الإثنين 2014/07/28

آخر تحديث: 12:25 (بيروت)

كان عيدنا في زيارة بيروت

الإثنين 2014/07/28
كان عيدنا في زيارة بيروت
العيد في صيدا (أرشيف: عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

لو سُئلت عن العيد قبل خمس سنوات، لكان جوابي وطريقة رصفي للكلمات مختلفين. إنه العيد. أحاول أن أتذكر مشاعر طفل في السابعة من عمره وهو ينتظر الليل ليمضي سريعاً. ينظر إلى النجوم كأنه يرجوها الذهاب كي تستيقظ عيناه مبتسمة. في صغري كان العيد عندي هو زيارة بيروت، لمعايدة أقاربنا فيها. لكن الأهم كان أن أخطو في شوارع بيروت. كنت متعطشا الى ضجيجها، وكانت هي رواية عشق ممنوعة إلا في العيد.

 

تغيرت الأحوال عندما كبرت. لم تعد ثياب العيد أو المفرقعات هما ما يشغلان بالي فحسب، وهو ما بدا متوافقاً مع عمري. لكن العيد كله تغير. لم أعد أرى "أطفالا" كما قبلاً. كل شيء أصبح شبه عسكري بعد حرب تموز العام 2006. تحول اهتمام الأطفال إلى شراء البنادق البلاستيكية، كأننا أمام طفولة تلهو في حرب دائمة.


في بلد الطوائف المتعددة، لا يمكن للعيد إلا أن يكون جامعاً، بشكل مباشر أو غير مباشر. هي فرحة معنوية ودينية لصاحب العيد، لكنّها مادية أكثر لغيره. أصحاب المحال التجارية هم الأكثر توحدا في الأعياد. "كل ميلة عندو شريك"، كما وصفهم زياد الرحباني، فلا يهمهم أي طائفة هي المعنية.


بيروت هي الأجمل دائماً في العيد. شوارعها التي لا تعترف بالحزن، تخفي ضحكتها ولكنها تعود كل مرة. تحتضن ناسها، وتحتضن فرحتهم والأطفال. تمشي في شارع الحمرا لتجد أن المشهد هو نفسه في كل الأعياد، مسيحية  وإسلامية. المتاجر نفسها. والكبار والأولاد يفرحون معاً في الأزقة والحارات نفسها. بيروت كل عام تستعيد القليل من بريقها المخفي منذ سنوات مديدة. وفي كل عام ننتظر نهار العيد لنرى ملامح بيروت كما نريدها.

 

كغيره من الأعياد، يختصر عيد الفطر إزدواجية الفرح التقليدية. فهو للصائم راحة بعد تعب شهر، استراحة محارب خاض معركة مع الإرادة. وفي المفهوم الديني هي فرحة اتمام الواجب، وشكر لله، يعبر عنهما بصلاة العيد. أما لغير الصائم فهي بهجة العودة الى الحياة "الطبيعية" من جديد.


لم يتغير العيد كثيرا في القرى. تركت ضيعتي منذ خمس سنوات ولكني ما زلت أرى يوم العيد سلام الجميع على الجميع، ومباركة أشبه بتنهيدة سعيدة مشتركة. وما تزال المدافن تعج بالأحباب، فذكر الحبيب في أوقات الفرح حب من نوع آخر. "ترويقة" صباح العيد ما زالت تقليدا لا بد منه.

لكن وبالرغم من تشابه أحداثه في كل سنة إلا أن العيد يحيي مشاعر غابت لعام كام، كرؤية الشمس تلمع في فنجان قهوة بيد حبيب أو قريب. لم أكن صائماً، وهو قراري، لكن ما لا إرادة لي فيه هو أن تفرح عيناي برؤية العيد. مثلي مثل الكثيرين.

increase حجم الخط decrease