الثلاثاء 2014/07/22

آخر تحديث: 12:47 (بيروت)

متطوعو "الخدمة الإجتماعية": نحن أيضاً نعاني

الثلاثاء 2014/07/22
متطوعو "الخدمة الإجتماعية": نحن أيضاً نعاني
مخيم لللاجئين السوريين في عرسال (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

تتجه إغاثة النازحين في إتجاه واحد. وفي الغالب، لا يُهتم بتأثيراتها العكسية على الفاعلين في عملية الإغاثة. والتفكير في الأمر يرجع إلى تعامل العاملين في "الخدمة الاجتماعية" مع حالات صعبة، إنسانياً ونفسياً ومادياً. وهذا ما لا يمكن أن يقاربه الناشطون بحيادية تامة على ما يفترض بهم، في معاييرهم، أن يفعلوا. والحال أن "الخدمة الاجتماعية في لبنان غير فعالة، ذلك أن عاملي السياسة والمال دائماً ما يؤثران سلباً فيها"، على ما تقول رنيم جمعة، وهي تعمل في هذا المجال منذ سنتين. وهذا ما يحصل، وفقها، في عملية مساعدة النازحين في صيدا. "إذ نحرم من المساعدات لأسباب سياسية، ونكون في أوقات غير قليلة غير قادرين على تقديم مساعدات، وتحديداً المادية منها".

وهذا، في مقام تال، يؤثر سلباً على المتطوع نفسه بعد أن يضر النازح، ويحرمه من أبسط حقوقه. "أحب هذا الشغل. لكن عندما تتعاطى مع حالات صعبة كهذه، ولا تتمكن من مساعدتها يتملكك عذاب الضمير. كنت أرجع يومياً إلى البيت منهكة نفسياً وأبكي". لكن هذا ما لا يستمر إلى ما لا نهاية. "لاحقاً، وبعد أن ترى كثيراً، تصير لامبالياً"، وفق جمعة. وهذا التأثير لا يخفى على المؤسسات الرسمية والجمعيات المدنية. "لكن في حالتنا، مثلاً، وعدنا، مرة في ورشة عمل، بمتابعة هذا الموضوع. لكن هذا ما لم يحصل فعلياً".


لا دعم مؤسساتياً


هذا ما تربطه سمية منيمنة بـ"غياب التمويل، وليس غياب المعرفة بضرورة الدعم النفسي وأهميته. ذلك أننا في عملنا نتبع للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين". والتأثر، عندها، بقصص اللاجئين مما لا مفر منه. "أحياناً، ومن شدة المعاناة، لا يمكننا الفصل بين المهني والشخصي، كسماعنا لقصة تعذيب طفل عمره 14 سنة. لكننا نجرب أن ننسى قليلاً"، وفقها. لكن، ومثل الحالة السابقة، يدخل العمل في دوامة العادة. "يخف التأثر، الآن، قليلاً. أجرب أن أخفف الضغط عن نفسي". على أن هذه الجهود الذاتية لا تُرافق بدعم نفسي مؤسساتي، رغم وعود حول هذه المسألة. على أن العاملين، في ما بينهم، ينفذون تمارين خاصة خارج الشغل. "مثل المشي أو أساليب التنفس والترويح عن النفس. لكن أحياناً تصل إلى مرحلة لا يمكنك سماع أحد".

لا مجال لتجنب الضغط، عند رنا خوري. "لكن عندما نرى تجاوباً من الحالات مع مبادراتنا، يخف تعبنا ويحملنا هذا الأمر على الصبر". لكن في "كاريتاس"، حيث كانت تعمل خوري مع النازحين، يوجد إختصاصي نفسي يدعم العاملين. "ونحن نستفيد أيضاً مما نعلمه للناس من أجل تدعيم حالتهم النفسية، إذ نطبقه على أنفسنا. وهذا أمر ضروري جداً". والحال أن خوري أنهت عملها في هذا المجال، لكن لم يكن الضغط النفسي هو السبب. "كنت مبسوطة في ما أقوم به"، تقول خوري، وهي تناقض ما جاء عند جمعة ومنيمنة من أن هذا الضغط، في حال تطوره، قد يكون أحد أسباب تركهما للعمل مستقبلاً.


حافز للمساعدة


بدأ محمود البواب العمل في الإغاثة منذ سنة وشهرين تقريباً. لكن الحالات التي يتعرض لها، في عمله في منطقة النبطية، "ليست قاسية كثيراً. وفي الغالب يكون للنازحين معارف في هذه المنطقة". وهو لا يعيش هاجس التأثر السلبي، نفسياً، من هذه الحالات. "يهتز واحدنا من داخله طبعاً عند مقابلته حالات كهذه، لكنه في الوقت عينه يقدر النعمة التي يعيش فيها". ويبدو واضحاً غلبة النساء في أعمال الإغاثة. وهذا ما لا يؤيده البواب إلا "في حدود بعض المعايير. ذلك أن بعض المجالات لا تحتاج إلا لإناث، وخصوصاً في موضوع الخصوصية والنساء يشكين لبعضهن. بينما لا تجد رجلاً يجيء ليشتكي لرجل آخر، ويكسر نفسه".

ودخول إليسا شما مجال الإغاثة يعود إلى تجربة شخصية في صغرها. "لكن أيضاً بلدك يستقطب نازحين، لهم حقوق أيضاً. لا يمكنك أن تقعد جانباً وتتفرج". وتحاول "جمعية التنمية للإنسان والبيئة- DPNA"، التي تعمل فيها شما بعد بداية تطوعية، أن تساعد في تأمين الحاجات الأساسية للنازحين. "وطبيعي، حين تستمع إلى معاناة هؤلاء الأشخاص بشكل يومي، أن تتأثر. وخصوصاً إذا لم يكن بإمكانك إعطاءهم كل ما يحتاجونه، فيوجعك قلبك". على أن هذه "الأزمة" تخلق، في مداها الآخر، حافزاً للعاملين في هذا المجال للسعي أكثر والبحث عن جمعيات ومؤسسات أخرى يمكنها أن تساعد النازحين في مجالات أخرى، على ما تشير شما. "ونحن لا نعتبر أنفسنا موظفين. هذه خدمة نقدمها للمجتمع كأعضاء فاعلين فيه". والاندفاع والدعم "الأسري" داخل الجمعية هما ما يمكن أن يساعدا المتطوعين في تحمل ما يتعرضون له. "نملك شرعة مبادئ. ونعاون بعضنا. لسنا بيروقراطيين. نحن فريق عمل ندعم بعضنا".

increase حجم الخط decrease