الإثنين 2014/08/25

آخر تحديث: 14:49 (بيروت)

مشروع فؤاد بطرس: السكان لن يسمحوا بتغيير الأشرفية

الإثنين 2014/08/25
مشروع فؤاد بطرس: السكان لن يسمحوا بتغيير الأشرفية
سيؤدي المشروع الى تدمير 28 مبنى تراثيا بالإضافة الى تغيير كامل في البنية العمرانية للأشرفية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease


خمسون عاماً ودوريس طوبجي تحاول منع تنفيذ طريق فؤاد بطرس، الذي سيدمر في حال إتمامه المبنى الذي ولدت وعاشت فيه والذي بناه جدّها الدكتور حبيب طوبجي العام 1898. وسيؤدي المشروع الى تدمير 28 مبنى تراثيا بالإضافة الى تغيير كامل في البنية العمرانية للأشرفية التي ستقسم إلى قسمين. ويقع مبنى دوريس في شارع أرمينيا القريب من المرفأ ومحطة نقل الترامواي سابقا، واللذين "هما السبب وراء إصدار أول مشروع للطريق في العام 1954 لتسهيل النقل مباشرة من المرفأ إلى طريق الشام، ومن محطة الترامواي التي توقفت بشكل كامل عام 1964"، وفقها. ومنذ وفاة والدها حملت دوريس الملف القديم الذي تركه، تتنقل به، في أوقات السلم خلال الحرب الأهلية، بين من تظن أن لهم سلطة لإلغاء المشروع. بقيت تحارب وحيدة إلى أن التقت في العام 2012 مع رجا نجيم، المنسق العام للحملة الرافضة للمشروع، والذي أقرّ في السنة ذاتها بنسخته الثالثة بعد عامي 1954 و1964، حيث قام نجيم بتوحيد صفوف كل المعترضين على المشروع من أهالي وجمعيات مدنية وبيئية واختصاصيين.

توالى على العيش في مبنى دوريس التراثي، المؤلف من أربع طبقات، ثلاثة أجيال، الجد وأبناؤه والأحفاد. تقول دوريس: "بيي اتجوز هون وستي اتوفت هون بالطابق الفوقاني سنة 1964. عمومتي كلهم عاشوا وماتوا هون". وبهذا تختصر دوريس حياة عائلتها في هذا المبنى، وترى أنّ مسار حياتها سيتشتت في حال تنفيذ المشروع. وتستدرك دوريس أن "المشروع أقر في العام 1964 ودفعت الدولة 75 في المئة من سعر المبنى. أما الـ25 بالمئة البقية فأجلت حتى التنفيذ". وهذا كله قبل اندلاع الحرب التي أنهت كل شيء. "كأن البيوت لم تعد لنا، وكأن حياتنا داخلها ستنتهي قريباً. جئنا بمصور ليأخذ صورا تذكارية لنا مع المبنى وفي الغرف والحديقة. عشنا سنوات من دون أن نغير، أو نجدد، أشياءاً مهمّة داخله. كنا نظن انه سيهدم في أي لحظة". تضيف: "مضت عشرات السنوات ولم يُنفذ المشروع. وصرنا نرى المبنى أحلى في نظرنا ونظر الغرباء والأجانب وطلاب العمارة الجامعيين الذين يتوافدون سنوياً للتفرج عليه وعلى المبنيين القريبين منه، وقد بناهما الدكتور طوبجي أيضاً أواخر القرن التاسع عشر وفي بدايات القرن العشرين".

وفي حال اقرار المشروع سيمتد الطريق من مار متر (منطقة سبينيس) وصولاً إلى شركة الكهرباء، مروراً بالمنطقة الملاصقة لمدرسة الحكمة ونزولاً أخيراً إلى مار مخايل. وهو يهدف إلى ربط داخل المدينة بالطريق السريع لحل أزمة السير الخانقة عند مستديرة الحكمة. وستتضرر كل المنطقة التي سيمر فيها الجسر، وهي منطقة سكنية. ومن هذه الأحياء الحي الملاصق لمدرسة الحكمة. وتقول ريما أبو عبدو، التي هُجّرت من قريتها الشوفية خلال الحرب، لتسكن في مبنى مواجه للمدرسة، بإذن من حزب الكتائب يومها: "وجدنا مهجرين من مناطق أخرى كانوا قد سبقونا الى شقق المبنى الأخرى. عشنا هنا، بعد أن هُجّرنا ولم يعد لنا مكان نسكن فيه. منذ ثلاثة أشهر، وبسبب التحرك الذي حصل في آذار الماضي، علمنا بأن المبنى قد يدمّر في حال نفذ الجسر". تضيف ريما: "يريدوننا الآن أن نترك المكان الذي ربّينا أولادنا وعشنا فيه لأربعين عاماً. وهو من أقدم المباني في المنطقة، وهو كذلك ربما، لأنه ملك للدولة ولا جهة خاصة يمكن أن تتصرف به". ويتخوف سكان الحي قرب "الحكمة" من أنهم، في حال مرور الجسر، سيضطرون إلى إخلاء بيوتهم بسبب التلوث البيئي والسمعي والبصري. وبحسبهم فإن "هذا المشروع سيغير البيئة العمرانية للمنطقة، بحيث تستقطب سيارات جديدة إلى المنطقة". بينما المطلوب، بحسبهم، "إخراج السيارات من المناطق السكنية وليس إدخالها من جديد".

ويقول الناشط رجا نجيم، منسق "الائتلاف المدني الرافض لمشروع الحكمة-الترك"، إن "إعادة إحياء المشروع الآن بعد انقضاء خمسين عاماً على اقراره هو دليل على جهل مطلق من جانب البلدية ومجلس الإنماء والاعمار اللذين لا يأبهان بالمعايير البيئية والديموغرافية للمنطقة ويحسبان أن أحداً لن يدافع عن تغير معالم الأشرفية". ويوضح نجيم أن "مجلس الانماء والاعمار" قد رصد 33 مليون دولار لتعويضات الاستملاك، "بينما التقدير الحقيقي للمبلغ يصل إلى 110 مليون دولار وقد احتسبت هذه التعويضات مبلغ الربع المجاني الذي احتسبه المجلس بالرغم من أن الطريق هو جسر ولن يستفيد صاحب الأرض منه، ولهذا يجب دفع التعويضات كاملة".

ويضيف نجيم: "تجاهل المجلس دفع مبلغ الربع المجاني هو دليل على عدم احترام مخططي المشروع للمواطنين ظناً منهم بإمكان أخذ أملاك أصحاب الحق بلا أي رقيب". وهو يلفت إلى أن "القسم الأكبر من مشاريع المواصلات التي نفّذت في السنوات الماضية اتضح لاحقاً انها تمّت بلا دراسات جديّة. ولو لم نتابع اقرار مشروع الحكمة- الترك لكنا وصلنا الى نتيجة كارثية". وعن "الائتلاف المدني" يقول نجيم إن "أهميته تكمن بضمّه لعدد كبير من المتخصصين في مجالات الهندسة والبنى التحتية، بالإضافة إلى حقوقيين وأهالي الأشرفية والمتضررين من المشروع. نقف جميعنا يداً واحدة لإلغاء المشروع والعمل على تنفيذ مشروع بديل يشتمل على منتزه باسم فؤاد بطرس، ونفق كامل على طول "شارل مالك"، مع تحسين مرور شارعيّ "مار ديميتريوس - الفرد نقاش" و"شارل مالك"، إضافة إلى شبك جادة "اميل لحود"، في الإتجاهين، بالطرق الرئيسيّة الأخرى في منطقة الأشرفية، وتطبيق مبدأ النقل المشترك، في بيروت والضواحي".


* ويدعو "الإئتلاف المدني الرافض لطريق محور "الحكمة– الترك" (شارع "فؤاد بطرس")" الى لقاء أهلي ومؤتمر صحافي، بمشاركة مجموعة من الاختصاصيين، غداً الثلثاء في 26 آب، من الساعة 11 صباحاً إلى الواحدة ظهراً، في حديقة بيت طوبجي، في شارع أرمينيا.

increase حجم الخط decrease