الأربعاء 2015/03/04

آخر تحديث: 18:05 (بيروت)

الزواج المدني: معركة مفتوحة ..تشمل المشنوق

الأربعاء 2015/03/04
الزواج المدني: معركة مفتوحة ..تشمل المشنوق
"الهيئة المدنية لحرية الإختيار" تعول على القضاء والمحامين لإعادة الحقوق الى أصحابها (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
ستة عقود مرت على إضراب نفذته نقابة المحامين لإقرار قانون مدني للاحوال الشخصية. إمتد الأضراب عام 1951 ثلاثة أشهر متتالية. في ذلك الوقت جاء هذا الحراك إثر صدور القانون الرامي الى توسيع صلاحيات المحاكم الدينية والروحية. اليوم تتبلور الحاجة الى قانون مدني للأحوال الشخصية أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن غياب هكذا قانون، جعل مصير مجموعة كبيرة من شاطبي القيد الطائفي معلقاً على إمكانية مستمرة لتعسف من قبل وزير الداخلية بإستخدام سلطته. اليوم، بات إستصدار المتزوجين مدنياً على الأراضي اللبناني وثائق زواجهم وولادة اطفالهم من دوائر النفوس في وزارة الداخلية، هو الأمر الأكثر الحاحاً.

مع تبلور هذه الحاجة، وبعد التظاهرة التي نظمتها "الهيئة المدنية لحرية الإختيار" الأحد المنصرم، أعلنت الأخيرة عن مسارات متعددة لإستكمال الضغط بإتجاه تحصيل حقوق المتزوجين مدنياً على الأراضي اللبنانية. أحد المسارين نقابي، قائم على التنسيق مع نقابة المحامين، لتستعيد بذلك دورها الرامي الى الحسم، والقادر عليه. والثاني قضائي من خلال دعاوى تطالب بحقوق المتزوجين مدنياً والقصاص ممن انتهك حقوقهم.

"الإتفاق مع نقابة المحامين يتمحور حول إزالة العرقلة أمام تسليم وثائق الزواج المدني"، يقول الباحث القانوني طلال الحسيني في حديث مع "المدن"، يشرح ضمنه توجهات الهيئة على هذا الصعيد. يحرص الحسيني على تفصيل الواقع قانونياً: "جميع الزيجات تم تسجيلها، وإعطاؤها تاريخاً صحيحاً ورقماً لمعاملة التسجيل، غير أن العرقلة تتم في نقل العقود الى سجلات النفوس وإصدار وثائق بالزيجات". والنقل الى سجلات النفوس هو ذو مفعول إعلاني وليس انشائياً، بمعنى أن عدم التسجيل لا يمس بصحة العقود (الصحيحة منذ توقيعها) بل فقط يحرم أصحابها من التصريح عنها.  

في السياق يتم العمل على رفع دعاوى قضائية "لا تطال الموظفين فقط بل أيضاً الوزير بوصفه مشاركاَ بالجرم" وفقاً للحسيني. بدا واضحاً في حديث الحسيني التمسك بالقضاء لوقف العرقلة والتعويض أو القصاص للمتضررين من قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق. والحال أن الأسباب القانونية للدعاوى متعددة، ومتشعبة. وهي تستند الى "انتهاك حقوق المواطنين، وعرقلة الحصول على وثائق". وتمتد العرقلة الى حياتهم اليومية، فبعضهم غير قادر على "العيش تحت سقف واحد في دول كالخليج، وهم في هذه الحالة لأنهم لا يحملون وثيقة الزواج الرسمية".

 كما تستند الى "التشهير بالمواطنين وتعريض حياتهم للخطر بإعتبار زواجهم غير شرعي ما يضعهم في مصاف الزناة". لهذه الناحية يجد الحسيني أن هؤلاء المواطنين "يواجهون خطراً فعلياً بسبب التصريحات المشككة بصحة وشرعية زواجهم، بالأخص في الوقت الراهن". يتساءل الحسيني عن صفة بعض رجال الدين للتدخل بمن شطب طائفته أصلاً، فالأخير "لم يعد تابعاً لسلطتهم بأي شكل". ويضيف في هذا الإطار، وبلهجة تحذيرية: "من الآن وصاعداً سنواجه كل رجل دين يعتدي على المواطنين امام القضاء، وسيتم اقتياده مخفوراً لو إستدعى الأمر".

من جهته يوضح عضو "الهيئة المدنية لحرية الإختيار" المحامي باسل عبدالله لـ"المدن"، أن الهيئة تحضر لإجتماعها المقبل الذي سيتمحور حول "تقييم التظاهرة وتحديد الخطوات المقبلة". وتعليقاً على تصريح المشنوق الذي استغرب بموجبه توجه المتظاهرين الى وزارة الداخلية وطالبهم بالتوجه الى مجلس النواب بعد الطلب الى 10 نواب التقدم بمشروع قانون مدني للاحوال الشخصية... يقول عبدالله إن "إقتراحات القوانين المتعلقة بهذه المسألة تتراكم في المجلس النيابي منذ أربعين عاماً، ولن ننتظر أربعين عاماً إضافية".

في هذا الإطار يذكر أنه تم التقدم بـ6 مشاريع وإقتراحات قوانين مدنية للأحوال الشخصية منذ السبعينات، غير أنها جميعها لقيت المصير نفسه بين الأدراج. أول هذه الإقتراحات "قانون الأحوال الشخصية الموحد"، المعد عام 1971 من قبل المحامي عبدالله لحود والنائب جوزيف مغيزل، والمقدم من قبل "الحزب الديمقراطي". بعد الإقتراح الأول بـ 6 سنوات، أي عام 1977، تقدم "الحزب القومي السوري الإجتماعي" بمشروع "قانون إختياري للأحوال الشخصية"، الذي طرح للمرة الأولى على صعيد التشريع، الزواج المدني الإختياري بدلاً من الموحد الإلزامي. عام 1981 وفي ظل الحرب الأهلية، اقترح الحزب العلماني الديمقراطي مشروع "قانون إختياري للأحوال الشخصية في لبنان"... الا أن الأخير لم يصل الى مجلس النواب حتى.

"قانون الأحوال الشخصية الإختياري" أو ما عرف بـ"قانون الهراوي"، هو المشروع الذي تقدم به رئيس الجمهورية الأسبق الياس الهراوي عام 1998 أمام مجلس الوزراء. صوت على هذا المشروع بعد مناقشته في المجلس 20 وزيراً بالتأييد. غير أن رئيس مجلس الوزراء وقتها، رفيق الحريري امتنع عن إحالته الى مجلس الوزراء بشكل تعسفي منافٍ لصلاحياته الدستورية. عام 1999 تقدم اللقاء الوطني، وهو تجمع لـ75 حزباً وجمعية من كل لبنان بمشروع لـ"قانون مدني للأحوال الشخصية"، تقدم به 10 نواب للمجلس عام 2002. ثم عاود اللقاء تقديم مشروع آخر عام 2009 لرئيس مجلس النواب نبيه بري.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها