الخميس 2015/05/28

آخر تحديث: 13:00 (بيروت)

حمص: عودة الرجل البخاخ

الخميس 2015/05/28
حمص: عودة الرجل البخاخ
النظام فرض على المحال تسجيل كل من يشتري علبة بخاخ لاعتقاله في حال وُجدت كتابات في منطقته
increase حجم الخط decrease
لم تكن حلقات مسلسل "بقعة ضوء"، التي عرضت قبل الثورة السورية، عن الرجل البخاخ محض خيال عند كاتبها عدنان زراعي، بل كانت أقرب إلى تصور أولي لما يمكن أن يقوم به الناس للتعبير عن مناهضتهم للسلطة. فالرجل البخاخ، الذي اشتهر في الثورة السورية، شخص ملثم وغير معروف يرسم على الحائط بحروف قليلة ما لا يستطيع الأشخاص المحكومون بالظلم قوله. وهو يظهر ويختفي فجأة، كأنه أحد أبطال المسلسلات الكرتونية.


وقد كان لجدران حمص موعد مع الرجل البخاخ كل يوم أثناء التظاهرات وتحت جناح الليل، ليرسم على الجدران العبارات المناوئة للنظام والمنددة بالعنف والقتل. لكن الانتكاسات التي تعرضت لها المدينة وانحسار النشاط المعارض في حي الوعر بعد سيطرة النظام على حمص الجديدة أديا إلى غياب هذه الظاهرة.

والحال إن مدينة حمص تقلصت لتصبح حيّاً واحداً، هو حي الوعر الذي يحتضن جميع سكانها، وقد كان يُعرف من قبل بحمص الجديدة. لكنه لاحقاً تحول فعلاً إلى مدينة حمص الجديدة بعد ان نزح جميع السكان إليه، حيث يعيش فيه اليوم نحو 300 ألف شخص، وهو يشهد أعمال قصفٍ وقنصٍ يومية. إلا أنّ الحي هذا لم يستسلم للسواد الذي يخيم عليه. فقد شهد في الأيام الماضية عودة مكثفة للرجل البخاخ الذي نشر البسمة والتفاؤل. ويروي أشخاص من حي الوعر أنّ الأهالي ينتابهم الفضول كل صباح لإكتشاف آخر ما خطه الرجل البخاخ. يخرجون في جولات صباحية لتفقد الجدران وحالما يقتربون، ترتسم على وجوهم ابتسامة متفائلة. بعضهم يقف ليشرح لزوجته أو ابنته تفاصيل الرسومات، وهناك من يقف باسماً رافعاً شارة النصر ليلتقط صورة.

يعمل الرجل البخاخ على رسم لوحات بسيطة على جدران الحي، السليمة منها والمدمَّرة، تحتوي على عبارات تدعو السكان للصبر وانتظار غد مشرق. غير ان فكرة الرجل البخاخ فكرة قديمة مجددة. كما انها تزامنت مع حملات شبيهة في ريف دمشق على سبيل المثال، وقد تأثرت بـ"الإبداع السراقبي" (نسبة إلى مدينة سراقب) على الجدران والذي وصل إلى المحافل الدولية والمهرجانات السينمائية، و"إبداع كفر نبل" التي اشتهرت بلوحاتها أيضاً. فكان أشبه بتلاقي أفكار حول العمل على جمالية الصورة والكلمة وربطها بمسيرة الثورة وأهدافها النبيلة.

ويبدو الرجل البخاخ كما لو أنه أكثر من أرعب النظام. اذ وزعت فروعه الأمنية، بعد إندلاع الثورة وتزايد الكتابات، أوراقاً أمنية على محلات بيع البخاخات والدهانات لتسجيل بيانات ومكان سكن كل من يشتري علبة بخاخ، ليُعتقل في حال وُجدت كتابات في منطقته.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها