الأربعاء 2014/08/27

آخر تحديث: 14:30 (بيروت)

طلاب العلوم: اختبارات نظرية.. بلا معدات

الأربعاء 2014/08/27
طلاب العلوم: اختبارات نظرية.. بلا معدات
increase حجم الخط decrease
تبرهن تجربة طالب الكيمياء في "الجامعة الأميركية في بيروت" حسن حرب أن انجازات الطلاب اللبنانيين في المجال العلمي موجودة، وإن كانت تلقى قليلاً من الاهتمام. حرب، وهو طالب في السنة الاولى ماستر، كان قد عمل مع استاذه على بحث في مجال الكيمياء النظرية نُشرت نتائجه في قسم "الكيمياء اللاعضوية" من مجلة "المجتمع الكيميائي الأميريكي" العلمية.


"الأميركية في بيروت"
يُعتبر نشر هذا البحث انجازا بالنسبة لحرب خصوصا أنه لا يزال في سنته الأولى وهو لم يقدم أطروحة تخرجه بعد. يقول حرب: "يطمح كل طالب أو أستاذ إلى أن يكتشف شيئاً جديداً من خلال دراسته. لكن نادراً ما يحدث ذلك، فبعض الأشخاص يمضون أربع أو خمس سنوات من أجل الوصول إلى نتاج جديدة". وعلى كل طالب تقديم أطروحة بحث خلال سنتين مع أستاذ يختاره "وفقاً لشخصه أو لمجال دراسته"، وفق حرب. يضيف: "الإنسجام مع الأستاذ المشرف مهم جداً من أجل نجاح المشروع، ويحق للطلاب تغيير الأستاذ ولو كان في السنة الثانية من الدراسة".

يتوزع العمل بين الأستاذ والطالب، أو عدة طلاب. ولكن الجزء الأكبر من العمل ينفذه الطالب. فهو مَن سيُمتحن عند تقديم اطروحته من قبل لجنة تحكيم تضم أستاذه وإثنين آخرين من أساتذة الكلية.

يشير حرب إلى أن معظم الطلاب ينجحون في المرحلة المتعلقة بالأطروحة. إذ أن الأستاذ المشرف يواكبهم طوال السنتين. وحرب وحده من بين دفعته قد اختار المجال الحسابي. ويقول: "معظم الطلاب يتجهون نحو المختبرات، في حين أن عملي يعتمد على المكنات والكمبيوتر والبرامج الإلكترونية. وهو أمر يتحاشاه الطلاب لأنه الأصعب". وارتكز عمل حرب على إقامة تجارب "وهمية" من خلال الكمبيوتر، وهذه التقنية متوافرة في "الأميركية" فحسب. لكن حرب يشكو من "إهمال الجامعة لفروع العلوم مقارنة بغيره".

هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها حرب إنجاز مشروع علمي. لكن محاولته السابقة، حين كان في المرحلة الجامعية الأولى في "اللبنانية الاميركية"، لم تكن موفقة. اذ أنجز الشق النظري المتعلق "بانابيب النانو"، لكن عند انتقاله إلى مرحلة التطبيق لم تتوفر المعدات اللازمة. واضطر حرب في حينها الى تقديم الدراسة من دون دعمها بنتائج مخبرية.


"اللبنانية الأميركية"
تروي سارة بحر، طالبة علوم الحياة، تجربة مشابهة حدثت أثناء دراستها في "اللبنانية الأميركية". تمحور بحث بحر ومجموعتها حول طرق ايقاف تكاثر بكتيريا "الزائفة الزنجارية" من خلال المواد الطبيعية. "كالعادة، كان موضوع البحث من اختيار الاستاذ. أما مهمة الطلاب فتتمثل بجمع الداتا اللازمة لموضوع البحث والتجارب السابقة التي أقيمت من أجله وذلك لعدم تكرارها. ينتهي المشروع بكتابة الطلاب لأطروحة تعتبر مشروع تخرجهم".

لا يمثل الطالب أمام لجنة تحكيم، انما أمام أستاذه فحسب. وهو يقوم وحده بوضع تقييم للبحث. لا تنفي بحر أن العلاقة مع الأستاذ تؤثر على العلامة، "فإن كانت جيدة، يجتمع الأستاذ مع الطالب أكثر، ويقدم له نصائح تزيد من انتاجيته".

بعد الانتهاء من الجانب البحثي والنظري من المشروع، كان على مجموعة بحر الانتقال الى تطبيق التجربة. وبما أن التجربة جديدة، وضع الطلاب قائمة بالمعدات والمواد المطلوبة ورفعوها إلى الادارةـ التي طلبت منهم الانتظار مدة شهر. لكنهم انتظروا بدلاً من ذلك عدة فصول. وفي كل مرة كانوا يسألون عن سبب التأخير تأتي الإجابة: "تعرفون أن معداتكم تتطلب وقتاً". وتقول بحر إن مجموعتها كانت مؤلفة من ثلاثة أشخاص، تخرّج كل منهم في فصل مختلف بانتظار المواد التي لم تأت. تضيف: "كانت هذه التجربة مهمة في مجال الطب. وكانت لدينا طموحات وقدرات كثيرة لكننا لم نتمكن من التقدم، فتلاشى اهتمامنا بالتجربة التي بقيت نظرية بلا تطبيق".

"اللبنانية"
تضع "الجامعة اللبنانية" مختبراتها في خدمة طلابها واساتذتها كغيرها من الجامعات. يشير طالب الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية نبيل طباجة أن "الجامعة تحتوي عدة مختبرات للفروع والاختصاصات العلمية، ومنها مختبر المواد والتحفيز والبيئة والطرق التحليلية"، الذي كان يمضي معظم وقته فيه. تمحور عمل طباجة خلال فترة دراسة الماستر حول تقنيات ازالة الملوثات المستعصية من مياه الشرب. وهو موضوع وضعته الجامعة ضمن الخيارات المتاحة للطلاب فاختاره طباجة، الذي يلفت إلى أن "المواد اللازمة للبحث متوفرة كلها إذ لا تطرح الجامعة مواضيع بحثية لا تكون قادرة على تأمينها. كما أن الشراكة مع جامعات فرنسية تسهل تأمين المعدات والمواد اللازمة".

ولا تختلف كثيراً عملية تقديم المشروع في "اللبنانية" عن غيرها من الجامعات، وقليلاً ما يرسب الطلاب إذ يواكبهم الأساتذة خلال عملهم. كما أن المنتقلين الى مرحلة الدراسات العليا قلة ويتم اختيارهم من بين المتفوقين. "كما أن النجاح في هذه المرحلة ليس مما يطمح اليه الطالب الباحث، انما ما يعنيه هو الاعتراف به في الوسط العلمي"، وفق طباجة.

ويلفت طباجة إلى أن بعض طلاب الماستر ينشرون نتائج أبحاثهم في مجلات علمية. لكنه لم ينشر دراسته لانه لم ينه العمل فيها، ودراسة الدكتوراه الخاصة به هي استكمال لما بدأ به خلال هذه المرحلة.

تكمن فائدة المشاريع العلمية، وفق طباجة، "في تعزيز خبرة الطلاب في تقنيات التحليل والبحث والتشخيص". وهي مهارات يفتقد إليها طالب المرحلة الجامعية الأولى في "اللبنانية"، اذ لا يتطلب تخرجه أي مشاريع علمية أو أبحاث. وهذا ما يأسف له طالب الفيزياء الطبية الحيوية علي جفال. اذ أن عدم ذكر مشاركته في أي مشروع علمي،  في سيرته الذاتية، "يضعف فرص العمل المتاحة أمامي".

increase حجم الخط decrease