الأحد 2015/03/08

آخر تحديث: 15:14 (بيروت)

"نضال اللواتي والذين": تشرذم وصراع

الأحد 2015/03/08
"نضال اللواتي والذين": تشرذم وصراع
لا إعتراف أصلاً بامتلاك الأنثى لجنسانية (getty)
increase حجم الخط decrease
نظمت جمعية "موزاييك"، الخميس الماضي، نقاشاً بعنوان "نضال اللواتي والذين"، في مقر الجمعية في بدارو، بهدف إلقاء الضوء على نضال المثليين والمثليات والأسباب التي تمنع "النضالات" من الاجتماع في طريق واحدة. وقد اتسم النقاش بالصراحة والوضوح في ما يخص أسباب تشرذم النضال في لبنان، وحاول الإجابة عن أسئلة مثل: متى بدأت هذه الحركات تفترق وتتصادم؟ وما هي الأسباب الرئيسية التي جعلت هذا النضال منفصلاً؟ هل يرى الناشطون والناشطات انه من الضروري ان يتوحد هذا النضال؟ وقد حضر النقاش ناشطون وناشطات من جمعيات عديدة.



صراع الأقطاب
افتتح رئيس الجمعية شربل ميدع الحوار بالحديث عن "شرخ في النضال بين الأقطاب كافة، من مثليين ومثليات وثنائيي ومتحولي ومتحولات الجنس (م.م.م.م)، حيث يعتبر كل قطب أن الآخر لا يتفهم حاجاته ومطالبه". ولفهم أسباب هذا الموقف المتبادل، عاد ميدع بالزمن إلى العام 2004 حين بدأ النضال لقضية الـ"م.م.م.م" في لبنان، والذي تمثل بـ"جمعية حلم"، التي كان ميدع عضواً فيها. كان أغلب الأعضاء من الذكور، فـ"أرادت النساء الانفصال، وأسسن جمعية ميم، ولم نفهم السبب حينها".

ميدع، الذي قام بالجزء الأكبر من النقد الذاتي، يفهم السبب اليوم، ويقر بأنهم كانوا في حينها "ذكوريين من دون أن نعي ذلك، فنحن نعيش في مجتمع بطريركي وقد نقوم بتصرفات تشبه هذا المجتمع من دون أن ننتبه أو تنتبه النساء الى ذلك. لكن هذا ما يخلق صراعاً قد لا نفهم مصدره". وهو يعتبر اليوم أن الإناث كن محقات في إدعائهن أن حاجاتهن لم تكن تُؤخذ في الإعتبار، وفي خيارهن في تأسيس حركة خاصة بهنّ "لأن النساء، في العالم العربي خصوصاً، لهن خصوصية". ويضيف: "لم أكن حينها أعرف ماذا تعني كلمة نسوية".

انعكس مذاك هذا الشرخ في العمل على الأرض. فكان النضال الحقوقي يركز على إلغاء المادة 534 من قانون العقوبات التي تجرم العلاقات "المخالفة للطبيعة"، متجاهلاً مواداً أخرى لها علاقة بالدعارة كانت الناشطات تطالبن بالإلتفات إليها.

وعلقت ناشطة في المجتمع المدني أن "الخلاف الحقيقي هو خلاف في وجهات النظر بين الناشطين والناشطات انطلاقاً من اختلاف في الحاجات مما يؤدي إلى طغيان فئة على أخرى. ويؤجج هذا الإختلاف كون النظرة المجتمعية للمثلي تختلف عن النظرة للمثلية، لأن مثلية الذكور تعتبر خيانة أكبر للذكورية، أما الأنثى فلا إعتراف أصلاً بإمتلاكها لجنسانية".

ورأت ناشطة أخرى أن الأمر له علاقة بالناشطين على الصعيدين الفردي والنفسي فـ"بعضهم غير مرتاح مع نفسه فيقوم بإسقاط هذا الصراع الداخلي على عمله". والأحقاد الشخصية موجودة داخل الجمعيات أيضاً، بحسب إعتراف الموجودين.


تحت رحمة الممول
لهذا الصراع جانب آخر له علاقة بالمنافسة بين الجمعيات على التمويل. وفي هذا الخصوص يقول ميدع "عملت في جمعيات كثيرة، وهذا التوتر موجود بينها بسبب السباق للوصول إلى الممول، وقد وصل الحال بالعديد من الجمعيات إلى رفع دعاوى على بعضهما البعض، لكن ما زالت جمعيات الـم.م.م.م أفضل حالاً". وترى إحدى الحاضرات أن "هذا النضال لا يمكن فصله عن إطاره السياسي الأوسع، فإذا توقف الأمل، أي التمويل، يتوقف العمل". فالتوعية على التحرش الجنسي توقفت مثلاً لإنقطاع التمويل.

من هنا، لا تتعاون الجمعيات إلا "في الأزمات"، على حد تعبير ميدع. وأحياناً حتى الأزمات لا تقدر على جمعها فـ"إذا نزلت حركة إلى الشارع، لا تنزل الأخرى. يقومون بنفس الأعمال كل على حدة". هذا بالإضافة إلى المشاكل الشخصية بين رؤساء الجمعيات، فحراك المثليين كان يديره شخص على خلاف مع من يرأس حراك المثليات، مما أثر على النضال بأسره. وأضاف ميدع أنه "في الـ2010 كان رئيسا جمعيتي حلم وميم يحبان بعضهما فتعاونا، ما يدل على أن الصراع شخصي بحت".

يضاف إلى ذلك عدم تبني المجتمع المدني عامةً لهذه القضية. فوفق ميدع "الجمعيات المدنية لا تشاركنا نشاطاتنا في معظم الأحيان كونها من غير إختصاصها بحسب إدعاء القيمين عليها. لكن أول ما نتعلمه في النضال هو أن الحقوق الإنسانية لا تتجزأ". هذه المعادلة تسير في الإتجاهين إذ تقصي جمعيات المثليين نفسها عن نضالات أخرى أيضاً.


تهميش متحولي الجنس
في موازين القوى الخاصة بنضال الـ"م.م.م.م"، يحاول الرجال الهيمنة على النساء فـ"هم يأخذون كل المساحة أينما حلوا"، حسب قول ميدع. الا أن الفئة الأكثر تهميشاً هي متحولي/ات الجنس، فهم وفق ميدع "مقموعون حتى من قبل المجتمع المدني، وغالباً ما نعتبرهم غير صالحين للمشاركة في النشاط الحقوقي". وقد وصل الأمر الى حد إعتبارهم "مرضى نفسيين، مع أنهم أبرز قادة الحركة المثلية العالمية".

لم يتوصل الحوار إلى حلول للمشكلة التي أقر الحاضرون بوجودها وذلك لعدم حضور الجمعيات الأخرى التي تُعنى بهذه القضية، بالرغم من أنها دُعيت. لكنهم إتفقوا على أهمية إتحاد المثليين والمثليات على الأقل من أجل كسر "ذكوريتهم". لكن في النهاية كانت الخلاصة أن الشخصي يتحول إلى لاشخصي بإنتظار شيك المُمول.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها