل هؤلاء الخبراء أنفسهم، وهم خبراء محليين في مجال التربية والتعليم، لجنة بقيادة الأستاذ في جامعة "كارديف" البريطانية روبين أتفيلد للإشراف على تطبيق هذا البرنامج. وقد نظّمت وزارة التربية، الجمعة، لقاءاً تربوياً برعاية وزير التربية الياس بو صعب الذي مثّله مدير عام الوزارة فادي يرق، جمع رؤساء المناطق التربوية والإداريين في المدارس المشاركة في اللجنة، وعرض خلاله أتفيلد الخطوات التي سيمر بها هذا البرنامج.

يبدو البرنامج على مستوى عال من المعايير التربوية العالمية، ولعل ذلك ينعكس أولاً في اللجنة المميزة التي ستتوكّل الإشراف عليه. يحتوي هذا البرنامج على مفاهيم وممارسات جديدة على نظام التربية والتعليم في لبنان، اذ يطرح ثقافة التقويم الذاتي على إدارة المدارس اللبنانية حيث سيقوم كل مدير، كخطوة أولى بجمع البيانات الكمية والنوعية الضرورية من أجل تحديد مستوى المدرسة وفقاً للمعايير التي حدّدتها اللجنة وأبرزها: أداء التلميذ وتقدّمه، الرؤية المهمّة، القيادة، خطط التّنمية، موارد التعلّم، تطوير التلميذ وجودة التعليم والتعلّم. تلي خطوة التقويم خطوتان أخريان: إعداد خطّة لتحسين المدرسة بالتعاون مع اللجنة، وإجراء "مناقصة برنامج المنح المدرسية والموافقة على المنح"، كما ورد في العرض الذي قدّمه أتفيلد. وهذه المنح ستحدد قيمتها وزارة التربية وسيتم الإشراف من قبل اللجنة على استخدامها. واعتبر عدد من المديرين الخطوة الثالثة "خطوة مهمّة خصوصاً أنها تمنح المدرسة مساحة من الإستقلالية والقوّة".

وعبّر يرق عن إيمانه بأن التغيير الجدي لا يبدأ سوى من المدرسة نفسها وعلى يد الإداريين القائمين عليها، لذلك سلّط الضوء على أهمية هذا البرنامج، "خصوصاً في ظل ما يتيحه أمام المديرين لوضع الخطة الأنسب لتحسين مستوى التعليم في مدرستهم". أما الوزارة فعليها "تأمين الموارد". بدا كلام يرق واعداً وخصوصاً للمديرين الذين أعطيوا أهمية أساسية، في حديث يرق وأتفيلد، لقيادة المدرسة ورفع مستواها. لكن هذه الصورة تشوّشت حين أعطي المدراء مجالاً لمداخلاتهم وأسئلتهم. إذ عبّر بعض المديرين خلال حديثهم عن محدودية صلاحيات المدراء خصوصاً أمام القرارات الوزارية المتعلقة بالتوظيف والفصل والدوام المدرسي وغيرها من الأمور. كما ذكّر مدير مدرسة الدامور الرسمية توفيق المتني المدراء في حديث مع "المدن" أنه "تم العمل على مشروع تعديل صلاحيات المدراء لكنه في الدرج". تعليقاً على هذا الوضع، قالت إحدى أعضاء اللجنة المشرفة في حديث مع "المدن" إن "ما قاله المدراء صحيح، لكن ذلك لا يعني الإستسلام، فذلك سيؤدي إلى التراجع. التعطيل على هذا الصعيد يرتبط بكل الظروف الحاصلة في لبنان من غياب رئيس جمهورية وتعطل الحكومة وغيرها من الأمور، لكن بالتعاون مع وزارة التربية نضمن السماح للمدراء بتحقيق خططهم".

التلميذ هو مركز الإهتمام في العملية التعليمية التي يقترحها هذا البرنامج، ولا يكتفي البرنامج بالتركيز على التطور الأكاديمي للتلاميذ بل يتجاوز ذلك إلى التركيز على تطورهم الاجتماعي وراحتهم النفسية، إيماناً من البرنامج بأن ذلك يؤمن فرصاً أفضل للتلاميذ والبلاد، كما ورد في عرض أتفيلد. كما ركّز أتفيلد على اهتمام هذا البرنامج بشكل خاص بعملية تطور التلميذ عوضاً عن مستواه التعلمي، فبالنسبة لأتفيلد، عملية التعليم هي أبلغ في التعبير عن العمل الذي يبذله التربويون من المستوى التعلمي للتلميذ نفسه.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس البريطاني يطبق مشاريع مماثلة في بلدان عربية أخرى منها البحرين ومصر. وهذا البرنامج تحديداً مستوحى من النموذج التعليمي الاسكتلندي المطبق في المملكة المتحدة والذي "تمت ملاءمته مع الوضع المدرسي اللبناني"، كما قالت مديرة المجلس الثقافي البريطاني دونا ماكغاوين. ويتميّز النموذج التعليمي الاسكتلندي، وهو نموذج عالمي تبنّته دول متطوّرة عديدة منها استراليا وبولندا، باستخدام التقييم الذاتي كأداة أساسية في مختلف برامجه، وقابليته للتناغم مع مختلف الأنظمة التعليمية، والشمولية في مقاربته هذه العملية، وعمله على المستوى البعيد الأمد.

لكن السؤال عن إمكانية التطبيق الفعلي لهذا البرنامج، وعن تقارب المعايير التي أوردها أتفيلد في عرضه مع الواقع اللبناني لم يغب عن هذا اللقاء التربوي. من جهتها، بدت اللجنة متفائلة جداً لناحية نتائج هذا المشروع واستطاعت أن تنقل بعضاً من طاقتها الإيجابية إلى المدراء، الذين بدوا في البداية مترددين في البدء في تطبيق هذا المشروع، خصوصاً أنه، على ما قالت إحدى الحاضرات، "ما من وقت لتنفيذ هكذا مشاريع في ظل الواجبات المترتبة على المدراء والعراقيل التي تعترضهم خلال العام الدراسي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها