السبت 2015/10/03

آخر تحديث: 20:56 (بيروت)

نحاس ل"المدن":للمواطن حق الامتناع عن الدفع للدولة

السبت 2015/10/03
نحاس ل"المدن":للمواطن حق الامتناع عن الدفع للدولة
نحاس: القانون يقضي بحبس الموظف الذي يلزم مواطن بدفع ما لا يتوجب عليه (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
شربل نحاس، وزير الإتصالات الأسبق عام 2009، ثم وزير العمل في الحكومة اللاحقة عام 2011. قام خلال توليه للوزارة بمقارنة الإنفاق خلال السنوات 2006 و2007 و2008، الذي تم وفقاً للموازنات اللإثني عشرية، ليتبين أن الإنفاق يفوق سقف موازنة 2005 بـ3أضعاف. ويعلن عن فضيحة هدر 11 مليار دولار أميركي من المال العام. عام 2014 تقدم نحاس ومجموعة من المتضررين من واقع هدر المال العام بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة لحماية المال العام من خلال إتخاذ إجراءات إحترازية للإشراف والرقابة عليه. على خلفية المراجعة القضائية دعا نحاس اللبنانيين الى الإمتناع عن دفع الضرائب الا لدى الكاتب العدل بسبب غياب النص المبرر لجبايتها.إنطلاقاً من الأبحاث والتدقيقات التي اجراها نحاس على واقع تعامل الحكومات مع المال العام ومشروعيته يوضح لـ"حق عام" أهم الملابسات المتعلقة بقضية الموازنة.  

 *يعرف قانون المحاسبة العمومية الموازنة على أنها "صك تشريعي... عن سنة مقبلة، تجاز بموجبه الجباية والإنفاق"، وعلى الرغم من ذلك تستمر المؤسسات الرسمية بالجباية والإنفاق منذ عام 2006 من دون إصدار أي موازنة. ما هو السند القانوني لقيام الدولة بالجباية والإنفاق في هذه الحالة؟ وهل تتمتع أصلاً بأي سلطة لجباية الأموال العامة وصرفها من دون موازنة؟


لا يوجد في القانون اللبناني أي مادة تتحدث عن حالة عدم إرسال الموازنة من قبل الحكومة الى مجلس النواب. ومبرر عدم تطرق المشرع لهذه المسألة يكمن في تعريف الموازنة من جهة، وفي تحميل قانون المحاسبة العمومية الوزير مسؤولية الإنفاق خارج إطار الموازنة من أمواله الخاصة.

فوفقاً للقانون، يعتبر الوزير مسؤولاً بشكل شخصي ومن أمواله الخاصة عن كل النفقات التي يعقدها متجاوزاً الإعتمادات المفتوحة لوزارته بموجب قانون الموازنة أو قوانين خاصة. ولم يتوقع المشٍّرع أن يجازف أي وزير بتحمل المسؤولية عن الإنفاق العام من أمواله الخاصة.

من ناحية ثانية يتضح من تعريف الموازنة أنها الإجازة التي تحتاجها الحكومة نفسها للجباية والإنفاق. بالتالي، يفترض المشرع لهذه الناحية أن تكون الحكومة الجهة الأكثر تمسكاً بإقرار الموازنة في مهلها الدستورية، تفادياً لشل قدرتها على الجباية والإنفاق.

كذلك الأمر لناحية الجباية، فقانون  العقوبات  واضح لناحية  تطبيق المادة 361 التي تقضي بحبس الموظف الذي يلزم شخصاً على أداء ما يعرف أنه غير واجب عليه وتغريمه ضعف المبلغ الذي يقوم بجبايته أو قبضه من دون إذن شرعي. والإذن الشرعي للجباية هو قانون الموازنة.

* هل يوجد أي ثغرة في القانون اللبناني تبرر عدم إقرار الموازنة منذ عام 2006؟ وماذا حصل بالطعن الذي تقدمتم به العام الفائت أمام مجلس شورى الدولة "حفاظاً على المال العام؟ 


لا يوجد أي حجة قانونية تبرر أو تسمح بالإمتناع عن إقرار الموازنة. بل وعلى العكس من ذلك، يتطرق الدستور اللبناني الى الموازنة في العديد من مواده، الأمر الذي يكرس أهميتها. وعلى الرغم من غياب أي حجة قانونية، لا تزال الدعوى المقدمة أمام مجلس شورى الدولة لحماية المال العام قيد الدرس منذ سنة تقريباً، من دون أي تقدم ملموس.

وينص الدستور في المادة 31 منه على تخصيص جلسات العقد العادي الثاني لإجتماعات مجلس النواب، لـ"البحث في الموازنة والتصويت عليها قبل أي عمل آخر". وتعطي المادة 65 مجلس الوزراء صلاحية  "حل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية ... في حال رد الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل". وتعتبر المادة نفسها  "الموازنة العامة للدولة" من بين  "المواضيع الأساسية".

يضاف الى ما تقدم المواد من 83 الى87 التي تحدد الخطوط العريضة لإعداد الموازنة، فتح الإعتمادات الإستثنائية أو الإضافية، صلاحية السلطة التنفيذية بالنسبة لتعديلها، حالة عدم إقرار الموازنة خلال المهل المحددة وصلاحية مجلس الوزراء بإصدارها من دون التصويت عليها في مجلس النواب.

 

* هل يحق للمواطن إذن أن يمتنع عن أداء الأموال للدولة في ظل غياب الموازنة العامة؟ وهل من إجراء قانوني بديل، يحافظ على المال العام، يمكن للمواطن اللجوء اليه لأداء الرسوم والضرائب وغيرها من الأموال التي تتوجب عليه لمصلحة الدولة؟ وهل يمكن للدولة أن تجبي أموال السنوات السابقة بعد إقرار أي موازنة في المستقبل وبناء عليها؟


يجب على المواطن قانوناً، أن يمتنع عن الدفع. فإذا أصرّ الجابي يطبق عليه نص المادة 361 من قانون العقوبات. وتؤكد المادة 40 من قانون المحاسبة العمومية ذلك، معتبراً المشرع فيها  أنه لا يجوز تحصيل أي ضريبة أو رسم لم تجزها السلطة التشريعية بموجب قانون الموازنة، ويلاحق المخالف وفقاً لأحكام المادة 361 من قانون العقوبات.

وأمام تمنع الشخص، يكون الجابي أمام حلين: إما أن يطبق القانون من خلال الإعتراض لدى المدير العام على إرساله للجباية لما يترتب على الأمر من مسؤولية جزائية، أو أن يرفع تقريراً الى إدارته حول الإمتناع عن الدفع،  فيرسل الى الشخص إنذاراً مضمونه أن دين الدولة ممتاز على أموال الممتنع.

في الحالة الثانية،  يمكن للشخص أن يرفع دعوى أمام مجلس شورى الدولة موضوعها تعسف الدولة بجباية الأمول وتحميله ديون غير مستحقة عليه. بمطلق الأحوال هذه الصيغة لا يمكن تطبيقها على الضرائب غير المباشرة مثل الضريبة على القيمة المضافة TVA التي تجبى تلقائياً عند دفع سعر السلعة مثلاً.

في مطلق الأحوال، يمكن للمواطن أن يودع الأموال لدى كاتب العدل، ليرفع عن نفسه أي مسؤولية ممكنة.

أما عن إمكانية الجباية بموجب موازنة جديدة عن السنوات السابقة عليها، فذلك غير ممكن بناءً على قاعدة "عدم رجعية النص القانوني". ولكن يبقى للدولة مخرج تستطيع أن تسلكه من خلال التصويت على تعديل جميع قوانين الضرائب.

------------------
الإستمرار بالإمتناع عن إقرار الموازنة مخالفة دستورية تضرب أساس النظام وتهدد المال العام.والحال أن السلطة الوحيدة التي يمكن التعويل عليها اليوم لتصحيح هذا الواقع هي السلطة القضائية، لإتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المال العام. بالإضافة الى إمكانية ملاحقة كل من تعدى على الأموال العامة بشكل شخصي. غير أن مجلس شورى الدولة لم يحرك ساكناً امام المراجعة المقدمة أمامه. بالمقابل تقوم النيابة العامة المالية ببعض الإستدعاءات للتحقيق في قضايا هدر المال العام، لآخرها لوزير الطاقة سابقاَ جبران باسيل في ملف الكهرباء.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها