الأربعاء 2014/07/30

آخر تحديث: 14:34 (بيروت)

نازحات سوريات: العمل أفضل من انتظار سلة "المفوضية"

الأربعاء 2014/07/30
نازحات سوريات: العمل أفضل من انتظار سلة "المفوضية"
بعض النازحات السوريات يعمل في قطاف المحاصيل الزراعية بأجر يومي لا يتجاوز الخمسة دولارات (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

حال القلق والخوف التي تعيشها النساء السوريات النازحات في لبنان، فرضت عليهن عبئاً ثقيلاً، أوجب عليهن السعي نحو تدبير الأمور المعيشية لعائلات أصبحن هن المعيل الوحيد لها بعد فقدانهن الزوج والأب والأخ. وتحاولن العيش بكرامة في جرود لبنان الوعرة وفي ملاجئ وخيام غير آمنة، بعد أن عزّ عليهنّ أن يصبحن نازحات لا حول لهنّ ولا قوة ينتظرن معونة غذائية لا تغني من جوع.


ربما كان الأجدر بالأصوات التي تعالت مستنكرة حصول النازحين السوريين على فرص عمل يرون أنها من حق اللبنانيين، أن يمعنوا النظر أكثر في طبيعة هذه الأعمال، لعلّ ذلك يضع الأمور في نصابها الحقيقي. فلو أردنا البحث في طبيعة الأعمال التي يمارسها السوريون النازحون، ولا سيما النساء، لوجدنا أن أكثرها ممزوجة بالذل والقهر بعد أن وجد كثيرون من أصحاب المصالح، في النزوح، فرصة جيدة لتوفير مصاريفهم. كيف لا، وهم يدفعون بدلات إيجار للعمال السوريين أقل من تلك التي يدفعونها للبنانيين. لكن منعاً للوقوع في التعميم لا بد من الإشارة إلى أن هناك من يشغّل عمال سوريين لدواع إنسانية.


معاناة مستمرة


إضافة إلى معاناة النازحين جراء تأخر توزيع السلال الغذائية من جانب "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان"، شطبت هذه الأخيرة أسماء العديد من العائلات التي كان من المفترض أن تُقدم لها سلة غذائية كل شهر. وكان أكثر النازحين يقومون، عند حصولهم على مساعدات إضافية، ببيع السلة الغذائية لتأمين إيجار الأرض التي ينصبون عليها خيمهم. ذلك أن أكثر المخيمات هي أرض زراعية مستأجرة يقوم بدفع إيجارها النازح أو هيئات إغاثية وأهلية، أو "المفوضية". ويراوح بدل إيجار بضعة أمتار مربعة تتسع لخيمة واحدة، بين 50 و75 دولارا.

كل هذه الظروف دفعت العديد من النساء السوريات للبحث عن عمل، خاصة أنهن أدركن أنه لا أمل لديهنّ، على المدى المنظور، بالعودة إلى سوريا. وتشير النازحة هدى إلى أنّ العديد من اللبنانيين يأتون إلى المخيمات كل صباح لاصطحاب عدد من النازحات السوريات للعمل في قطاف المحاصيل الزراعية بأجر يومي لا يتجاوز الخمسة دولارات لقاء عشر ساعات عمل، علماً أن أجر الفرد في الأعمال الزراعية قبل الأحداث، كان 16 ألف ليرة لبنانية لكل 6 ساعات عمل.


محاولات


تشير إحصاءات لناشطين سوريين عاملين في الشأن الإغاثي، إلى وجود ما يزيد عن 80 الف أسرة سورية نازحة تعيش من دون معيل. ونسبة النساء العاملات في تلك الأسر لا تتجاوز الـ14 في المئة، وأكثرهنّ تعملن في أعمال تنظيف البيوت وأعمال زراعية، إضافة إلى البيع في المتاجر بأجور زهيدة.
وتندرج عمالة النساء السوريات في لبنان تحت نوعين من الأعمال، أولهما عمالة حرة وفق صيغة عمل شهري أو يومي، وثانيهما أعمال منظمة تقوم بها بعض الجمعيات من خلال إيجاد مشاريع تشغيلية للنازحات كمعامل الخياطة والصوف والمشاريع الزراعية. وتهدف هذه المشاريع إلى تحفيز النازحات على العمل وخلق نوع من التكافل الاجتماعي بينهنّ إذ تعود إرادات هذه المشاريع إليهنّ.


ففي البقاع، مثلاً، تقوم مجموعة "بسمة وزيتونة" بمشروع زراعي تبلغ مساحته 16 دونما، يؤمن فرص عمل لـ25 نازحة في الحد الأدنى، لقاء أجر يومي يبلغ 16 ألف ليرة لبنانية. ووفق جلال، الناشط في المجموعة، يتم اقتطاع 30% من ريع المشروع كتكاليف تشغيل ورأس مال، أما البقية فتوزع على المخيمات كمنتج زراعي.
وفي سياق تعليقه على الجدوى من هذه المشاريع حذر جلال من مشكلة اعتياد النازح السوري على واقعه، قائلاً: "نحن كسوريين نحتاج إلى مزيد من المشاريع التي تهدف إلى خلق ثقافة تعاونية بيننا، والخروج من ثقافة النزوح التي باتت تنتشر بيننا، ولاسيما بين الرجال الذين اعتادوا البطالة وانتظار السلة الغذائية والمساعدات من  المنظمات وفاعلي الخير".
أضاف: "نحن اليوم نسأل أين هو رأس المال السوري من إقامة مشاريع خدمية وصناعية في لبنان من شأنها خلق دورة مال نافعة للنازحين السوريين وللإقتصاد اللبناني على السواء".


وأخيرا لا بد من سؤال الجهات المعنية في لبنان كبلد مضيف، لماذا لا يتم الإفادة من عمالة النازحين وتنظيمها والوقوف في وجه محاولات استغلالها، بدلاً من ترك الموضوع على ما هو من منافسة وحساسيات بين العمال السوريين والعمال اللبنانيين، وقد صُور السوريون كأنهم مستعمرون يحاولون خطف أرزاق مواطني البلد الأصليين.

increase حجم الخط decrease