الخميس 2014/11/20

آخر تحديث: 16:56 (بيروت)

أدب الأطفال.. قصص التسلية

الخميس 2014/11/20
أدب الأطفال.. قصص التسلية
أعداد قصص الأطفال في تزايد مستمر إلا أنها "زيادة كمية وليست نوعية" (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease
الاعتقاد بغياب دوريات أو قصص موجهة للأطفال، بسبب قلة تداولها، ليس صائباً كثيراً. مع ذلك يبدو غياب مجلة "أحمد" مؤثراً، من ناحية رمزية على الأقل، وذلك على الرغم من أن "دار الحدائق"، ناشرتها، "لم تأخذ بعد قراراً نهائياً بإيقافها أو الاستمرار بها حتى الآن"، على ما قال أحد مسؤولي الدار لـ"المدن". في كل الأحوال فان أعداد هذه القصص في تزايد مستمر إلا أنها "زيادة كمية وليست نوعية، والتطوّر الذي نشهده في هذا المجال أفقي وليس عمودياً"، وفق رانيا زغير، وهي من كتاب القصص المصوّرة ومديرة "دار الخياط الصغير للنشر"



التسلية أولاً
تتشارك زغير وفاطمة شرف الدين، وهي كاتبة قصص أطفال، فكرة الكتابة للتسلية والترفيه في الدرجة الأولى، "فقد سئمنا الواقع العربي الباهت الذي تعكسه القصص التي كنا نقرأها. واليوم أكتب ما افتقدت اليه في صغري" تقول زغير. فيما القراءة، عند شرف الدين، "هي الوسيلة المثلى كي يكتشف الطفل العالم من حوله، وكذلك ذاته، ما يساعده على اكتساب الثقة بالنفس عند اندماجه مع الشخصية التي يقرأ عنها". وتضيف: "لكن ليس ضرورياً أن يضع الكاتب قيمة معينة أمام عينيه، لأن ذلك يسلب النص الصدق والتلقائية".

بدورها تؤكد رانيا المعلم، وهي مديرة التحرير في "دار الساقي" التي بدأت بنشر كتب موجهة للأطفال، الفكرة السابقة. اذ "نبحث عن كل ما هو جميل ممتع ومفيد، بعيدا من كتب الوعظ والتربية النصائحية". وهذا ما تتضمنه الكثير من الكتب التعليمية التلقينية والتي تفقد الطفل حبه للقراءة.


العربية.. ضعيفة؟
لا تجد زغير أن الطلاب اللبنانيين يعانون من ضعف في اللغة العربية خصوصا تلامذة المدارس الرسمية. علما أن لا وجه للمقارنة بين الطالب اللبناني والطالب السوري في اللغة العربية مثلا. "أبناؤنا لا يعانون من مشكلة في اللغة العربية. نحن خلقنا المشكلة. فمن الطبيعي أن يكره الطفل تاريخه ولغته وهو يرى أبويه يأخذان موقفا سلبيا تجاه الوطن والمجتمع العربي بأسره". وهذا ما لا توافقها فيه المعلم اذ ترى أن التلامذة اللبنانيين "يمتازون بقوة لغتهم الأجنبية وضعفهم بالعربية. لكن هذا لا يمنع ادخال بعض المصطلحات الصعبة التي من شأنها أن تدعم لغتهم العربية خلال استمتاعهم بالقصة، بعيداً من الجمل الركيكة والأخطاء الشائعة".

بيد أن زغير تحب أن تكتب "بالطريقة التي أتكلم بها. ليست العامية تماماً، لكن أفضل أن تكون طريقة تركيب الجمل قريبة للأسلوب المحكي". ويُفترض، كما عند شرف الدين، أن "تكون الجمل خفيفة وأن تكون كل مفردة مستخدمة في مكانها المناسب، كما يجب على الكاتب تفادي الحشو والتركيز على موسيقية النص. الا أن هذا لا يمنع من ادخال بعض الكلمات التي تفوق مستوى الطفل، والتي يمكن فهمها من خلال السياق. بهذه العملية، يستوعب الطفل المعاني الجديدة، فتغتني لغته بشكل عفوي".


متطلبات السوق
والحال أن الثقافة لا تخرج أيضا عن سياق التفكير الإقتصادي، اذ تقول شرف الدين أن "الناشر عادة يفكر بتسويق الكتاب وبالتالي يحاول ارضاء المستهلك. وهذا ما يعترض الكاتب في طرحه لمواضيع شائكة قد لا يتقبلها المجتمع العربي مثل الجسدية، انتقاد المعلم أو المربي، التعبير عن مشاعر الحب، استخدام مفردات غير موجودة في القاموس، استخدام أسماء شخصيات لها دلالة دينية (مسلمة كانت أو مسيحية)". لكن زغير لا تواجه المشكلة نفسها، ذلك أنها تملك دار نشر خاصة بها. "لا أريد أن أتبع المجتمع، بل أريده أن يتبعني". وكانت "الساقي" قد بادرت، في تجاوز ذلك، باصدار كتاب "خط أحمر"، لكاتبة ورسامتين لبنانيات، وهو يتناول موضوع التحرش الجنسي عند الأطفال وكيفية حمايتهم لانفسهم.

وتترجم "الساقي" كتباً للأطفال من اللغتين الفنلندية والانجليزية. وهذا، وفق المعلم، "يحمل للطفل اللبناني ثقافة جديدة وممتعة تخرج أطفالنا من التقوقع الذي زرعناه فيهم. كما أننا نفتقر الى كتب الأطفال الموجهة لعمر 13 الى 17 سنة، لذا نعتمد الترجمة كبديل مؤقت وليس كحلّ".

وعادة ما تلتزم قصص الأطفال التنميط الجندري بشكل تلقائي، اذ أن المجتمع الذكوري يفرض طبيعته على الكتابة بشكل عام. الا أن زغير وشرف الدين تعملان على الخروج من هذا السياق. "أؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة ومن هذا المنطلق أحاكي الشخصيات في قصصي"، وفق شرف الدين. أما زغير فهي تعتمد الاناث كأبطال لمعظم قصصها.


غياب التخصص
الاجماع على وجود تطور ما في هذا المجال، في لبنان، واضح. لكن تبرز مثلاً، وفق شرف الدين، مشكلة غياب "التخصص والدقة في هذا المجال"، وهذا ما يبرر غياب دوريات موجهة للأطفال. كما تغيب في لبنان، وفق زغير، "المكتبات التي تعتبر على قدر عال من القيمة، في مجال كتب الأطفال. وهذا الأمر دفعني وبعض الزملاء إلى تأسيس جمعية مكتبات الأمل بهدف تحفيز القطاعين العام والخاص على تقديم التمويل اللازم للقيام بنشاطات قراءة يتخللها توزيع كتب على أطفال لبنان بالتساوي".

وقد عانت زغير قبل تأسيس "الخياط الصغير" من عدم احترام بعض دور النشر للملكية الفكرية وعدم تسويق كتبها بشكل سليم. فيما تؤكد المعلم أن ليس هناك أي مشكلة تواجه طباعة الكتب "التي لا بد من أن تتمتع بالشكل الجميل باستخدام أجود أنواع الورق، وبالمضمون اللطيف". هكذا، تعتبر شرف الدين أن "الرسم عملية مكملة للكتابة"، فيما ترى زغير أن "الرسم والكلام القليل في القصص يحفزان الطفل على الغوص في الخيال والابداع".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها