الأحد 2015/01/25

آخر تحديث: 11:51 (بيروت)

الإنتقال إلى الحيز العام في صيدا

الأحد 2015/01/25
الإنتقال إلى الحيز العام في صيدا
الولاء للسّلطة السّياسيّة أو غيرها من المؤسسات في صيدا لا يكفي وحده ليتمكّن شخص من البروز في الحيّز العام (Getty)
increase حجم الخط decrease
يبدو طبيعياً، في ظل التّركيبة الاجتماعية اللبنانية، أن يرتبط نجاح الأشخاص وانتقالهم من حيز خاص إلى الحيّز العام، وتحصيلهم شهرة ما، بدعم إحدى المؤسسات الاجتماعيّة لهم. 


وهذا ما يمكن ملاحظته، تحديداً، في مدينة صيدا، اذ يمكننا اختصار المؤسسات الاجتماعيّة النافذة بثلاث فئات. وتأتي السلطة السياسيّة كأول مؤسسة قادرة على إتاحة الفرص أمام أي شخص للبروز داخل المدينة وأحياناً خارجها. ولا تقل المجموعات الدينيّة أهميّةً في صيدا، على الرّغم من تراجع نفوذها، إلا أنها ما زالت تنافس المؤسسات السياسيّة في مسألة فرض النّفوذ. كما تمتلك العائلات الصيداويّة التاريخية وخصوصاً تلك التي تسيّر المال والأعمال في المدينة سلطة في ابراز أشخاص معينين، إلا أن هذه العائلات وعلى الرّغم من نفوذها لم تتمكّن، في أدوارها، من الإنفصال عن السلطة السياسيّة حتّى اليوم. من هنا، يبدو مفهوماً أنه ليس ضرورياً أن تكون الكفاءة أو الإستحقاق أو الموهبة شرطاً لإبراز شخص دون آخر، بل يكفي أن ينتمي الواحد إلى إحدى هذه المؤسسات أو جميعها ليبرز كنجم أو قائد أو فنان.

وتجدر الإشارة إلى أن الولاء للسّلطة السّياسيّة أو غيرها من المؤسسات في صيدا لا يكفي وحده ليتمكّن شخص من التميّز عن الآخرين والبروز في الحيّز العام، ويعود ذلك ربّما إلى كثرة الموالين لها، وقلة المتمايزين عنها. بالمقابل، وبناءاً على نماذج موجودة، يجب أن يجمع الشّخص لتأمين بروزه بين الإنتماء إلى عائلة عريقة والنفوذ المادي وكذلك المباركة السّياسيّة. وفي معظم الأحيان، يزيد شغل أحد أفراد العائلة لمنصب أو سلطة من فرص الظهور العام للشّخص. وهذا مفهوم إذ يثبت أن محاولة الفصل بين المؤسسات الاجتماعيّة، في وظائفها ومكانتها ونفوذها، يقتصر على فصل نظري. أما في الواقع، فتتفاعل هذه المؤسسات في ما بينها وتتداخل حتى تكاد لا تنفصل، مثل أن يكون جميع الأثرياء منتمين إلى الحزب السياسي المهيمن أو أن تكون المجموعة الدينيّة مبنيّة على ولاء لحزب سياسي معيّن.

ولكن يبدو أن ثبات العلاقات في صيدا ضمن الإطار التقليدي- أي اقتصار التفاعل الاجتماعي في الحياة اليومية للأفراد على العائلتين النواة، وامتداداتهما، وتحديد الإنتماءات السياسيّة بخيارات محدّدة مسبقاً، عوضاً عن تعزيز فكرة الإنتماء إلى مؤسسات المجتمع المدني والتحركات الشبابيّة- هو السّبب الأول في ترسيخ نفوذ المؤسسات السياسيّة والدينية والعائليّة وانحسار نفوذ الجماعات المدنية وقدرتها على انتاج نخب مختلفة، شبابية أو غير ذلك، تركز في أقل تقدير على ثقافة الفرد وموهبته.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها