الخميس 2014/07/10

آخر تحديث: 15:42 (بيروت)

"الأميركية" تعلم "الأجانب".. العربية

الخميس 2014/07/10
"الأميركية" تعلم "الأجانب".. العربية
ينقسم الطلاب إلى 8 مستويات تعليمية بالإضافة إلى صف خاص باللهجة العامية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
بالرغم من الحال الأمنية غير المستقرة، التي يعيشها لبنان، يكمل البرنامج الصيفي لتعليم اللغة العربية، الذي تنظمه "الجامعة الأميركية في بيروت"، نشاطه السنوي، إذ يحتضن حرم الجامعة طلاباً من مختلف الجنسيات جاؤا إلى لبنان ليتعلموا العربية ويتعرفوا إلى الثقافة العربية.


يهدف البرنامج، الذي يشرف عليه "مركز الدراسات العربية والشرق اوسطية" (CAMES)، "الى تطوير مهارات الكتابة والقراءة عند المشاركين، إضافة الى تمكينهم من التكلم والاستماع"، وفق الدكتورة عليا السعيدي المشرفة على البرنامج. تضيف السعيدي: "61 طالباً تسجلوا في البرنامج هذه السنة، وقد بدأت الدروس في 23 حزيران الفائت وتستمر 7 أسابيع، لغاية 8 من شهر آب".


البرنامج الذي انطلق في العام 2000 بثلاث مستويات تعليمية فحسب، وعدد طلاب يقارب العشرين، تطور في السنوات الأخيرة ليستقبل نحو 60 طالب سنوياً، يقسمون على ثماني مستويات لتعلم اللغة الفصحى. ويضاف الى هذه المستويات صف اللغة العامية الذي أدرج في العام الماضي.


ويمثل إدراج اللغة العامية، وفق السعيدي، "تطورا ملفتا في مسيرة البرنامج من خلال دمج تعليم العامية مع الفصحى، إذ أن معظم البرامج المشابهة الموجودة في الشرق الأوسط تكتفي بتعليم الفصحى وتترك العامية لبرنامج آخر". والمستويات الثماني، التي يسجل الطالب في إحداها بناء على اختبار لمستواه اللغوي، تشمل صفوفا للطلاب غير المطلعين على العربية كلياً وصولاً إلى المتكلمين بها.

أهم المعايير: التفوق


يعادل البرنامج 9 وحدات جامعية، أي ما يمثل فصلاً دراسياً صيفياً في جامعات الطلاب المشاركين. كما أن مدته القصيرة تفرض على الطلاب الجدية والالتزام. وتؤكد السعيدي أن الطلاب المقبولين للتعلم هم من المتفوقين في اختصاصاتهم، وذلك لقدرتهم على تحمل ضغط البرنامج الذي يسير على نحو تعليمي سريع، ما يفرض عليهم التقيد بالمواعيد".


ففي حين يمكن للبرنامج أن يستوعب نحو تسعين طالباً فإن الالتزام بمعايير التفوق للقبول يخفض عدد المسجلين. إضافة الى ذلك، تشير السعيدي إلى أن "الأولوية هي للطلاب الذين يحتاجون اللغة العربية في اختصاصاتهم كطلاب العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مع افساح المجال أمام الاختصاصات الأخرى كالهندسة، ولكن بوتيرة أقل".


"الكتاب"


يعتمد التدريس في صفوف البرنامج على تعليم قواعد اللغة العربية بالاستناد إلى الكتاب المستعمل "الكتاب". إضافة إلى ذلك تتحدث الدكتورة هبة الشندب، أستاذة المستوى الخامس، عن أهمية المفردات الجديدة الموجودة في النصوص ومدى تفاعل الطلاب معها، من خلال الاستماع الى نشرات الأخبار أو قراءة الصحف.

تضيف: "أحد أسباب نجاح البرنامج يعود إلى احتكاك الطلاب بالثقافة العربية من خلال زيارة المناطق اللبنانية والأسواق الشعبية، أو من خلال المناقشات التي تدور داخل الحصص". يضاف إلى ذلك سكن الطلاب في الحمرا ما يعرضهم أكثر للثقافة المحلية. ويظهر هذا الأمر جلياً من خلال الاستماع إليهم وهم يتحدثون عن مقاهي الحمرا وأسواق بيروت وتعامل الناس فيها معهم. هنا تبرز القيمة الفعلية للبرنامج، فأولى العبارات التي قالها روس، طالب اللغة العربية القادم من "جامعة تكساس"، لدى سؤاله عن رأيه في لبنان، "لبنان حلو، بحب الثقافة الممزوجة بالحمرا، مش مهم الدين".



العامية "تخفف" الفصحى


إذاً، اختلاف البرنامج عن برامج أخرى في المنطقة سببه الأول إدراجه العامية ضمن المقرر الدراسي. ففي حين أن طلاب صف العامية هم من متكلمي العربية الفصحى، "أتت العامية لتكسر جمود الحكي عندهم، فالفصحى وحدها لم تكن تكفيهم للامتزاج في المجتمع اللبناني، وتعلم اللهجة العامية ساهم في تغيير رأيهم باللغة العربية وأصبح بإمكانهم التعبير عن مشاعرهم بسهولة"، وفق هادي العريضي، أستاذ صف العامية.
يضيف العريضي: "هذه الدروس منحتهم فرصة العيش في لبنان، ونحن نطلب من الطالب اختيار اسم عربي له ليتمكن أكثر من الانسجام مع المجتمع في فترة البرنامج".

يختلف سبب الإلتحاق بالبرنامج بين الطلاب. فجمال مثلا، الذي اختار لنفسه هذا الاسم وهو معنى اسمه الاصلي بالفرنسية "Beau"، قرر تعلم اللغة العربية في بداية لأنه يعتبرها "مهارة اضافية على تخصصه في التاريخ والعلاقات الدولية"، في حين أن قراره بتعلم العامية جاء كنتيجة لحبه للبنان ووسيلة للتمكن من العيش والعمل هنا في المستقبل. وهو يراهن على قدرته على النجاح في ذلك اعتمادا على ثقته بالبرنامج وأساتذته "المميزين في عملهم وفي كيفية إيصالهم الأفكار والانتقال من فكرة الى أخرى بكل سلاسة".


أما نبيل (تايلور) ذو الأصول السورية، فاختياره لهذا الاسم لم يكن غريباً عليه، ذلك أن جدته كانت تناديه به. ونبيل، طالب الاقتصاد والشؤون الدولية في "جامعة جورج تاون" الأميركية يرى أن "البرنامج صعب والخمس ساعات اليومية متعبة"، لكنه ينوه بالرحلات الى الأسواق والأماكن الأثرية "لأنها تفيد في الامتزاج مع الواقع اللبناني".

تطوير البرنامج

عند الحديث عن مستقبل البرنامج ومدى قدرته على التطور، يبرز الوضع الأمني كعامل مؤثر في عدد الطلاب المنتسبين سنوياً. ولكن، وفق السعيدي، فإن "عدد الطلاب يبقى ثابتا بسبب وجود طلاب يقرأون الأخبار المتعلقة بلبنان أو الشرق الأوسط بطريقة تحليلية، ويعرفون عن المناطق اللبنانية ما يخولهم اتخاذ القرار بالقدوم بالرغم من تحذيرات حكوماتهم". إضافة الى ذلك فإن "المشرفين على البرنامج يسعون إلى التوسع بتعليم اللهجة العامية مستقبلاً، واعتمادها كصف للتعليم المكثف، ولكن كل ذلك يعتمد على قدرة الجامعة في توفير الصفوف "الذكية" المجهزة والتي يحتاجها البرنامج، وخصوصا لجهة تزامنه مع فصل التدريس الصيفي في الجامعة. وهناك طموح بتحويل البرنامج ليصبح فصلا دراسيا كاملا".

increase حجم الخط decrease