الخميس 2014/10/30

آخر تحديث: 16:41 (بيروت)

مصنع "مخالف" في الكورة: "الواسطة" أهم من صحة الناس

الخميس 2014/10/30
مصنع "مخالف" في الكورة: "الواسطة" أهم من صحة الناس
وافق وزير الصناعة السابق فريج صابونجيان على بناء المعمل بعد وساطات لصاحبه مع وزراء ونواب في "التيار الوطني الحر"
increase حجم الخط decrease

يوماً بعد يوم يزداد غضب أهالي بلدة بزيزا الكورانية، جرّاء إستمرار معمل الجفت الكائن قرب أحد أحراج الزيتون داخل البلدة، بمتابعة نشاطه بصورة عادية، في وقت لا يأبه صاحبه، للإنبعاثات السامة والروائح الكريهة التي تدخل البيوت، وتمتد إلى العديد من القرى المجاورة، جراء ذلك.

150 متراً فقط يبعد معمل عصر الزيتون وإستخراج الزيت المتبقي من جفته، عن المنازل في بلدة بزيزا. يستفيق السكان بشكل شبه يومي على سحابة دخان سوداء تغطي المنطقة. يتنشقون روائح كريهة وسامة، تنذر بإحتمال إصابتهم بأمراض خطيرة بعدما ثبت إستخدام المعمل لغاز الـ"إكزان"، بحسب الأب شارل قصاص. فبالإضافة إلى تسبب تنشق "الإكزان" بضرب الجهاز العصبي، وبأمراض سرطانية خطيرة، تتحلل إنبعاثات هذا الغاز مع هطول الأمطار، وتتشربها الأرض مما يهدد كروم الزيتون الكثيرة في المنطقة. ويوضح قصاص في إتصال مع "المدن" أن "عدداً كبيراً من الفاعليات الدينية والمدنية في الكورة دخلت على خط الوساطة بين أهالي بزيزا وصاحب المعمل، لكنهم لم ينجحوا". وحذر "سياسيي المنطقة من العمل على تغطية أفعاله أو التستر عليه على حساب مصلحة الأهالي، لأن حياتهم وسلامتهم فوق كل إعتبار. ولا حل بالنسبة لنا سوى نقل المعمل إلى خارج البلدة".

الوصول إلى معمل الجفت، الذي بدأ أعماله التجريبية قبل أشهر، ليس سهلاً، إذ يضطر المرء إلى المرور بطرق فرعية وعرة، شقها القيمون عليه. يسألك عامل في المعمل عن سبب قدومك "لأن سلوك هذا الطريق مسموح فقط لأصحاب الشأن"، ويمتنع عن الإجابة عن الأسئلة، كما لا يسمح بالتقاط الصور، مؤكداً أن "هذه هي تعليمات الريّس". ويعتبر صاحب المعمل أن "لا علاقة للصحافة بهذا الملف"، ويشير إلى أنّ "المعمل أنشىء وفق دراسة تقييمية للأثر البيئي وهو مستوف للشروط المطلوبة. ولا علاقة لي بما يدعيه الأهالي".

بينما يروي أحد الناشطين في بزيزا كيف حصل صاحب المعمل على رخصته. يقول: "الخلاف بين أبناء البلدة وصاحب المعمل ليس وليد اللحظة، فقد بدأ منذ أن عمد الأخير إلى مخالفة قرار المجلس البلدي بمنع انشاء المعمل، بوساطة سياسية". ويكشف "أن صاحب المعمل ورئيس البلدية قبلان عويط كانا صديقين مقربين، وسبق لعويط أن أعطاه رخصة بناء معمل لعصر الزيتون. إلا أنه لم يوافق في العام 2008 على طلبه ببناء معمل للجفت. لكن وزير الصناعة آنذاك، فريج صابونجيان وافق على بنائه بعد وساطات قام بها صاحبه مع وزراء ونواب في التيار الوطني الحر". وعليه، رُفعت دعوى ضد العويط اتهم فيها "بالتفرد بقراره من دون العودة الى المجلس البلدي"، علماً بأن خمسة أعضاء من أصل تسعة وقعوا قرار الرفض مع الرئيس. وهذا ما دفع العويط الى الدفاع عن نفسه بتقديم الاثباتات التي لديه. لكنه بالرغم من ذلك خسر الدعوى. "بعدها عاد صاحب المعمل وتقدم بطلب الترخيص من المجلس البلدي الذي رفض طلبه بالإجماع مع غياب صوت واحد. إلا أنه تمكن من الحصول على الرخصة بناء لحكم قضائي صدر لمصلحته في العام 2011"، وفق الناشط.

ويشير الناشط إلى أن لقضاء الكورة تجارب سابقة مماثلة، فقد "أُقفل في عهود سابقة معمل للجفت في بلدة دار عشتار بعد اعتراض الأهالي، نتيجة الإنبعاثات السامة والروائح الكريهة التي صدرت عنه. كذلك قام أهالي أميون بالاعتراض على وجود معمل لتصنيع الإطارات، ما أدى إلى إقفاله أيضاً". ويختصر الأزمة بأن "أهالي الكورة مجتمعين يخوضون معركة المحافظة على الوجه السياحي والتراثي لبلداتهم، في وجه من يريد تحويلها إلى منطقة صناعية". والحال أن معظم الأهالي يهددون بتصعيد تحركاتهم ضد صاحب المعمل، حتى لو إضطروا إلى إقتحامه. وقال أحدهم "ابنتي تعاني من مرض الربو. عندما كان الهواء نظيفاً كدنا نموت من قلقنا عليها، فكيف سيكون وضعنا إن استمر العمل في معمل الجفت على حاله؟".
أما عويط فيأمل أن "نصل إلى نهاية سعيدة لهذا الملف تعيد للبلدة صفو عيشها".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها